قال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي إن خلافات اليسار الفلسطيني (الرسمي) قد لا تُنتج مع الأسف الشديد كتلة موحدة لخوض الانتخابات العامة، رغم أن اليسار (الشعبي) الذي يمثله جمهور اليسار الواسع وكوادره تواق لذلك.
وأضاف الصالحي، في تصريخات لـ (صحيفة القدس): إن حزب الشعب سيستمر بالسعي لتحقيق ذلك مع اليسار (الشعبي)، ومع أي قوى ديموقراطية راغبة بذلك، وخاصة مع الحراكات الشعبية، والقوى القطاعية والمجتمعية، من أجل تشكيل الكتلة الشعبية المنشودة، التي كنا نريد لقوى اليسار جميعها أن تكون في مركزها، وقد اتفقنا مع أربع حراكات على العمل سويا في هذا الاتجاه، وهناك أفق لتوسيع ذلك.
وجدد الصالحي التأكيد على أن "حزب الشعب لن يشارك بانتخابات دون مشاركة المقدسيين داخل مدينتهم بهذه الانتخابات تصويتًا وترشحًا ودعاية وفي كافة مفاصل العملية الانتخابية"، وحذر من أن يضغط المجتمع الدولي بشكل عكسي على الفلسطينيين لقبول إجراء الانتخابات بدون القدس، بطريقة أو بأخرى، حينما يفشل بالضغط على إسرائيل، لافتا إلى ان هذا التخوف نابع من تجارب سابقة.
وأكد امين عام حزب الشعب عدم وجود ضمانات للقبول بنتائج الانتخابات سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الدولي، مشيراً إلى أنه لا توجد ضمانات في حال إجراء الانتخابات بأن تعيد حركة حماس الوضع في قطاع غزة إلى ما كان عليه قبل الانقسام عام 2007، وأن لا تتعثر هذه العملية كما تعثرت سابقاً رغم الاتفاقات التي تمت بشأنها.
وفيما يلي نص المقابلة:
س: مع بدء فتح باب الترشح، أين وصل حزب الشعب الفلسطيني في حراكه لخوض الانتخابات؟
ج: نحن دعونا منذ البداية لتشكيل كتلة شعبية تضم قوى وشخصيات ديمقراطية وحراكات مجتمعية، وبأن تكون قوى اليسار الفلسطيني في مركز هذه الكتلة. نحن سنستمر في هذا الجهد بمن هو مستعد من قوى اليسار حتى اللحظة الأخيرة، وباعتقادنا فإن هذه الكتلة عليها مهمة كسر الحالة الثنائية القائمة بين حركتي فتح وحماس، وتعزيز قضية الصمود المقاوم عبر السياسات الاقتصادية - الاجتماعية والمدنية في النظام السياسي الفلسطيني.
وللأسف الشديد فإن اليسار (الرسمي) وبسبب العقلية الفئوية يوشك أن يضيع هذه الفرصة، لكننا سنستمر في السعي لذلك، خاصة وأن اليسار (الشعبي) الذي يمثله جمهور اليسار والعديد من كادراته، التي وجهت نداءات مباشرة لقياداتها من أجل ذلك، تواق لتحقيق هذه المهمة، كما هو حال العديد من الحراكات المجتمعية والقوى الديموقراطية الأخرى. وكما قلت نحن سنستمر في العمل مع هؤلاء ومع من يشاركنا هذه الرؤية من قوى اليسار .
ومبدئياً لدينا اتفاق مع أربع حراكات مجتمعية للعمل سوية، وهناك أفق لتوسيعها، كما توجد قوى ديموقراطية أخرى مستعدة للشراكة في هذا المشروع التغييري الكبير، ونحن سنستمر مع من يتوافق معنا على ذلك. هذا هو البديل الفعلي لهذه الثنائية وللسياسات الاقتصادية- الاجتماعية وتراجع الحريات الذي شهدناه، وليس البديل (الليبرالي) أو (الذاتي) الذي يريد تسويق نفسه كبديل من نفس المدرسة لهذه الثنائية.
س: ما هي تلك الخلافات بين قوى اليسار الفلسطيني؟
ج: ما أستطيع قوله أن جوهر الاختلاف بين قوى اليسار هو تغليب النزعة الفئوية على جوهر المصلحة العامة، وهو أمر لطالما تكرر وبسببه ضاعت فرص توسيع قوة هذا اليسار كتيار مركزي في الساحة الفلسطينية، لقد تم الاتفاق على المرجعية السياسية وعلى البرنامج الاجتماعي –الاقتصادي، وحتى على ضوابط وقرارات الكتلة البرلمانية، ولكن انفجر كل شيء أمام الفئوية العالية لبعض الأطراف، وفي هذا السياق فإنه من الضروري القول أن مواقف الأطراف اليسارية بهذا الشان كانت متفاوتة، ومن الظلم تحميل الجميع ذات المسؤولية، لكن الزمن سيحكم على مسؤولية من أعاق ذلك.
س: هل طرح عليكم من حركة فتح الدخول بتحالفات معها لتشكيل قائمة مشتركة؟
ج: حركة فتح طرحت على كل القوى الفلسطينية بأن تكون هناك صيغة توافقية انتخابية، إما صيغة القائمة الواحدة وتكون مفتوحة للجميع بما في ذلك مع حركة حماس، أو أن تكون صيغة تشمل القوى المختلفة الموجودة في منظمة التحرير.
وتربطنا مع حركة فتح علاقات جيدة، لكن اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني قررت أن تكون إسترتيجيتها هي بناء كتلة شعبية من القوى المجتمعية والديموقراطية وفي مركزها قوى اليسار أو من يرغب منها، وهي إستراتيجية صحيحية لكسر الثنائية، وأيضاً لتغيير السياسات الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن مضمونها السياسي القائم على استكمال المسار الذي أقرته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في 19-5-2020، استنادًا لقرارات المجلسين المركزي والوطني بإنهاء العمل بالاتفاقات واعتبارها (منتهية).
س: ماذا عن الانتخابات الرئاسية، هل سيكون هناك مرشح من اليسار الفلسطيني؟
ج: هذا الحديث سابق لأوانه، ولكن بدون شك فإن هذه الكتلة الشعبية التي يسعى حزب الشعب لتشكيلها مع قوى اليسار الرسمي أو الشعبي، سيكون لها موقف من قضية الانتخابات الرئاسية.
س: وماذا عن عوامل نجاح أو فشل الانتخابات؟
إسرائيل يمكن لها أن تفشل هذه الانتخابات بتدخلاتها المختلفة خاصة في القدس، وأيضًا في رفض التعامل مع نتائج تلك الانتخابات، في ظل غياب موقف دولي جدي في إلزام إسرائيل بإجراء الانتخابات في القدس من جهة، أو التعامل الدولي مع نتائج الانتخابات والاعتراف بنتائجها، وهذا يمكن أن يفشل العملية الانتخابية بحسب حجم التدخل الإسرائيلي، وحتى يمكن أن يفشل استمرارها.
كما يمكن للانتخابات أن تفشل، إن فشلت النتيجة المرجوة من إجرائها في حال لم تفضِ إلى إنهاء الانقسام بشكل فعلي، ومهما كانت النتائج فإنه في حال استمر الانقسام فإن هذا الأمر ينزع الدسم من أهم فوائد الانتخابات في إنهاء الانقسام.
ويمكن أن يُفشل الانتخابات أيضًا، التدخل فيها وعدم الحيادية من قبل الأجهزة والمؤسسات المدنية أو الأمنية، سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وهنا يمكن للانتخابات أن لا تجري في ظل عدم وحدة المؤسسة الإعلامية أو الأمنية أو حتى الحكومية، وستخضع بشكل عام إلى الاستعداد لدى حماس في غزة والاستعداد لدى السلطة لتأمين التزاماتها في الضفة الغربية، وهو أمر يجعل الانتخابات رهينة هذه الحسابات أكثر مما هي رهينة التزام فعلي وحقيقي بضوابط العملية الانتخابية، وهذا ما أظهرته حوارات القاهرة، حيث أن التنسيق والاستعداد المتبادل هو شرط النجاح في ظل وجود سلطتين. وبرغم الاتفاق الذي تم فإن أمر التحكم بتنفيذه هو في الواقع مرهون بإرادة هذه القوى، أكثر مما هو مرهون باستفلالية لجنة الانتخابات، وهذا هو الأمر الأصعب.
س: بعد المرسوم الرئاسي جرى إصدار قرارات بقوانين، ما رأيكم بما يجري؟
ج: نحن انتقدنا كل تلك القرارات، وبشكل خاص تلك التي تعنى بالسلطة القضائية وغيرها، ونحن ندعو الرئيس محمود عباس لوقف هذه القرارات، لأن لها تأثير ليس على نتائج الانتخابات فقط، بل لما تمثله من سلبيات على المجتمع المدني ومكانة السلطة القضائية في فلسطين، وعدم التعسف باستخدام المادة 43 من القانون الأساسي، التي لا تنطبق في الواقع على غالبية ما صدر من قرارات بقوانين استنادًا لهذه المادة.
س: ما هي أهم التوصيات التي من الممكن أن تنجح الانتخابات الفلسطينية؟
ج: لا بد أن يتم المزج بين هدف الانتخابات في تجديد الشرعيات الفلسطينية مع مضمونها القائم على فتح أفق سياسي مختلف لا يعيد إنتاج الوضع السابق والاتفاقات السابقة، وأن لا تكون السلطة والانتخابات بحد ذاتها هي الهدف، وإنما أن تكون وسيلة من أجل تعزيز صمود الناس لتحقيق إنهاء الاحتلال وإنجاز التحرر.
أعتقد أنه إذا لم يكن هناك مزج صحيح بين هذا الأفق السياسي، وبين العملية الانتخابية، ستصبح الانتخابات بحد ذاتها هدفًا، وهذا يجعل قيمتها أقل مما هو مطلوب، ولذلك قلنا دائمًا بأن سقف القدس أعلى من سقف الانتخابات، وأن سقف إنهاء الاحتلال أعلى من سقف (تداول السلطة) في ظل الاحتلال.
س: كيف تنظرون في حزب الشعب لإجراء الانتخابات في القدس؟
ج: الاحتلال يريد أن تجري الانتخابات في القدس بدون التزامات من قبله تجاه السلطة، ولا تجاه المجتمع الدولي، وبطريقة تجعل القدس خارج الانتخابات من الناحية العملية، لذا لا بد من عدم التسليم بما يريده الاحتلال، ليس فقط في تحدي الاحتلال اليومي من أجل القدس بالمشاركة في الانتخابات، ولكن بوجود ضمانات واضحة أمام المجتمع الدولي وأمام السلطة الفلسطينية باعتبار أن القدس جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية وهي عاصمة دولة فلسطين.
على كلٍ، بالنسبة لنا تبقى قضية القدس هي القضية المركزية، وعلنا نوضح ذلك بالتالي: هذه الانتخابات في الواقع هي امتداد لانتخابات مؤسسات السلطة الفلسطينية التي نجمت عن اتفاق أوسلو، هذا الاتفاق الذي اكتسب رعاية دولية اشتمل على القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وتنكر الاحتلال لهذا الاتفاق وعدم تنفيذه في القدس أو في الضفة لا يترتب عليه التسليم بإخراج القدس منه. لا يعقل مثلاً أن تستمر السلطة بالتعامل مع الاتفاق في قضايا المقاصة واالتنسيق الأمني وبروتوكول باريس وغيره نتيجة العودة عن قرار وقف العمل بالاتفاقات، وأن لا يتم التمسك باشتمال هذا الاتفاق على القدس، لأن القبول بذلك بشكل مباشر أو غير مباشر هو قبول بالضم الذي بسببه أوقفنا العمل بالاتفاقات في مايو/ أيار 2020، وأي ضم؟ إن أي ضم، هو ضم للقدس وفقاً لصفقة القرن.
لهذا يجب المحاربة من أجل القدس، واستعادة إقرار الاحتلال بكون القدس جزءًا من صيغة الاتفاقات معه (رغم كل ملاحظاتنا على الاتفاقات وعلى أوسلو)، وبالتالي فإن المسألة تصبح، شئنا أم أبينا، بأن نمضي بالاتفاقات دون القدس، ونقر من خلال ذلك دون قصد بإخراجها من الانتخابات التي تجري عملياً في إطار هذه الاتفاقات (للأسف)، فهذه خطيئة سياسية كبرى يجب ألا تتم، ولذلك دعونا إلى جعل الانتخابات اشتباكًا سياسيًا على القدس، أي الضغط الداخلي والدولي لإلزام الاحتلال بالتعامل مع القدس كجزء من الأرض الفلسطينية، وهناك ما يبرر ذلك كون الاتفاقات قد شملتها أصلاً. هذه معركة لا يمكن التهرب منها وهي ليست معركة فنية حول آليات التصويت للمقدسيين. فإما هذا المسار أو العودة إلى مسار وقف الاتفاقات وخوض المعركة مجددًا على ذلك، رفضًا لضم القدس كما كان عليه الأمر عند رفض ضم الأغوار والقدس، لذلك فالمعادلة بالنسبة لنا بسيطة للغاية، إذا أرادت السلطة استمرار العمل بالاتفاقات فالقدس يجب أن تكون جزءاً منها، وإذا أرادت وقف العمل، بالاتفاقات وهذا ما دعمناه دوماً، فلنستكمل ما توقف وفقًا لقرارات المجلسين المركزي والوطني وقرار التنفيذية في 19-5-2020، بوقف الاتفاقات وتقديم معركة إنهاء الاحتلال على القضايا الأخرى، وفي هذا المجال يتغير شكل الانتخابات فعلًا من السلطة باتجاه الدولة التي اعترفت بها الأمم المتحدة إما على شكل مجلس تأسيسي لهذه الدولة أم برلمانًا مؤقتًا أو المجلس الوطني مباشرة، رغمًا عن الاحتلال في القدس وفي كافة أنحاء الأرض الفلسطينية.
هذه هي فلسفتنا في الموضوع، ولا يغير من هذه الحقيقة أننا نتحدى إجراءات الاحتلال في القدس بالانتخابات وغيرها، فالموضوع هنا أكبر من ذلك، هذه ليست ذريعة لوقف الانتخابات، وإنما مسوغ منطقي لإعادة القدس إلى جسد الدولة الفلسطينية باعتراف الاحتلال أو إنهاء كل الاتفاقات، بسبب ضم القدس كما فعلنا عند التهديد بضم الأغوار، وكي لا يقال بأن ذلك سيعيق إنهاء الانقسام بعد الانتخابات، فإنه على العكس يجب أن يؤدي لذلك فورًا، وبغض النظر عن الانتخابات خاصة بسبب مكانة القدس، وأيضا بسبب ما نشهده من تفاهمات على قضايا كثيرة بين حركتي فتح وحماس، وصلت حد العمل على قائمة مشتركة برعايتهما.
س: حذرتم من ضغوط دولية معاكسة على الفلسطينيين لاجراء الانتخابات بدون القدس، بدلا من الضغط على اسرائيل، فهل توجد وقائع على ذلك؟
ج: تحذيرنا في حزب الشعب من إجراء الانتخابات بدون القدس جاء من التجربة، فالأطراف الدولية كانت دائمًا تبدأ مواقفها بمساندة الموقف الفلسطيني، وعندما تعجز بالضغط على إسرائيل، تقوم بتحويل ضغوطها تلك إلى الجانب الفلسطيني، ونحن نخشى تكرار هذا السيناريو بموضوعة الانتخابات في القدس. لذلك نحن نطالب الدول بأن تعلن صراحة أن إسرائيل تعرقل وترفض إجراء الانتخابات في القدس، وأنه سيترتب على ذلك إدانة صريحة من قبل هذه الدول، مع التسمك بالضغط من أجل إلزام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها بهذا الشكل. وفي حال غياب الموقف الدولي أو بقائه في الأدراج، سيصبح المطلوب من الفلسطينيين أن يسلموا بالأمر الواقع، نظرًا لعجز المجتمع الدولي عن إلزام إسرائيل على ذلك، ونحن نخشى تكرار هذا الأمر في موضوعة إجراء الانتخابات في القدس.
للأسف الشديد، هذه الدول أيضاً ورغم أنها تعلن دعمها للانتخابات، لكنها متحفظة حول التعامل مع نتائج الانتخابات، نظرًا لأنها تربط مواقفها باشتراطاتها ومواقفها تجاه الفصائل المشاركة في هذه بالانتخابات.
س: وفي حال لم تجرِ الانتخابات في القدس، فما موقفكم؟
ج: موقفنا واضح في حزب الشعب، لن نشارك بانتخابات بدون مشاركة المقدسيين فيها وفي مدينتهم، وليس المقصود إخراج المقدسيين من المدينة كي يصوتوا للانتخابات في رام الله أو بيت لحم، بل المطلوب أن يتنقلوا بأحياء مدينة القدس من أجل المشاركة بالعملية الانتخابية، ونحن سندعو القوى جميعها لأخذ موقف مشابه، وسنستغرب إن لم يكن هذا موقف كل الفصائل، كما أننا ندعو لجنة الانتخابات لتنفيذ ذلك في القدس، فقانون الانتخابات يلزمها بذلك، علماً أننا اقترحنا أيضاً تعديلات على قانون الانتخابات بما يحصن إجراءها في القدس.
س: وماذا عن انتخابات المجلس الوطني؟
ج: تم التوافق على إجراء انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن، ولكن نرى أن منظمة التحرير بما تمثله، كونها ممثلًا شرعيًا للشعب الفلسطيني، وكجبهة وطنية عريضة، فهي ليست برلمانًا بالمعنى التقليدي، ولهذا فالمنظمة تتكون أساساً كإطار للقوى والفصائل الفلسطينية، وعليها أن تعكس التمثيل بإطارها بوصفها قوة سياسية وكفاحية فلسطينة، وباعتبار المنظمة إطارًا لحركة تحرر وطني فلسطيني.
أما الأمر الثاني في المنظمة فهو ذلك القائم عبر الاتحادات التي تمثلها المنظمة ويحتاج لتطوير، ويجب إجراء الانتخابات في كل هذه المؤسسات والاتحادات وان تعاد صياغة أنظمتها الداخلية بما يحقق التمثيل النسبي، وإجراء العملية الانتخابية في كل مكونات الشعب الفلسطيني، بينما الأمر الثالث هو الانتخابات المباشرة حيث ما أمكن، لاستكمال عضوية المجلس الوطني، وبالتالي فالانتخابات هي مكون، ولكنها ليست المكون الوحيد لإعادة تشكيل منظمة التحرير.
س: هل فعلاً الانتخابات، فرصة لتغيير الوضع القائم؟
ج: أقول لشعبنا الفلسطيني، للأسف الشديد فإن حالة الانقسام والسياسيات الاجتماعية والاقتصادية وتراجع الحريات أدى إلى وجود وضع يجب تغييره، بحيث يكون الصمود والكرامة هو عنوان المرحلة الفلسطينية القادمة، وبالتالي نحن نريد لشعبنا أن يرى في الانتخابات فرصة للتغيير، من أجل العمل على برامج وسياسات تعزز صموده على الأرض، وتصون حرياته وكرامته.
في وسط هذه الحالة البائسة، فإن أوساطًا واسعة باتت ترى بالانتخابات الوسيلة الوحيدة لتغيير هذا الوضع، ولو ترك الأمر لنا لكان يجب إدارة هذه الانتخابات بطريقة مختلفة، بمعنى أن يكون أفقها السياسي بعيدًا عن اتفاقات أوسلو وإعادة المرحلة الانتقالية، وبالتالي تكون الانتخابات فرصة لانتخاب مجلس تأسيسي لدولة فلسطين، وليس للسلطة الفلسطينية، وأن تكون الانتخابات محصلة أو تضمن إنهاء الانقسام، وهو أمر للأسف غير مضمون.
كما أنه يتوجب أن تكون للانتخابات آليات لتغيير النظام السياسي الفلسطيني، وهو أمر لم يعد مضموناً بسبب حجم التدخلات الخارجية التي باتت تتبين خيوطها، وإلى جانب ذلك، هناك رغبة لشعبنا بأن تكون الانتخابات فرصة نحو الأفضل، لكن هناك من يهندس لأن تصبح هذه العملية وسيلة لتكييف الشعب الفلسطيني مع الوضع القائم، وتحول قضيتنا من قضية تحرر وطني إلى سلام اقتصادي لشعب يرزح الاحتلال.
س: هناك من يقول إنه كان يجب إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة قبل إجراء الانتخابات، فما رأيكم بذلك، وهل الانتخابات ستنهي الانقسام فعلاً؟
الخيار الذي تم بإجراء الانتخابات قبل إنهاء الانقسام جاء بعد فشل المحاولات الأخرى، ولكنه لا يزال بحاجة كي يوفر أساساً لذلك، أن تعلن حركة حماس بكل صراحة للشعب الفلسطيني أن الوضع الذي نشأ بعد عام 2007 سوف ينتهي فور الانتهاء من الانتخابات، وليس ارتباطاً بنتائج حواراتها بعد الانتخابات، فهناك فرق كبير بين هذا وذاك.
ما أود قوله إنه ليس مضموناً أن توافق حماس على إعادة الوضع لما كان عليه قبل العام 2007، وهذه إحدى ثغرات ما يجري حاليًا. لا يوجد ضمان لأحد، والضمان الوحيد أن تعزز الإرادة الشعبية، وإيجاد الوسائل من أجل إلزام الجميع بهذه الإرادة.
ولكن أود أن أشير إلى وجود من يسعى للاستفادة من هذه الانتخابات ويوظفها لخلق حالة من تكييف الشعب الفلسطيني مع الأمر الواقع، وهناك أوساط فلسطينية ربما تغلب هذا العنصر على العنصر الرئيسي في إنهاء الانقسام، وبالتالي فالانتخابات لا يمكن فصلها عن أفقها السياسي، إذ أن حزب الشعب في عام 1976 شكل قوائم انتخابية تحت شعار "لا للإدارة المدنية.. نعم لمنظمة التحرير"، ولكن أخشى أن نكون في هذه المرحلة أمام شعار جديد "لا للسلام الاقتصادي - الأمني.. لا للانقسام.. ونعم لمنظمة التحرير".
أعتقد أننا دخلنا في حقبة جديدة من حياة الشعب الفلسطيني، وفيها تغييرات على المستوى الدولي، وعلينا أن نحول دون مساعي تصفية القضية الفلسطينية، ويجب علينا مواجهة ذلك من خلال تعزيز صمود شعبنا في وجه هذا الخطر عبر سياسيات وإجراءات تستند إلى الأرض والزراعة وإلى الاقتصاد التعاوني بديلاً عن السياسات المتبعة حتى الآن، وان تحتل قضايا التعليم والصحة والعمل محورها الأساسي.