يديعوت - بقلم: سمدار بيري "استغرق رئيس الوزراء نتنياهو زمناً أكثر مما ينبغي ليعترف بأن إلغاء الرحلة الجوية إلى أبو ظبي سببه القصر الملكي في عمان وليس العملية الجراحية المفاجئة لعقيلته. بالكلمات الأكثر بساطة: بعد يوم من المناكفة على عدد الحراس المسلحين لولي العهد الأردني الأمير الحسين، شمر الملك عبد الله عن ساعديه وأصدر أمراً لا لبس فيه بمنع عبور طائرة نتنياهو في سماء عمان، في الطريق إلى الإمارة الخليجية. وحرص وزير خارجيته أيمن الصفدي، على التلميح بما تفكر به النوافذ العليا عن نتنياهو. السعودية هي الأخرى نقلت رسالة مشابهة، في أنها لن تسمح بعبور طائرة رئيس الوزراء في أراضيها. الملك عبد الله، بالمقابل، زار السعودية في منتصف الأسبوع الماضي، ونال استقبالاً ودياً. وإذا ما صدقنا أقوال مصدر رفيع المستوى في عمان، فليس لولي العهد السعودي – بخلاف ما يدعيه من يحيطون بنتنياهو – أي مخططات للسيطرة على المسجد الأقصى. هكذا، فإن لقاء نتنياهو مع حاكم أبو ظبي محمد بن زايد، لأهداف الحملة الانتخابية، تأجل، على الأقل.
بقينا مع طعم مر، لأن الملك عبد الله لم يعد يخفي أفكاره التي يحملها حول نتنياهو. قبل خمس سنوات، في مقابلة مع صحيفة بريطانية، فاجأ الملك الأردني بالكشف “لأن الأيام الأقسى في عهد مُلكي كانت، وبقيت حتى الآن، هي الأيام التي تعين فيها عليّ أن أتصدى لنتنياهو”. ويحاول نتنياهو منذئذ أن يحدد مواعيد للقاء، فيلقى الرفض. هاتف، ولكن الملك فضل عدم الإجابة. ودعي غانتس وأشكنازي للقاءات، ويعتزم الملك أن يعرض أمام الرئيس بايدن خريطة العلاقات مع إسرائيل: كل شيء تقريباً، وبالأساس التعاون الأمني، باستثناء نتنياهو.
مجموعة إسرائيلية تتكون من 30 – 40 جنرالاً وسياسياً وأكاديمياً ورجال أعمال كباراً، تعمل بصمت من أجل الحفاظ على العلاقات مع الأردن. ويتراكض رؤساء المجموعة بين المكاتب، لا يوفرون جهداً لبيان أهمية العلاقات مع الأردن. ويشرحون بأن الأردن الشقيق الصغير، الفقير، الذي حرص (ولا يزال يحرص) لسنوات طويلة على حماية الحدود الأطول مع إسرائيل من تسلل المخربين والإرهابيين ومهربي السلاح والمخدرات. وتعلمت إسرائيل كيف تثق بالقوة الأردنية بعيون مغمضة. وما زالت هذه المجموعة حتى اليوم، وبصمت، تجري أوجه تعاون مفاجئة على طول الحدود الطويلة.
وفي إطار ذلك، تطورت عندنا مدرستان: الأولى تؤيد استمرار حكم عبد الله على افتراض أنه حاكم جيد لإسرائيل أكثر من أي إمكانية أخرى؛ والثانية خطت على علمها شعار أن “عبد الله سيكون الملك الأخير”، وبعده ستتحد ضفتا الأردن، بحكم فلسطيني.
ما هو الأفضل لإسرائيل؟ أهو زعيم فلسطيني، كائناً من كان، يتعاون مع الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن؟ تصوروا وضعاً يكون فيه رئيس الدولة الفلسطينية الموحدة ممثلاً من “فتح”، ولكن نائبه من حماس – وهي إمكانية مطروحة على الطاولة بالتأكيد.
عبد الله مثل نتنياهو، كلاهما يستعد للقاء مع بايدن. في السفارات الأمريكية عندنا وفي عمان يجمعون أي فتات للمعلومات، ومن المنطقي ألا يختفي التوتر عن عيونهم. يحرص عبد الله على إرسال رسالة إلى واشنطن، بموجبها يواصل الأردن كونه شريكاً للسلام وأنه يرى الحل الفلسطيني بانسجام مع الرئيس بايدن. ومن ناحيته، سيبقى نتنياهو عالقاً كالشوكة في الحلق إذا لم يقرأ انعطافاً دراماتيكياً.