ذكر تقرير إسرائيلي أن الولايات المتحدة الأميركية، نسقت مع الحكومة الإسرائيلية، قبل اتخاذ إدارة الرئيس جو بايدن، قرار رفع عقوبات فرضتها إدارة سلفه دونالد ترامب، على قضاة وموظفي في المحكمة الجنائية الدولية.
وأفاد موقع "واللا" الإسرائيلي بأن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تحدث إلى نظيره الإسرائيلي، غابي أشكنازي، أمس الجمعة، وأخطره نهائيا بالقرار الذي اتخذته الولايات المتحدة حول رفع العقوبات عن الجنائية الدولية قبل إعلانه رسميا.
وأشار التقرير إلى أن إدارة بايدن اتخذت قرارها برفع العقوبات عن الجنائية الدولية، في ظل طرح المسألة أمام القضاء الأميركي، حيث نظر المحكمة الفيدرالية، في التماس قدم لها في هذا الشأن، وكان من الضروري الرد عليه بحلول يوم الإثنين المقبل.
وخلال الأيام الماضية، أبلغ مسؤولون في الإدارة الأميركية، نظرائهم في الحكومة الإسرائيلية، أن السلطات الأميركية ستجد صعوبة في تبرير العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على قضاة وموظفي الجنائية الدولية، أمام المحكمة الفيدرالية الأميركية، ولن تتمكن كذلك من طلب تأجيل آخر لجلسة النظر في الالتماس.
وشدد مسؤولون إسرائيليون على أن إدارة بايدن أخرت رفع العقوبات قدر الإمكان بناء على طلب إسرائيلي، معتبرين أنه "بمجرد أن قررت المدعية العامة في المحكمة، فاتو بنسودا، فتح تحقيق في القضية الفلسطينية (في جرائم حرب إسرائيلية ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967) - لم تعد العقوبات ذات قيمة".
وسارعت المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ لاهاي مقرا لها، إلى الترحيب بقرار بايدن رفع العقوبات التي فرضها ترامب على المدعية العامة للمحكمة، معتبرة أن هذه الخطوة تفتتح "حقبة جديدة" من التعاون مع واشنطن.
لكنّ بايدن أكد أن واشنطن تواصل "معارضة" رغبة المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات تتعلق بـ"أفراد من دول غير موقّعة" على معاهدة روما التي أنشأت المحكمة، ومن بين تلك الدول "الولايات المتحدة وحلفاؤها"، وذلك في إشارة إلى التحقيقات في ارتكاب جرائم حرب أميركية في أفغانستان، وفي إشارة أيضا إلى فتح تحقيق في جرائم حرب إسرائيلية ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال بايدن: "سنحمي بقوة طاقم الولايات المتحدة الحالي والسابق" من هذه التحقيقات. وفي مسعى منه لتوضيح قراره اعتبر بايدن أن "التهديد وفرض عقوبات مالية على المحكمة (...) ليس إستراتيجية مناسبة أو فعالة"، لذلك "قام بإبطال" المرسوم الرئاسي الذي أصدره سلفه في حزيران/ يونيو الماضي والذي يتيح معاقبة قضاة.
وقال بلينكن في بيان "نتيجة لذلك، تم رفع العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا" ومسؤول آخر هو فاكيسو موشوشوكو، بالإضافة إلى العديد من القيود على التأشيرات كانت فُرضت في عام 2019 ضد موظفين في المحكمة. وأوضح أنه يفضل "الحوار" بدلاً من "العقوبات".
ودعا بلينكن إلى إصلاح المحكمة الجنائية الدولية قائلا إن "دعمنا لسيادة القانون والوصول إلى العدالة وإمكانية محاسبة المسؤولين عن الفظائع الجماعية هي مصالح أمن قومي مهمة للولايات المتحدة".
من جانبها، قالت رئيسة لجمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي (المحكمة الجنائية الدولية)، سيلفيا فيرنانديز دي غورمندي، "أود أن أعرب عن ارتياحي العميق للقرار الذي اتخذته اليوم حكومة الولايات المتحدة (...) برفع العقوبات المؤسفة ضد مدعية المحكمة الجنائية الدولية".
وأضافت في بيان "أرحب بهذا القرار الذي يسهم في تعزيز أعمال المحكمة وبشكل عام في تعزيز نظام دولي قائم على القانون"، وقالت دي غورمندي إن الجنائية الدولية "رحبت دائما بمشاركة الولايات المتحدة" في عملها، على الرغم من أن واشنطن لم تصدق على قانون روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية.
وأردفت "أنا مقتنعة بأن هذا القرار يمثل بداية مرحلة جديدة في التزامنا المشترك بمكافحة الإفلات من العقاب" في ما يتعلق بجرائم الحرب. وأشارت إلى أن قرار إدارة بايدن قد "تم تبنّيه في وقتٍ شرعت فيه جمعية الدول الأطراف والمحكمة في عملية مراجعة واسعة لتحسين نظام روما الأساسي".
وقال بلينكن خلال إعلانه عن رفع العقوبات، إن هذه الإصلاحات مشجعة.
هذا دعا وزير الخارجية الأميركي، بلينكن، خلال الاتصال الهاتفي مع أشكنازي، الحكومة الإسرائيلية، إلى ضمان "المساواة" في المعاملة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، حسبما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، بعد الاتصال الهاتفي بين بلينكن وأشكنازي، إن وزير الخارجية الأميركي "شدد على قناعة الإدارة بأن الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بدرجة متساوية من الحرية والأمن والازدهار والديمقراطية".
وأضاف أن وزيري الخارجية بحثا خصوصا في "المساعدة الإنسانية للفلسطينيين" التي استأنفتها إدارة الرئيس بايدن بعدما علقها الرئيس السابق دونالد ترامب. وتابع أن بلينكن "أكد مجددا دعم الولايات المتحدة الحازم لاسرائيل وأمنها"، والتزامه "تعزيز جميع جوانب الشراكة الأميركية الإسرائيلية". كما عبر عن دعمه للاتفاقات التي أبرمتها إسرائيل العام الماضي ،لتطبيع العلاقات مع أربع دول عربية أخرى.
يذكر أن إدارة ترامب كانت قد أصدرت في حزيران/ يونيو الماضي، أمرا تنفيذيا يقضي بفرض عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، ويشمل الأمر التنفيذي، فرض عقوبات اقتصادية على موظفي المحكمة، المعنيين بالتحقيق مباشرة مع مسؤولين أميركيين، وتعليق إصدار تأشيرات دخول لهم ولعائلاتهم.
وفي 2019، ألغى وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، تأشيرة دخول المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، كما تعهد بإلغاء تأشيرات الدخول لأي شخص متورط في تحقيق ضد مواطني بلاده.
وحينئذ، أفادت بنسودا بأن المحكمة لديها معلومات كافية لإثبات أن القوات الأمريكية "ارتكبت أعمال تعذيب وانتهاكات واغتصاب وعنف جنسي" في أفغانستان خلال عامي 2003 و2004.
وتغادر الغامبية فاتو بنسودا منصبها في حزيران/ يونيو ويحل مكانها المحامي البريطاني كريم خان، المتخصص في مجال حقوق الإنسان.