"هآرتس": دلالات ومآلات لقاء قائد المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي مع "فتية التلال"

الأربعاء 24 فبراير 2021 09:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
"هآرتس": دلالات ومآلات لقاء قائد المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي مع "فتية التلال"



القدس المحتلة /سما/ عكا للشؤون الاسرائيلية

نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، خبرًا مفاده أن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي الجنرال تامير يدعي، التقى يوم الاثنين 22 شباط/ فبراير بعصابة "فتية التلال" في البؤرة الاستيطانية "استر" بالضفة الغربية.
 
وقالت الصحيفة: إن الحديث يدور عن لقاء استثنائي، ووصفه الجيش الإسرائيلي بأنه لقاء غير مسبوق، مشيرةً إلى أن اللقاء جاء في إطار جولة لقائد المنطقة الوسطى برفقة رئيس مجلس مستوطنات بنيامين، يسرائيل جنتس.
 
قد يبدو هذا الأمر غريبًا بعض الشيء، خصوصًا وأن الجيش الإسرائيلي يدّعي ملاحقته لهذه العصابة واعتقال أفرادها، ودائمًا ما تتواجد قوات الجيش بالقرب من هؤلاء الفتية بزعم محاولة وقف اعتداءاتهم، وهو ما يُشكل مدعاة للتساؤل حول دوافع الجيش من هذا اللقاء وما هي دلالاته ومآلاته؟
 
من هم "فتية التلال"؟
"فتية التلال" مصطلح عرفته فلسطين منذ عشرات السنين، عندما كان المستوطنون يحتلون المناطق الجبلية في الضفة الغربية لإقامة بؤر استيطانية عشوائية، والتي تتحول لاحقًا إلى مستوطنات تُشرعنها إسرائيل.
 
ووفقًا لمصادر عبرية، فقد تشكلت عصابة "فتية التلال" من خلال تعاون بين وزارة التعليم الإسرائيلية ومجلس مستوطنات "بنيامين" شمال الضفة الغربية، لتجميع الطلاب الذين فشلوا في دراستهم وتسربوا خارج العملية التعليمية، للعمل في البؤر الاستيطانية على التلال الفلسطينية ودمجهم في منظومات تعليمية لإعادة تأهيلهم.
 
ويعيش هؤلاء الفتية في بؤرٍ استيطانية في الضفة الغربية، ويسكنون في عِزَبٍ ومبانٍ منفردة ضمن مناطق مفتوحة، ومعظمهم طردوا من كل مكان حتى من بيوتهم، وهم يؤمنون بـ"أرض إسرائيل الكبرى" ويرفضون إخلاء أي مستوطنة، وينفذون هجمات ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، ومنهم انطلقت نواة جماعة "تدفيع الثمن" الإسرائيلية.
 
ويقول مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، حسن بريجية: إن "فتية التلال ليسوا تنظيمًا، وإنما هم جماعات استيطانية ينتمون لأحزاب يمنية يهودية متطرفة في إسرائيل، ويحتشدون للاستيطان وتهويد الأرض، وتعدت مهامهم في الآونة الأخيرة لشن هجمات عدوانية خطيرة ضد المواطنين الفلسطينيين، كإحراق الممتلكات والاعتداء على المساجد والكنائس".
 
وبحسب تقديرات جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، فإن عدد أفراد عصابة "فتية التلال" يصل إلى نحو 300 شخص.
 
غطاء ودعم في الخفاء
لا شك أن إسرائيل قائمة على فكرة الاستيطان منذ تأسيسها عام 1948، وهو ما يثير تساؤلًا حول حقيقة ملاحقة الجيش الإسرائيلي لعصابة "فتية التلال" التي تقوم بتنفيذ مخططات استيطانية تصب في مصلحة إسرائيل.
 
يدّعي الجيش الإسرائيلي بأنه يعمل على ملاحقة أفراد عصابة "فتية التلال" ويقوم باعتقالهم، لكنه في الحقيقة يقوم بحمايتهم والدفاع عنهم.
 
وفي هذا السياق، أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة، في حديث سابق لموقع "عربي21" أن عصابة "فتية التلال" مدعومة بشكل كامل من إسرائيل.
 
وقال جعارة: إن هذه العصابة وغيرها من المجموعات الاستيطانية، تُعدّ اليد الخفية التي تستخدمها إسرائيل لتنفيذ قرارات الضم ومصادرة الأراضي وإقامة البؤر الاستيطانية التي تتحول فيما بعد إلى مستوطنات رسمية.
 
وأشار إلى أن جُلّ هؤلاء الفتية لا تتجاوز أعمارهم سن 16 عامًا، وهو ما يشجعهم على ارتكاب الاعتداءات ضد الفلسطينيين كون القانون الإسرائيلي لا يجري على من هم تحت هذا السن.
 
ولفت إلى أن المستوطنين الذين أحرقوا عائلة دوابشة في قرية دوما قضاء نابلس، كان بعضهم ينتمي لعصابة "فتية التلال"، وبالتالي لم تتم محاكمتهم، على عكس ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين حيث أنها تقدم الأطفال للمحاكمة مهما بلغ سنهم.
 
وأوضح جعارة أن أكثر من 70 اعتداء نفذته هذه العصابة، من حرق مساجد وكنائس ومنازل وعائلات وانتهاك لحقوق الفلسطينيين خاصة في مواسم قطف الزيتون، لم يُقدم أحد من مرتكبي هذه الاعتداءات للمحاكمة، ما يعني أنهم مدعومون من أعلى المستويات في إسرائيل.
 
ونقل جعارة عن زعيم حزب "ميرتس" الإسرائيلي السابق يوسي ساريد، قوله: إن "كل الاستيطان بالضفة الغربية بدأ بكرفان (منزل متنقل)، ثم أصبح مستوطنة"، حيث تُوفر الحكومة الإسرائيلية الماء والكهرباء والأمن؛ وبالتالي تلك المجموعات "هي جزء من أدبيات الدولة والفكر الصهيوني" وفق تعبير الباحث في الشأن الإسرائيلي.
 
اعتماد إسرائيل عليهم
لا تختلف ممارسات عصابة "فتية التلال" عن سابقاتها من العصابات الصهيونية مثل "هشومير" و"بالماخ" و"الهاجناه" و"شتيرن" و"أرغون" وغيرها، التي اشتُهرت بتاريخها الأسود ضد الفلسطينيين منذ بداية فكرة احتلال فلسطين، والتي مهدت الطريق لقيام "دولة إسرائيل".
 
وقد شكلت هذه العصابات النواة الأولى لتأسيس الجيش الإسرائيلي، حيث استند في نشأته على الأفراد الذين خدموا في هذه العصابات، والتي تم توحيدها تحت قيادة مركزية واحدة والإعلان أنها القوة المسلحة الوحيدة في إسرائيل تحت مسمى "جيش الدفاع الإسرائيلي".
 
ويُشكل ذلك دليلًا واضحًا على أن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على هذه العصابات في تنفيذ مخططاتها.
 
ويقول مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، في حديث سابق لموقع "عربي21": إن "وجود هذه العصابات يعود إلى ما قبل احتلال فلسطين، حيث كانت على شكل مجموعات إرهابية تسمى الهاجناه والأرغون وشتيرن وبالماخ، ونفذت مجازر كبيرة بهدف تخويف الفلسطينيين وترحيلهم عن أراضيهم".
 
وأضاف دغلس أن مجموعات "فتية التلال" و"كهانا حي" و"حومش أولا"، لها معتقدات كثيرة تقوم على أساس طرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم.
 
وأشار إلى أن عصابة "فتية التلال" كثفت منذ عشر سنوات نشاطها، وهي ترى أن قمم الجبال والتلال الفلسطينية يجب أن يتم السيطرة عليها مهما كلف ذلك من ثمن.
 
وأكد دغلس أن نشاط هذه المجموعة معروف وواضح لدى إسرائيل، وهي تعمل على تأمين تحركاتهم بالكامل، موضحًا أن الهدف الرئيسي الذي وجدت لأجله هذه المجموعات هو إقامة بؤر استيطانية على قمم التلال.
 
وفي ظل ما سبق ذكره آنفًا، فإن لقاء قائد المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي تامير يدعي، بعصابة "فتية التلال" والذي يُعد الأول من نوعه، قد يحمل في طياته عدة مآلات على النحو الآتي:
• قد يكون هذا اللقاء من أجل احتواء وتهذيب هذه العصابة والتخفيف من حدة أفعالها، كي لا تُسبب الحرج لإسرائيل.
• وقد يكون بهدف استغلالها وتوجيهها لتنفيذ مخططات وأعمال غير مشروعة تضر بالفلسطينيين لصالح الحكومة الإسرائيلية.
• أو ربما يأتي هذا اللقاء ضمن باكورة لقاءات تُفضي إلى حل وتفكيك هذه العصابة نهائيًا ودمج أفرادها في داخل وحدات الجيش الإسرائيلي أو تشكيل وحدة خاصة بهم، وذلك مقابل شروط معينة، مثل توطينهم داخل مستوطنات كبيرة وتوفير المسكن لهم، أو اعتماد بعض البؤر الاستيطانية التي أقاموها وإزالة البؤر الأخرى.