قامت وزارة الحكم المحلي بالتعاون مع الهيئات المحلية المستهدفة ( بيت لحم، بيت جالا، بيت ساحور، الدوحة،الخضر، ارطاس) بوضع بنود مرجعية لتطوير خطة "تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر" والهادفة إلى النهوض بالواقع السياحي في المنطقة الحضرية.
يأتي ذلك إيمانا بمبدأ تحقيق التنمية والنمو الحضري المستدام والنهوض بالقطاع السياحي باعتباره من أهم القطاعات التي تساهم في رفد الاقتصاد الفلسطيني بعوامل النجاح والازدهار وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وابتداءً من منتصف شهر شباط/فبراير لعام 2021، سيتم العمل على إعداد الخطة لمدة 12 شهراً، بإشراف لجنة توجيهية تقودها وزارة الحكم المحلي ووزارة السياحة والآثار، وتضم كل من رؤساء البلديات والهيئات المحلية الستة المستهدفة والمجلس المشترك لتطوير السياحة وعدد من أصحاب العلاقة الرئيسيين.
وتضم الخطة تحليلاً شاملاً لمنطقة بيت لحم الحضرية والقطاع السياحي واقتصاد الزائر. ودراسة مفصلة للمواقع السياحية الرئيسية في المدينة ومراجعة البنية التحتية فيها. مما يساهم هذا التحليل في توفير أدلة لإثراء عملية تطوير سلسلة من المشاريع والبرامج والنشاطات المختلفة في المنطقة، وتطوير استراتيجية التنفيذ والتسليم من أجل توفير "خارطة طريق" لتحقيق تنمية مستدامة في منطقة بيت لحم الحضرية.
ويذكر أن الخطة جاءت ضمن مشروع "المدن المتكاملة والتنمية الحضرية (ICUD)" المنفذ من قبل وزارة الحكم المحلي وعبر صندوق تطوير واقراض الهيئات المحلية وبتمويل من البنك الدولي. حيث تم التعاقد مع تآلف شركتين استشاريتين محلية Thinking Consulting وعالمية KEIOS Srl Development Consulting لتطوير الخطة. و تنبى على ما قدمته وزارة السياحة الفلسطينية من أعمال لتطوير السياحة في محافظة بيت لحم بهدف تطوير واقع السياحة.
"الخطة تنهض بالواقع السياحي في بيت لحم"
وبالحديث عن أهمية الدراسة، أوضحت المشرف الفني للمشروع م. شروق جابر، أن خطة / دراسة "تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر" جاءت استكمالاً لرؤية المنطقة الحضرية وتحقيق التنمية الحضرية التي تم تحديدها مع اللجنة التوجيهية والفنية للمشروع في مراحله الأولى لعامي (2017-2018) بتحقيق "مركز اقتصادي ثقافي سياحي منظم وآمن". حيث أن الغاية هو العمل على تحقيق مركز سياحي مستدام ومنطقة حضرية منظمة وآمنة.
وعن أهداف الدراسة، نوهت جابر بأن تحديد أهداف الدراسة تم بناءً على احتياجات وأولويات الهيئات المحلية لتقييم أداء البنية التحتية والخدمات المقدمة من قبلها للزوار المحليين والسياح الوافدين إلى المنطقة الحضرية. مؤكدةً على أهمية تحديد الضغوطات الناتجة على البنية التحتية الأساسية و الخدمات وقدرتها على استيعاب الزيادة في الطلب دون انخفاض في جودة الخدمات المقدمة في المنطقة، بالإضافة إلى المحددات والمعيقات لتطوير البنية التحتية في هذا القطاع.
وبدورها أكدت مدير عام الحكم المحلي في بيت لحم،م. أروى أبو الهيجا، على أهمية إعداد خطة "تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر" بهدف النهوض بالواقع السياحي في منطقة بيت لحم الحضرية والتي تضم أهم الأماكن الدينية والاثرية والتاريخية، وتقييم الامكانيات والبنى التحتية الموجودة في المنطقة.
وقالت أبو الهيجاء:"نحتاج هذه الدراسة كي تصبح بيت لحم قادرة على استيعاب الزيادة في الطلب مستقبلا وكما هو متوقع"
موضحة بقولها بأن: "الخطة ستساهم في تعزيز الدور التكاملي والتشاركي وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات ما بين التجمعات السكانية الستة التي ستشملتها الخطة وهي (بيت لحم،بيت جالا، بيت ساحور،الدوحة، والخضر، ارطاس)
وأشارت بقولها بأن تحديد نطاق الدراسة /خطة "تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر" لمنطقة بيت لحم الحضرية جاء بعد دراسة معمقة لخطة تنمية "العنقود السياحي" في محافظة بيت لحم والتي أقرها رئيس الوزراء د. محمد اشتية العام الماضي كونها ستركز على التخطيط المكاني ومعرفة الأنظمة والقوانين المعمول بها.
في ذات السياق،أكد المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك لتطوير السياحة في محافظة بيت لحم، تامر زرينة، بأن من المثمر التخطيط والتأسيس لتنفيذ خطة سياحية في بيت لحم في الوضع الراهن وتحديداً مع استمرار جائحة كورونا والتي غيبت السياح عن المدينة. مشدداً بقوله على أهمية إعداد خطة "تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر"لمنطقة بيت لحم الحضرية.
وقال: " لن نشهد تغيراً إلا إذا عاد النشاط السياحي كما السابق وتحسنت عوائد القطاع".
وعن دور المجلس في إعداد الخطة، أوضح زرينة بأن المجلس قد قدم بعض المقترحات والتوصيات التي تساهم في إحداث تنمية سياحية مستدامة في بيت لحم الحضرية. مشيراً بقوله إلى تشكيل لجنة فنية تضم ممثلا عن كل بلدية، حيث يتم مناقشة جميع القضايا التي تمس قطاع السياحة للوصول إلى واقع أفضل.
وزارة السياحة : "سندعم الخطة وهي على رأس اولوياتنا"
أكد مدير عام التسويق والاعلام السياحي في وزارة السياحة والآثار،ماجد إسحق، بأن خطة "تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر" ستكون على رأس أولويات المشاريع التي تدعمها وزارة السياحة بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي وعلى سلم أوليات الحكومة والدول المانحة.
وقال إسحق :"سندعم الخطة منذ بدايتها حتى نهايتها، وسنسخر جميع طواقمنا وخبراتنا لذلك لايماننا بدورها الايجابي في تحقيق تنمية سياحية مستدامة في منطقة بيت لحم".
في ذات السياق شدد إسحق على أهمية الخطة في احداث توازن وتعاون ما بين أطراف العملية السياحية والممثلة بـ المجتمع المحلي والقطاع الحكومي والخاص.
موضحا بقوله بأن مخرجات الخطة تتمثل برفع نسبة التنافسية السياحية للمدن الرئيسية الستة في محافظة بيت لحم، توفير تجربة مميزة للزوار المحليين والأجانب، والاستفادة الأمثل من المقومات السياحية، وتحقيق أكبر منفعة اقتصادية وعدالة اجتماعية قائمة على توزيع الارادات بين المدن الرئيسية بالتساوي.
وخلال حديثه، نوه على أن الحكومة الفلسطينية أصبحت تدرك أهمية تنشيط القطاع السياحي في فلسطين وخاصة بعد حدوث جائحة كورونا، حيث أن الحركة الاقتصادية في محافظة بيت لحم "شلت" بنسبة 50% على حد وصفه، مما تسبب هذا في ايقاف السياحة.
وقال:"الصناعة السياحة مهمة جداً، ومحافظة بيت لحم تكبدت خسائر مالية بقيمة 700 مليون دولار بفعل توقف السياحة".
" قطاع السياحة أول من يتضرر واخر قطاع يتعافى"
قالت مديرة عام الحكم المحلي في بيت لحم م. أروى أبو الهيجا: " بحسب ما هو متوقع قطاع السياحة هو أول من يتضرر واخر قطاع سيتعافى من جائحة كورونا". مشيرة بقولها بأن تنفيذ الخطة في الوقت الراهن سيساهم في تعافي قطاع السياحة ويطوره.
فيما أوضحت بأن القطاع السياحي في بيت لحم قد تأثر بفعل سياسة الاحتلال الإسرائيلي كباقي القطاعات الأخرى، حيث أن بعض المناطق التي شملها المشروع لدى المنطقة الحضرية تقع ضمن ما يطلق عليها مناطق (سي)، وهي خاضعة لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي.
وقالت أبو الهيجاء:"قرية ارطاس تمتد على مساحات طبيعية خلابة إلا أن جزء من أراضيها تقع في منطقة (سي) وهي خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، غير المناطق المحاذية لها والتي لا يمكن التوسع فيها بفعل إجراءات إسرائيلية، مما يتسبب هذا في إعاقة العمل في تلك المنطقة".
واستكملت حديثها:"رغم كل التحديات سنثبت وجودنا وسننفذ الخطة بشكل منظم وآمن .. وسننجح"
كما شددت في ختام حديثها على أهمية العمل بشكل جاد على توفير دليل ومعلومات حول الواقع السياحي والمناطق السياحية في بيت لحم.
وهذا ما أكده المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك لتطوير السياحة في محافظة بيت لحم تامر زرينة قائلاً:"لدينا 62 موقعا سياحياً في بيت لحم، وما نسعى له هو الترويج لها، خاصة وأن السياحة في المنطقة تعتمد بشكل كبير على الحج المسيحي وزيارة كنيسة المهد وكنيسة حقل الرعاة".
وقال زرينة مشيراً إلى العوائق التي تواجه السياحة في بيت لحم:" أكبر ما نواجهه هو احتكار السياحة من قبل قطاعات مختلفة ومن بينها القطاع الخاص... وهذا ما نريد تغيره، كما اقترحنا فرض (ضريبة المدينة) على السائح بمبلغ زهيد ولكن تم محاربتها".
في هذا الجانب، قال مدير عام التسويق والاعلام السياحي في وزارة السياحة والآثار،ماجد إسحق:"لا يوجد احتكار، ولكن بعض القطاعات الخاصة وتحديداً قطاع التحف الشرقية في المدينة يوجه له جملة من الاتهامات بالاحتكار، ولكن هو فعليا ليس احتكاراً وانما عدم وضوح في سياسة التسعير".
أضاف:"نقول بصوت عال وصريح أن معظم أبناء المجتمع المحلي وتحديدا سكان بيت لحم مستفيدون من صناعة السياحة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، والجائحة أظهرت هذا الأمر".
" احتلال.. وإعاقة للحركة.. وكورونا !"
أوضح رئيس بلدية بيت لحم المحامي، أنطون سلمان، بأن أهم المعيقات التي تواجه تطوير القطاع السياحي في فلسطين هو انعدام حرية التواصل مع الخارج حيث لا وجود للجسور والمطارات والموانئ بفعل سياسة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال سلمان عن الواقع السياحي في بيت لحم: "مثلا السائح يصطدم عند دخوله المدينة بحاجز(300) الواقع عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، وهو يعتبر إجراء يعيق حركة السياح ويحد من تطور السياحة في بيت لحم". مشيراً أيضا إلى القيود التي تضعها دولة الاحتلال بمنع أعداد كبيرة من مناصري القضية الفلسطينية من الدخول إلى أراضيها.
كما أكد بأن البنية التحتية للسياحة في فلسطين تحتاج إلى تطوير وتخطيط أكبر وتقديم خدمات فندقية وأنشطة وبرامج متنوعة لجذب السياح.
وعن تأثر المدينة بجائحة كورونا، أكد سلمان، بأن موسم السياحة في بيت لحم خلال العام السابق قد شهد تراجعاً ملحوظاً مقارنة بعام 2019، حيث استقبلت بيت لحم مليون و540 ألف سائح في ذات العام، وشكلت نسبة السياح الأجانب 90%.
وأضاف قائلاً: "في بداية عام 2020 تم تسجيل 265 ألف ليلة مبيت في بيت لحم، حيث بلغ عدد السائحين خلال شهري ( أبريل ومايو) من ذات العام 240 ألف سائح ، وهو موسم ضعيف بالنسبة لبيت لحم، حيث أن الموسم الاعتيادي النشط يضم ذات العدد بشكل مضاعف ويفوق قدرة بيت لحم".
إذا القطاع السياحي في فلسطين مرهون بعدة عوامل تساهم في إحداث التنمية والتطور والنمو الحضري، وخطة تنمية السياحة المستدامة واقتصاد الزائر" لمنطقة بيت لحم الحضرية جاءت في الوقت الراهن كي تساهم في وضع المنطقة ضمن سياق وطني وإقليمي، وتاريخي مغيب.