مع تصاعُد المخاوف الإسرائيلية من تصدُّر حركة «حماس» قائمة الفائزين بالانتخابات الفلسطينية المقبلة، بدأ جيش الاحتلال تكثيف جهوده في الضفّة المحتلّة للتضييق على قيادات الحركة وعناصرها، بهدف منع ما يُسمّيه «حالة الفراغ الأمني»
مع اقتراب موعد الانتخابات الفلسطينية، وتجاوُز جزء من عقبات الوصول إلى يوم الاقتراع، وفي ضوء ارتفاع فرص حركة «حماس» في الحصول على أكبر كتلة في المجلس التشريعي المقبل، تتصاعد مخاوف الاحتلال من عودة نشاط الحركة في الضفة الغربية المحتلّة، وهو ما يُترجَم على الأرض بمحاولات إسرائيلية لمنع «حماس» من الفوز، وذلك عبر اعتقال نشطائها في الضفّة.
وكشفت الصحافة العبرية، أمس، أن وزير أمن الاحتلال، بيني غانتس، أمَر قادة جيشه في الضفة بمعالجة «حالة الفراغ الأمني» التي قد تنجم عن تقاعُس أجهزة الأمن الفلسطينية عن القيام بدورها في «محاربة عناصر حركة حماس»، مُوجِّهاً جنوده بالقيام بما يَلزم من اعتقالات وغيرها من أجل ذلك.
وجاء قرار غانتس بعد استماعه إلى شرح مُفصّل عن الأوضاع الأمنية الراهنة في الضفة، قدّمه ضبّاط المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، وفحواه أن قادة السلطة وحركة «فتح» مشغولون بالانتخابات وباليوم الذي سيَعقُب غياب الرئيس محمود عباس عن سدّة الحكم، وأن هناك خشية من خروج المارد، المُتمثّل في «حماس»، من مخبئه في الضفة، وبالتالي صعوبة السيطرة على الأوضاع بعدها، الأمر الذي دفع أمن العدو إلى إبلاغ قوى الأمن الفلسطينية بأنه «في حال وجود فراغ أمني في الضفة، فسيَملأه الجيش (الإسرائيلي) وبكامل قوته».
إزاء ذلك، قالت مصادر «حمساوية»، أن الحركة تدرس عدّة خيارات بخصوص وضع الضفة في الانتخابات المقبلة، بما يُجنّبها ملاحقة الاحتلال لقياداتها وعناصرها هناك. وأوضحت المصادر أن مِن بين تلك الخيارات مشاركة عناصر فاعلة في الحركة في قوائم منفصلة عن الأخيرة هناك، مقابل خيار آخر تدفع إليه بعض الأطراف داخل «حماس»، مُتمثّل في الذهاب نحو قائمة مشتركة مع «فتح»، في حين تُرجّح أصوات ثالثة الذهاب نحو قائمة مستقلة بشكل طبيعي بما يعني تحدّياً واضحاً للاحتلال، على اعتبار أن الاعتقالات لم تتوقّف منذ عام 2006، وأن الفرصة سانحة لتحقيق الفوز في الضفة.
ويتركّز ضغط الاحتلال على «حماس» في الضفة، نظراً إلى وجود تأييد جماهيري واسع للحركة هناك (على رغم غياب جسمها التنظيمي)، بالإضافة إلى حالة السخط على الفساد المتفشّي في مؤسّسات السلطة، واستمرار الأخيرة في «التنسيق الأمني» مع العدوّ. وبحسب المصادر «الحمساوية»، فقد اعتقلت السلطات الإسرائيلية، منذ إصدار المرسوم الرئاسي بالانتخابات، عشرات العناصر والقيادات «الحمساوية» في الضفة، فيما هدّدت آخرين بالاعتقال في حال ترشُّحهم على قائمة الحركة.
في هذا الوقت، تتواصل الضغوط «الفتحاوية» الداخلية لمنع ترشُّح شخصيات جديدة من الحركة، بخلاف محمد دحلان. إذ كشفت مصادر «فتحاوية»، لـ»الأخبار»، أن قيادات في «اللجنة المركزية» لـ»فتح» أبلغت عضو اللجنة، ناصر القدوة، الذي ينوي الترشُّح بقائمة منفصلة عن القائمة الرسمية، أنه سيتمّ فصله إذا استمرّ في هذه الخطوة، وهو ما لمّح إليه أمين «اللجنة المركزية»، جبريل الرجوب، في تصريحات صحافية أول من أمس، حينما وصف استمرار القدوة في تشكيل قائمته بأنه «تخلٍّ من قِبَله عن دوره القيادي في الحركة»، داعياً إيّاه إلى مراجعة موقفه بمنتهى الجدية.
في المقابل، لم تردّ «اللجنة المركزية» على شروط الأسير مروان البرغوثي في ما يخصّ القائمة الموحّدة لـ»فتح» والمعايير التي طلبها، الأمر الذي تحدّث عنه عضو «المجلس الثوري»، حاتم عبد القادر، في تصريحات صحافية، حيث أعلن أن الردّ على البرغوثي تأخَّر، وذلك لعدم حسم هذا الملفّ من قِبَل «المركزية» التي ستجتمع اليوم الاثنين لبحث ملف الانتخابات، مُذكّراً بأن دعم البرغوثي لقائمة «فتح» مشروط بأن تكون القائمة مُعبِّرة عن طموح الشعب الفلسطيني، وأن قرار ترشُّح الأسير للانتخابات الرئاسية لا يزال قائماً.
أمّا بالنسبة إلى «الجبهة الشعبية»، فقد كشفت مصادر من داخل الجبهة، عن تعثُّر الوصول إلى قائمة موحّدة لقوى اليسار الفلسطيني، وذلك بعد مباحثات بدأت منذ يومين، ولم تفضِ إلى الاتفاق على برنامج مشترك، أو حلّ الخلاف على ترتيب الأسماء في القائمة، إضافة إلى تعمُّد بعض الشخصيات إفساد القائمة بدعم من فصائل فلسطينية أخرى.
على خطّ موازٍ، تلقّت الفصائل الفلسطينية دعوات للمشاركة في جولة مباحثات جديدة في القاهرة بعد عشرة أيام، في السابع عشر والثامن عشر من الشهر الجاري. وستتركّز الجولة الجديدة من الحوارات على استكمال ضمانات إجراء الانتخابات وما بعدها واحترامها، بالإضافة إلى الاتفاق حول انتخابات الرئاسة والمجلس الوطني، والتي ستَعقب الانتخابات التشريعية.