معاريف تتساءل: هل ستخرج إسرائيل من اللعبة الإيرانية بخفي حنين؟

الإثنين 08 مارس 2021 07:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف تتساءل: هل ستخرج إسرائيل من اللعبة الإيرانية بخفي حنين؟



القدس المحتلة /سما/

معاريف - بقلم: اللواء احتياط رون تيرا   "فشلت حكومات إسرائيل في العقد الأخير في مواجهة تحديات الأمن الأساسية الثلاثة: المشروع النووي الإيراني، وتسلح حزب الله بسلاح دقيق، وتموضع إيران في المجالات المهددة لإسرائيل. وليس في اختبار النتيجة وحده نجد أن إيران هي التي تصمم الواقع، بل إن حكومة إسرائيل لم تطرح استراتيجية حقيقية لوقف جهود النووي، والدقة والتموضع.

لقد بنيت الاستراتيجية الإيرانية للتقدم في المشروع النووي بخطوات صغيرة ومقنونة وممتدة (بمعنى أن سياقات تطوير مشابهة جرت في عدد متزايد من المواقع)، وتبث قوة رادعة تتجاوز قوتها الحقيقية. وكان التوقيت المثالي للهجوم على المشروع النووي في بداية العقد السابق، وكان ينبغي لهدف الهجمات أن يكون تغيير الآلية وتحدي الاستراتيجية الإيرانية. وكانت إيران ستضطر إلى الاختيار بين استمرار التقدم بخطوات صغيرة ومحاولة الانطلاق نحو النووي والأزمة الحادة والفورية مع القوى العظمى. لم تكن لإيران في حينه قدرة رد، وكانت صورتها الرادعة ستتضرر، وكانت ستتشكل أوراق مساومة جديدة للقوى العظمى. وكان تمدد البرنامج النووي في حينه لا يزال متدنياً نسبياً. 

غير أن حكومة إسرائيل هددت، ولكنها امتنعت عن الهجوم. وحركت التهديدات الإسرائيلية إدارة أوباما لأخذ الملكية على الموضوع الإيراني، وهكذا سد الطريق على تهديد الهجوم؛ وذلك لأنه كان سيقوض جهود الولايات المتحدة الدبلوماسية بشكل مباشر. قاطعت حكومة إسرائيل الدبلوماسية الأمريكية بصبيانية، ولم تؤثر على المفاوضات مع إيران. وعندما تبلور الاتفاق، سافر نتنياهو على عجل لإلقاء خطاب في الكونغرس محاولاً منعه، ولكنه جهد فشل بل وقوض العلاقات مع الإدارة ومع الحزب الديمقراطي؛ وما زالت إسرائيل تدفع ثمن خطأ حتى اليوم في العلاقات مع إدارة بايدن.

ضغط نتنياهو على إدارة ترامب إلغاء الاتفاق النووي، ولكن لم تعرض استراتيجية بديلة للاتفاق. أما الزمن الذي جلس فيه ترامب في البيت الأبيض، حتى بعد إلغاء الاتفاق، فلم يستغل بنجاعة لتحقيق أي هدف. إيران اليوم قريبة من النووي أكثر من أي وقت مضى. إضافة إلى ذلك، لم يعرض نتنياهو استراتيجية محدثة تستهدف حماية المصالح الحيوية الإسرائيلية في ظروف ترغب فيها الولايات المتحدة في اتفاق ليس جيداً لإسرائيل.

تطلعت إيران و”حزب الله” لاستغلال الحرب الأهلية في سوريا لتسليح الحزب بسلاح متطور، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة. تتطلع إيران لتطوير قدرة توجيه ضربة نوعية إلى جبهة إسرائيل الداخلية المدنية والعسكرية، وذلك من المسافة القريبة لإسرائيل. ورداً على ذلك، شرعت إسرائيل، وفقاً لتقارير أجنبية، بسلسلة هجمات موضعية في سوريا ومجالات أخرى. تكيفت إيران و”حزب الله” مع الهجمات، وغيرتا طريقة تسليح “حزب الله” بسلاح دقيق، من نقله عبر سوريا إلى الإنتاج والتحويل على الأراضي اللبنانية. هددت حكومة إسرائيل مرة أخرى، ولكنها امتنعت عن الهجوم في لبنان. وأصبح “حزب الله” اليوم يحوز مئات الصواريخ الدقيقة ويواصل مساعيه للإنتاج والتحويل. فضلاً عن ذلك، لم تعرض الحكومة استراتيجية محدثة تستهدف منع جهود “حزب الله” المستقبلية في التسلح، بمعنى أنه من الصعب رؤية ما سيوقف منظمة الإرهاب من التسلح بمئات أخرى، بل وربما آلاف الصواريخ الدقيقة.

إن المعركة بين الحروب التي تديرها إسرائيل تستهدف منع التموضع الإيراني في المجالات التي تهدد مصالح إسرائيل الحيوية. ومع أن إسرائيل تبتهج لنجاح هجماتها التكتيكي، فهي تتجاهل أن هذه الهجمات لا تحيد إيران عن مسارها على المستوى الاستراتيجي. ومع مرور الأيام تصبح إيران هي مصممة الواقع في أجزاء من سوريا والعراق، وبجوار مسالك الملاحة الإسرائيلية. وفي كل يوم يمر، تخصب إيران المزيد من اليورانيوم، ويتسلح “حزب الله” بمزيد من الصواريخ الدقيقة. وهناك من يدعي بأن إحدى فضائل حكومات العقد الأخير هي الامتناع عن المخاطرات والمغامرات. ولكن إدمان الهدوء في المدى القصير يؤدي سيبعد إسرائيل عن ألا تكون لاعباً جدياً في اللعبة الإيرانية.