صحيفة "يسرائيل هيوم" - بقلم العقيد المتقاعد: ديفيد هاشم
على الرغم من التصريحات العلنية والتفاؤل الحذر في الشارع الفلسطيني، فإن احتمالات إجراء الانتخابات الفلسطينية ما زالت غير مؤكدة.
اجتمع 14 فصيلًا فلسطينيًا في القاهرة في شباط/ فبراير المنصرم، تحت رعاية المخابرات العامة المصرية للتوصل إلى اتفاقيات ملموسة لإجراء الانتخابات، لكن هذا الاجتماع ربما كان أكثر من كونه موضوعًا.
وبموجب الاقتراح الأخير، ستجرى انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 22 أيار/ مايو المقبل، وانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية في 31 تموز، والمجلس الوطني الفلسطيني في 31 آب/ أغسطس. وفي الوقت نفسه، تُجري حماس حاليًا انتخابات داخلية خاصة بها لشغل مناصب في السلطة، بما في ذلك المكتب السياسي الذي يرأسه حاليًا إسماعيل هنية.
واتفقت الفصائل على أن تكون قوات الشرطة الفلسطينية وحدها هي المسؤولة عن تأمين الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما اتفقا على تشكيل لجنة تنظيمية ومحكمة لضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين. وقد قع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأيام الأخيرة مرسومًا رئاسيًا يأمر بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.
وتدعو الاتفاقيات إلى ضمان حرية التعبير عن الرأي في ظل الحكومتين الفلسطينيتين المتنافستين _فتح في الضفة الغربية، وحماس في غزة– وأن تظل القوات الأمنية في كلا القطاعين محايدة في مواجهة الانتخابات.
من الناحية النظرية، تأخرت هذه الانتخابات سنوات، حيث عقدت الجولة الأخيرة في عام 2006، وفشلت جميع المحاولات منذ ذلك الحين لإجراء انتخابات جديدة.
عمليًا، واصلت فتح تأجيل الانتخابات لاعتبارات سياسية حتى أصدر عباس مرسومًا في يناير يدعو إلى إجراء انتخابات جديدة في عام 2021.
على الرغم من كل ما سبق، فإن الطريق إلى إجراء انتخابات فلسطينية لا يزال مليئًا بالعقبات: لا تزال هناك انقسامات أساسية بين فتح وحماس. وهناك سلسلة من القضايا الإشكالية التي لم يتم حلها، مثل موقف إسرائيل من الانتخابات، والتي يمكن أن تنسف العملية برمتها.
في الأسابيع الأخيرة، نفذت إسرائيل موجة مكثفة من الاعتقالات لنشطاء وقادة حماس في الضفة الغربية، بما في ذلك أعضاء المجلس التشريعي. وتقول حماس إن هذا لن يضعف عزمها على مواصلة الانتخابات المقبلة.
وأكدت مصادر فلسطينية أن الجولة المقبلة من المحادثات مقررة في آذار/ مارس في القاهرة انعكاسًا لحقيقة أن الانقسامات لا يمكن حلها خلال اليومين اللذين التقت فيهما الفصائل في شباط/ فبراير، وأن هناك حاجة لمزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاقات عملية لتمهيد الطريق إلى الانتخابات.
وقدّرت المصادر أنه فقط عندما تقترب الجولة الأولى من انتخابات المجلس التشريعي في أيار/ مايو، سيتم اتخاذ القرار النهائي بشأن ما إذا كان سيتم المُضي قدمًا كما هو مخطط.
ولم تستبعد مصادر فتح إمكانية تعليق أو تأجيل الانتخابات في ظل غياب الاتفاقات والتسويات بشأن الانقسامات الجوهرية. وبالتالي، فإن إعلان عباس عن مواعيد الانتخابات لا ينبغي أن يُنظر إليه بأي شكل من الأشكال على أنه ضمانة بأنها ستمضي قُدمًا كما ذُكر.
في النهاية، من الضروري أن نضع في اعتبارنا أن جميع الخطوات المتخذة في اتجاه الانتخابات قابلة للتراجع، وأن كل التقدم المحرز حتى الآن كان على الجبهة التصريحية والإدارية الفنية.
لا يزال من غير المؤكد أن الانتخابات ستُجرى. يمكن لعدة عوامل أن تُعرقل العملية في أي وقت. يبدو أن عباس يشارك في العملية الانتخابية "لكسب نقاط" في مواجهة إدارة بايدن الجديدة في الولايات المتحدة ولتقديم نفسها كحكومة فلسطينية ديمقراطية. إذا كان الأمر كذلك، فمن العدل أن نفترض أن عباس قد زرع "ممرات خروج" تسمح له بالخروج من العملية الانتخابية بحجة الانقسامات الكبيرة مع حماس.
يجب أن يكون عباس مدركًا للمخاطر الحقيقية للغاية على مكانة فتح في الضفة الغربية في حالة فوز حماس في الانتخابات، الأمر الذي قد يمهد الطريق لاستيلاء حماس على المؤسسات الفلسطينية. قدّرت مصادر فلسطينية أنه إذا كان عباس جادًا حقًا في السير على طول الطريق في الانتخابات، فإنه سينتحر سياسيًا.
لم تُعلن إسرائيل بعد عن موقفها من الانتخابات، لكن من العدل أن نفترض أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تُجري تقييمات مستمرة وتجهز مسارات عمل متعددة للتعامل مع مجموعة متنوعة من السيناريوهات. قد يستخدم عباس ذريعة الرفض الإسرائيلي للسماح بإجراء الانتخابات في القدس للتراجع عن العملية.