إيهود باراك: ما نوع الزعامة التي تحتاجها إسرائيل بعد رئيس وزراء متهم جنائياً؟

السبت 06 فبراير 2021 11:02 م / بتوقيت القدس +2GMT
إيهود باراك: ما نوع الزعامة التي تحتاجها إسرائيل بعد رئيس وزراء متهم جنائياً؟



القدس المحتلة /سما/

هآرتس - بقلم: رئيس وزراء اسرائيل الاسبق إيهود باراك

قبل الانتخابات يجب علينا التركيز على ثلاث نقاط:
1- ما هو الوضع؟
2- ما الذي يجب عمله؟
3- ما هي القيادة المطلوبة لفعل ذلك؟

ما الوضع باختصار؟ في ظل هذا الوباء المخادع، وفي ظل كارثة إنسانية واقتصادية كبيرة، التي يواجهها زعماء وحكومات في أرجاء العالم، تجري في إسرائيل، فقط في إسرائيل، محاولة منفلتة العقال لانقلاب في السلطة هدفه إنقاذ شخص واحد من رعب القانون. هذا هو السبب الوحيد في أنه خلافاً للعالم الحر، ففي إسرائيل الآن جولة انتخابات رابعة خلال سنتين. وربما تكون الجولة الخامسة في الطريق. فقط في إسرائيل تعمل قوانين طوارئ ومتابعة من أجهزة الأمن للمواطنين. فقط في إسرائيل تغيب ميزانية للدولة منذ العام 2018. في إسرائيل فقط يسارعون ليقصوا على الأصدقاء ما الذي حدث خلال عملية حدثت في طهران، لكنهم يفرضون حماية لمدة ثلاثين سنة على نقاشات كورونا.

فقط في إسرائيل يحمون النائبة العامة في محاكمة رئيس الحكومة مثلما يؤمنون الحماية للمدعين العامين في محاكمات رؤساء منظمات الجريمة، ولنفس الأسباب. فقط في إسرائيل يخادعون بشأن بيانات العدوى والإصابة. فقط في إسرائيل هناك استيراد مكثف لفيروس كورونا وسلالاته رغم أننا دولة تشكل جزيرة. فقط في إسرائيل تحل الشهوة الجنسية محل الرحمة البشرية. يركضون لالتقاط الصور مع إرسالية للتطعيمات في مطار بن غوريون ويعملون عرضاً متحفياً لحقنة وخزت ذراع مميزة. ولكنهم لم يجدوا طريقة لكي يرافقوا بألم حتى لو عائلة واحدة من بين الخمسة آلاف عائلة التي فقدت أعزاءها أو زيارة بيت شخص انهارت مصلحته التجارية وانهارت معها حياته وأحلامه.

ما الذي يجب فعله؟ أولاً وباختصار، مطلوب في موضوع كورونا قبل أي شيء إنفاذ القانون. نهاية للتلعثم: يجب أن يفرض وبتشريع سريع مسؤولية جنائية على المخالفين للقانون الذين يخرقون تعليمات كورونا. مثلاً، رئيس مؤسسة تعليم أو صاحب قاعة أفراح. ويجب التوقف عن ضخ ميزانيات للزعران. صدقوني، هذا سينجح. ثانياً، يجب تعزيز قدرة عمل الجهاز الصحي، الذي تم تجويعه من قبل الحكومة منذ عقد، هذا عن طريق ضخ 10 مليارات شيكل أخرى إلى المستشفيات، ومن أجل مضاعفة قدرة معالجة المرضى في حالة صعبة بثلاثة أضعاف.

بعد سنة على الوباء، كان يجب أن يكون لدينا بدلاً من 400 سرير للعناية المكثفة والطواقم، 1200 سرير، وطواقم على الأقل. كان هذا سيوصلنا إلى مستوى الدول الرائدة في الاتحاد الأوروبي. وحتى الآن نصف عدد الأسرّة للعناية المكثفة لكل 100 ألف شخص الموجودة في دول مثل كوريا الجنوبية واليابان. من أجل ذلك مطلوب تقديم مكافأة كبيرة للأطباء والممرضات الذين هم في واجهة الصراع؛ وإيجاد كادر احتياط لتشغيله في حالة الطوارئ، من الأطباء والممرضات الذين استقالوا في السنوات العشر الأخيرة، وإلى جانبهم طلاب وممرضات من السنتين الأخيرتين في كليات الطب والتمريض؛ وتشغيل أقسام كورونا داخل الملاجئ تحت الأرض، التي قمنا ببنائها لأوقات الطوارئ تحت المستشفات الكبيرة.
ثالثاً، يجب تطبيق نموذج تفاضلي واضح بصورة العلاج، وبالأفعال وليس وبالأقوال. ما من سبب بأن “كفار سابا”، التي فيها 3 في المئة من المرضى المؤكدين، تكون في حالة إغلاق، في حين أنه بلدات لديها 30 في المئة من المرضى المؤكدين والتي هي رسمياً في حالة إغلاق، يعمل كل شخص “كما يشاء”. هذا عجز على خلفية سياسية، وفشل. يجب استبدال من هو مسؤول عن ذلك. ومثلما قال مارك توين: “السياسيون والحفاضات يجب استبدالهم بين الحين والآخر ولنفس الاسباب”.

رابعاً، مطلوب فتح كامل، حتى لو كان بالتدريج إلى حد ما، للاقتصاد والمجتمع. يجب البدء بتعلم العيش إلى جانب كورونا بمعيار المسؤولية المتبادلة لـ”كفار سابا” التي ذكرت أعلاه. العودة إلى الطبيعية، حتى لو كانت الكمامة والابتعاد لمسافة مترين وفحوصات، سترافقنا لفترة طويلة.

الأمر الأخير هو التطعيمات: يجب استكمالها بسرعة، والاستعداد لاحتمالية أن نحتاج لإجراء تحسينات في التطعيمات في كل سنة، مثلما في الإنفلونزا، وربما حتى كل تسعة أشهر.
هناك بضع كلمات عن الاقتصاد والكارثة الاجتماعية. أولاً، يجب إنشاء مجلس طوارئ اقتصادي يضم شخصيات مثل البروفيسور مانوئيل تريختنبرغ، وستانلي فيشر، وكرنيت بلوغ، ودان مريدور، وربما أيضاً كيرن تيرنر وشاؤول مريدور. على هذا المجلس أن يبلور فوراً خطة طوارئ اقتصادية بحيث تكون أساس لميزانية 2021 – 2022، وخطة للخروج من الأزمة.
ثانياً، يجب أن تتم المصادقة فوراً على الميزانية. إن عمل الحكومة بدون ميزانية في حالة طوارئ هو جريمة وفوضى وغباء في نفس الوقت. بهذه المناسبة يجب إلغاء تخصيص 80 مليار شيكل التي أعطاها بني غانتس – أنا أفترض أن ذلك نتيجة جهل وليس بنوايا سيئة – كهدية لرئيس الحكومة ووزير المالية إسرائيل كاتس، وتخصيص يمكنهم من تقديم رشوة انتخابات دون إشراف فعلي، وربما، لا سمح الله، يشوبها الفساد.

ثالثاً، يجب أن نحدد افضليات للمدى القصير وهي:
مكافحة كورونا.
تقديم دعم مباشر للعاطلين عن العمل عن طريق التأمين الوطني.
تقديم دعم مباشر للمشغلين الصغار عن طريق تأجيل دفع الضرائب ووسائل أخرى.
تقديم دعم لجهاز الرفاه والعمل الاجتماعي؛ هناك انهيارات في الزوايا الضعيفة للمجتمع في هذه الأيام.
بلورة وتطبيق خطة شاملة للخروج من الأزمة، لمدى 3 – 4 سنوات، مع التركيز على مسرعات النمو – “الهايتيك”، والبحث والتطوير، والبنى التحتية للاتصالات، والمواصلات والتعليم، بما في ذلك التعليم عن بعد وتغيير المهن.
من هنا لنذهب إلى السياسة. إن أوهام كورونا والكارثة الاقتصادية – الإنسانية تحتل الآن جل اهتمام معظم المواطنين. هذا صحيح أيضاً في كل العالم. ولا يقل عن ذلك خطورة التهديد الواقع على أسس الديمقراطية وسلطة القانون من خلال قمة السلطة. معظم المواطنين لا يرون في ذلك تهديداً خطيراً يشبه التهديدات السابقة. هذا نتيجة غسل أدمغة منهجي، وأخبار كاذبة، وحقائق بديلة وما بعد الحقيقة.

ومثلما في أماكن أخرى في العالم، التي فيها فقدان مطلق للثقة بالسلطة وبمؤسسات الديمقراطية، تحولت السياسة إلى نوع من استمرار برامج الواقع، مثل صراع البقاء. وليس صدفة أن نجوم برامج الواقع والأوهام يتحولون إلى زعماء لهم شعبية وشعبويين. من الضروري أن نواجههم رأساً برأس حول قيمنا، قيم وثيقة الاستقلال. وهذا جزء من المطالب التي نطلبها من القيادة في هذا الوقت. وثمة مواضيع مهمة أخرى مثل مستقبل المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، أو ضم مقابل احتلال، وسنضطر إلى تأجيلها في هذه المرحلة، لكن من المحظور بأي حال من الأحوال أن نفقد اتصالنا البصري بها. سنحتاج بعد ذلك إلى العودة إليها.

من مثلث التحديات – مخادعات كورونا، والكارثة الاقتصادية والاجتماعية، والهجوم على أسس الديمقراطية من قبل قمة السلطة – ينبع أيضاً توصيف نوع القيادة المطلوبة اليوم لإسرائيل. ففي الدولة، أيضاً بين المتنافسين فعلياً في الانتخابات، أشخاص قد يكونون الزعماء الصحيحين لهذا الوقت، رغم أنهم يختلفون عن بعضهم.
ما هي المطالب من هؤلاء القادة؟ “رجل فيه روح”، هكذا قيل في تراثنا، وشخصية بعيدة النظر، حكيمة ومصغية لكل كلمة من الواقع، لكن تحمل معها ضميراً داخلياً، شخص لديه الشجاعة على اتخاذ القرارات وقوة لتنفيذها. شخصية أسسها مستقلة، أصيلة، متكاملة ودرجة من الحميمية والشفقة الإنسانية البسيطة. شخصية تربط وتوحد وتشفي وتشطب عقود من التحريض والتقسيم. ليس عن طريق إقصاء وطمس الخلافات (هذه الخلافات قائمة وحية)، بل عن طريق تشكيل وتقديم رواية تحول عملية إذكاء هذه الخلافات إلى أن يتم حلها – بانفتاح ومن خلال احترام الآخر – إلى مصدر الانضباط وسبب انتماء بعضنا لبعض.

عائلة كبيرة، واحدة، متنوعة، واسعة ومتعددة الوجوه، مسموح أن يختلف فيها الواحد مع الآخر، وحتى أن نبقى مختلفين، لكون “هذه وتلك أقوال الله الحية”؛ لكنه مجتمع في وقت الاختبار، مثل اختبار كورونا الذي تعدّ فيه الأخطار التي تتعرض لها الطواقم الطبية العاملة في وحدات العناية المكثفة مع المرضى المربوطين بأجهزة التنفس الاصطناعي ومع المرضى في حالة صعبة، هي أخطار تمس حياتهم هم أنفسهم، إنما هو مجتمع يقوم بالتكتل في وقت الأزمات. الجميع من أجل الواحد والواحد من أجل الجميع.

وما هو هذا العامل المشترك؟ لقد قيل “هذه وتلك هي أقوال الله الحية” والشريعة هي مثل بيت هيلل. لماذا؟ حكماؤنا فسروا ذلك: لأن بيت شماي سمعوا أنفسهم فقط. و”عرفوا مسبقاً بأنهم على حق”. بيت هيلل لم يقرروا في أي مرة موقفهم قبل أن يسمعوا ويعرفوا موقف الطرف الثاني. لقد حاولت معرفة موقف الطرف الثاني. وهاكم المبادئ الأربعة التي وجدت أن 80 في المئة من الإسرائيليين يتبنوها: مبادئ يجدر أن تكون أساس وجودنا المشترك. هي في نظري أيضاً الدليل على أن مقولة “الشعب مع اليمين” هي مقولة لا أساس لها من الصحة. الشعب مع من يعرف كيف يبلور أغلبية حول هذه المبادئ الأربعة، ليس للانتخابات فقط، بل للحياة نفسها. وفيما يلي هذه المبادئ:
1- الأمن قبل وفوق أي اعتبار آخر.
2- وحدة الشعب تسبق وحدة البلاد.
3- إعلان الاستقلال هو أساس لقيم إسرائيل، والأساس الفعلي لدستورها.
4- إنجازات الدولة هي للمواطنين وليس للسلطة. لذلك، جميع المواطنين يستحقون أن يكونوا شركاء في ثمارها.
ليتنا نحظى بقيادة كهذه.