ماذا تبقى لكم؟ ،،، محمد سالم

الأحد 18 أبريل 2021 11:29 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا تبقى لكم؟  ،،، محمد سالم



للكاتب البريطاني ذائع الصيت جورج أورويل"1903-1950" وهو مؤلف الروايتين الشهيرتين " مزرعة الحيوانات ، ورواية 1984" , والاثنتان تظهران بشكل متكرر في قوائم أفضل الكتب، وقد لاقتا نجاحا كبيرا ، فانتشرتا عبر العالم وترجمتا الى جميع اللغات الحية تقريبا، والروية 1984 ، تحديد طبيعة خاصة قاتمة.. وصفة تنبيه مثيرة للاهتمام ، حيث يصف الكاتب علما مخيفا يعامل فيه الناس مثل قطيع من الاغنام يساقون على يد حكام مجهولين؛ لتحقيق اغراض غير واضحة ، مع الخضوع المستمر لإعلام غير صادق تتوه فيه الحقائق فلا يمكن معه التفرقة بين الصدق والكذب. رغم ان الرواية 1984 نشرت عام 1949, فان كثيرا من النقاد يرون ان ما ورد فيها ينطبق على الحياة المعاصر الان .
 

كذلك .. لوزير خارجية نابليون واسطورة الدبلوماسية الفرنسية تاليران- مقولة ألمعية : " كل ما يبالغ فيه أمر غير ذي أهمية" هذه فلسفة القيمة في السياسة ملخصة في بضع كلمات.
 

على جنب حديث الانتخابات "إذا تمت" وهو ليس حديث مفتوحا لان مضمونه كله كليشيهات من افراز التركيبة الذهنية القديمة العشوائية  البدائية التى اهدرت الطاقات والقدرات؛ والاهم اهدرت الزمن، ومع هذا . لازال المستفيد، ليعدو جواده  بنفس المسار.
 

وفكرة الانشغال بحاجة عن حاجة اهم او مماثلة او اقل اهمية ولكن يصعب تأجيلها عندما يتعلق الامر بإرادة  شعب. ولكن من منطلق الديموقراطية ايضا اى من منطلق سياسي عملي . فالديموقراطية تقوم وتقعد على التواصل ، خصوصا بين الناخب ومن سيمثله او يمثله وهذا يحدث فى الديموقراطيات الراسخة تلقائيا، وبمبادرة من المترشح الذى يريد ان يمثل الناس فهو يعقد اللقاءات والمؤتمرات ويقوم بالزيارات الشخصية حتى للأفراد شارحا باستفاضة لأفكاره وانتماءاته وولاءاته وكذلك برنامجه . كل ذلك لم يحدث منه شئ ؟!
 

بمعنى .. تمت الانتخابات , ما هو القالب العام الذي يودون أن يطرحوا انفسهم من خلاله؟  غير المبالغة,  فعملية استجلاب رضا المواطن ستكون صعب؛ ومالم يكن الانسان قادرا على اثبات وجوده لن يعطيه أحد أي مصداقية. أستعير من الاديب الشهيد. غسان كنفاني عنوان روايته (ماذا تبقى لكم؟)! فهل استيقظ صانع الانقسام الاسود - سيئ الصنع- على كارثة بالنسبة له، بعد التحقق من حوار الانتخابات؟ ليصبح  على وعي بخطورتها، ويطاره كلعنة فرعونية، و وجد أن الشعب يفهم أكثر من أن يتعرض لخديعة هؤلاء. بعد سنوات العمل بمنطق الفهلوة و"عبيله واديله" وعمليات الاستسهال والكروتة، لتتحطم على صخرة المواطن الواعي، الذي لا يرضى إلا ببرنامج سياسي واضح يحترم عقله.
 

قد يبدو ان الحديث عن الانتخابات اليوم ترف لا لزوم له ، هذا للسان حال المستفيد ، ولكن الحقيقة ان الحديث فيها هو بامتياز حديث فى السياسة وهو فرض عين على كل الناس فى كل وقت ,خصوصا ان كانت مشكلة المجتمع الاصلية والاساسية والقائمة منذ وقت طويل هي مشكلة شبه حكم مدمر. لأكثر من خمسة عشر عاما.

 
الكلام عن الانتخابات والاحزاب والحياة السياسية، يقتضي ان  تكون هناك مقومات وإرادة، نحو سياسة حقيقية واصيلة على طريق الديمقراطية ؛ بلا وصاية الا من رأى الشعب. وإجبار الناس على تعاطيه طوعا أو كرها، وقسرهم على قبول رواية أحادية للواقع المؤسف، حتى لو كانت هذه الرواية عوراء شوهاء صلعاء !. لربما ينجحون في خداع بعض الناس، بعض الوقت، لكن من المستحيل أن يخدعوا كل الناس، كل الوقت. ويوما ما قال شوقي صادقا : وغداً يعلمُ الحقيقةَ قومي.. ليس شيءٌ على الشعوبِ بسرِ!