أصدر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية "مدى" نتائج المقياس السنوي لحرية الصحافة في فلسطين بنسخته الثالثة، التي تغطي العام الماضي 2020، وترصد مجموعة من المؤشرات التي تقيس مدى التقدم والتراجع في مستوى حرية الصحافة في الضفة الغربية وقطاع غزة، مقارنة بما كانت عليه نتائج تلك المؤشرات في العامين السابقين (2018 و2019). ويأتي هذا التقرير ضمن مشروع خطوة إلى الأمام نحو تعزيز حرية التعبير في فلسطين والممول من الاتحاد الأوروبي.
واستخدم مركز "مدى" ذات المنهجية المبنية على المقارنة بين عام واخر والمستندة لمجموعة من المؤشرات الدولية ذات العلاقة التي يستخدمها بيت الصحافة ومراسلون بلا حدود، ومؤشرات تطور الاعلام الخاصة بمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو، الى جانب ما كان اقره مجموعة من الخبراء والمختصين خلال مشاورات اجراها المركز لهذه الغاية.
وبنيت منهجية القياس على مجموعة من المحاور تشمل الضمانات القانونية لحرية الصحافة، القيود القانونية والمجتمعية على حرية الصحافة، واستقلالية عمل وسائل الاعلام، وتنوع المضامين، والرقابة الذاتية والاجراءات الحكومية، والسياسات التمويلية، والشفافية والحصول على المعلومات، والتنظيم الذاتي للصحفيين/ات وحمايتهم.
وضمت عينة الدراسة في نسختها الثالثة 370 صحافيا وصحافية (238 من الضفة و132 من قطاع غزة) اضافة الى 46 مؤسسة اعلامية (35 من الضفة و11 من غزة) و8 مؤسسات حقوقية (5 من الضفة و3 من غزة).
وأظهرت نتائج مؤشر فلسطين لحرية الصحافة خلال العام 2020 تحسنا محدودا، حيث بلغ المؤشر في مجمل المجالات التي تم قياسها 494 نقطة، مقارنة بما مقداره 460 نقطة خلال العام 2020 اي بارتفاع قدره 34 نقطة، وبما مقداره 7 نقاط عن العام 2018، علما ان المجموع الكلي لنقاط القياس هو 1000 نقطة.
ورغم هذا التحسن الا ان تصنيف المؤشر بقي في نسخه الثلاث بالسنوات الماضية 2018 و2019 و2020، ضمن فئة "اللون البرتقالي/الحساس" ولم يتجاوز حاجز المنتصف وبقي دون التصنيف المتوسط، او الفئة المتوسطة.
وسجل التغيير الاكبر في المؤشر خلال العام الماضي 2020 بالضفة الغربية (63 نقطة) مقارنة بقطاع غزة الذي بلغ مقدار التغيير فيه 9 نقاط، ما دفع بمجمله المؤشر العام للتحسن بنسبة 7.4% خلال مقارنة بما كان عليه بالعام 2019.
وبني مقياس حرية الصحافة على 8 مجالات تضم 72 مؤشرا استخدمت لقياسها، وقد كانت نتائج المجالات ما بين "الصعب والجيد"، حيث حققت 4 مجالات منها نقاطا تزيد عن 50% وتقل عن 56% من قيمة المؤشر.
ومقارنة بغيره من المجالات التي يضمها المؤشر، فقد حصل مجال "استقلالية عمل وسائل الاعلام" على اكبر عدد من النقاط (552 نقطة من اصل 1000)، مرتفعا بمقدار 82 نقطة عن العام 2019، تلاه مجال "الرقابة الذاتية والاجراءات الحكومية" الذي حصل على 546 نقطة، بارتفاع قدره 45 نقطة عن العام 2019، فيما حصل مجال "التنظيم الذاتي للصحفيين وحمايتهم" على 529 نقطة (متراجعا 52 نقطة عن العام 2019)، وحصل مجال "السياسات التمويلية" على 516 نقطة مرتفعا بمقدار 83 نقطة عن العام 2019.
وحصلت المجالات الاربعة الاخرى على نسب تتراوح ما بين 41.3% و 48.5% من قيمة المؤشر، حيث حصل مجال "القيود القانونية والمجتمعية على حرية الصحافة" على 485 نقطة، بارتفاع قدره 6 نقاط عن العام 2019، وحصل مجال "الشفافية والحصول على المعلومات" على 454 نقطة متراجعا بمقدار 36 نقطة، وحصل مجال "وسائل الاعلام وتنوع المضامين" على 446 نقطة متراجعا بمقدار 8 نقاط وحصل مجال "الضمانات القانونية لحرية الصحافة" على 413 نقطة بارتفاع قدره 59 نقطة عن العام 2019.
ويرى مركز "مدى" استنادا لمؤشرات مقياس حرية الصحافة، ان السياسات الحكومية ما تزال تفتقر الى اجراءات حقيقية من شأنها تعزيز حرية الصحافة في فلسطين، فعلى الرغم من انخفاض عدد الحالات الا ان عمليات توقيف الصحفيين استمرت الى جانب عمليات الاستدعاء، في حين لم تحدث أي مواءمة للتشريعات مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان ولم يحصل اي تغيير فيما يتعلق بقانون الحق في الحصول على المعلومات، وما تزال الحماية القضائية لحرية الصحافة ضعيفة وسلبية، ما تزال الرقابة الذاتية تحد بشدة من حرية الصحافة.
وبناء على ما سلف، فان مركز "مدى" يجدد التأكيد على ضرورة اقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات وتوفير الاليات اللازمة لتطبيقه، ومواءمة التشريعات مع المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير، والغاء اي تشريعات قانونية نافذة تتيح اغلاق المؤسسات الاعلامية او المواقع الالكترونية دون حكم قضائي واقرار التشريعات الضامنة لحرية الصحافة وفقا لما نص عليه القانون الاساس الفلسطيني، واشراك الصحافيين ومنظمات المجمتع المحدني في اي نقاش رسمي حول تعديل القوانين المتعلقة بحرية الصحافة او باصدار قوانين جديدة متصلة بذلك، وتوقف الاجهزة الامنية في الضفة وغزة عن استدعاء وتوقيف صحافيين/ات على خلفية عملهم الصحفي، وتشكيل مجلس اعلى مستقل للاعلام، واعادة النظر في السياسات المالية الحكومية تجاه وسائل الاعالم خاصة ما يتعلق بالرسوم والضرائب المفروضة عليها وتقديم مساعدات فورية للمؤسسات الاعلامية المهددة بالاغلاق بسبب الخسائر الفادحة الناجمة عن انتشار وباء كورونا.