أصدرت المحكمة المركزية في القدس امس ، أمر منع يقضي بتجميد البحث في المخطط التنظيمي الذي اعدته بلدية الاحتلال لمنطقة القدس الشرقية وتجميد موعد الاعتراضات على المخطط إلى حين الفصل النهائي في القضية العالقة امام المحكمة .
وقد جاء هذا القرار بناءا على الالتماس الذي تقدم به المحامي غياث ناصر إلى المحكمة بالانابة عن مجموعة من المواطنين من القدس وبدعم من المجلس النرويجي للاجئين ، يعالج العيوب والخروقات القانونية التي وقعت في إجراءات نشر المخطط للجمهور والتي ادت إلى عدم معرفته ودرايته بهذا المخطط واسقاطاته.
ويستهدف المخطط المذكور، اهم المناطق الحساسة في القدس الشرقية، وهي مركز المدينة، وتبلغ مساحته حوالي سبعمائة دونم تقريبا، وهي المنطقة الواقعة بين سور البلدة القديمة والشارع سلطان سليمان من الجنوب وبين منطقة الشيخ جراح من الشمال وبين منطقة وادي الجوز من الشرق وشارع رقم واحد من الغرب. وقد قامت اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء وبلدية الاحتلال بالقدس بنشر المخطط للجمهور في أواخر شهر تشرين أول الفائت.
وعبرت جهات عديدة لا سيما مؤسسات حقوق الانسان المختلفة عن قلقها الشديد جراء المخطط المذكور الذي يهدف الى تجميد الوضع العمراني القائم في مركز المدينة بشكل يحول دون تطورها وتقدمها لسنوات طويلة، لا سيما وانه يعرف ابنية ومساحات شاسعة من ضمن المخطط كمناطق اثرية للحفظ. وقد بلغ عدد المباني التي عرفها المخطط كمباني للحفظ ما لا يقل عن 146 مبنى. هذا ناهيك عن أن المخطط لا يمنح السكان ادنى حقوق ونسب البناء المطلوبة بالمقارنة ما قد منحته السلطات الاسرائيلية في القدس الغربية وفي مدن اخرى بشكل تميزي ومجحف . وقد قامت البلدية بالشروع بالمخطط المذكور دون الرجوع إلى المرجعيات الفلسطينية المختلفة خصوصا وان المخطط يستهدف اهم المواقع الخلافية في مسائل الحل الدائم بين السلطة الفلسطينية واسرائيل مستغلة الجمود القائم في عملية السلام على الصعيد السياسي. وقد تكاتفت جهود مجموعة كبيرة من المؤسسات من اجل الاعتراض على المخطط والعمل على ابطاله.
ويهدف الالتماس الذي قدم الى المحكمة المركزية إلى تجميد البحث في المخطط بسبب العيوب والخروقات التي وقعت في إجراءات نشره للجمهور. ويلزم القانون اللجنة اللوائية باتباع مجموعة من القواعد والاجراءات التي حددها القانون عند نشر أي مخطط تنظيمي. وتهدف هذه القواعد في الاساس الى ضمان معرفة ووعي الجمهور بالمخطط لكي يتسنى له تقديم الاعتراض عليه.
وقال المحامي ناصر في الالتماس المذكور، انه وقعت خروقات قانونية عديدة في اجراءات نشر المخطط بشكل يخل بقواعد النشر التي وضعها القانون. واشار الى وقوع خلل في ترجمة نص الاعلان الذي نشر باللغة العربية، كما اكد ان هذا الاعلان منقوص ، اذ لم يشتمل على المعلومات الكافية التي توضح ان المخطط هو مخطط يعرف مساحات شاسعة منه على انها مناطق اثرية للحفظ. كما أنه لم يشتمل على ارقام البيوت الواقعة ضمن مواقع الحفط التي يحددها. وشدد المحامي ناصر على انه وفق القانون كان يتوجب على اللجنة اللوائية ارسال كتاب شخصي لكل صاحب بيت او متصرف من اصحاب ال- 146 مبنى التي يعرفها المخطط كمباني للحفظ ، الامر الذي لم يتم حتى الان. كما شدد على انه كان على اللجنة اللوائية نشر جميع المستندات التي قدمت الى اللجنة اللوائية قبل ايداع المخطط في الموقع الرسمي لهيئة التنظيم الامر الذي يحتمه القانون وذلك لكي يتسنى للجمهور الاطلاع عليها قبل تقديم الاعتراضات الامر الذي لم يتحقق حتى الان.
وقد طالب الالتماس بإلغاء إجراءات نشر المخطط واعتبارها غير قانونية وباطلة وبالتالي منع الشروع في بحث المخطط امام اللجنة اللوائية وتجميد موعد الاعتراضات عليه. وقد اوعزت المحكمة المركزية الى اللجنة اللوائية الرد على طلب امر المنع القاضي بمنع الشروع في بحث المخطط وتجميد موعد الاعتراضات عليه.
وبعد ان قدمت اللجنة اللوائية ردها وتقديم الملتمسين الجواب على هذا الرد، اصدرت المحكمة المركزية امس ، قرارها بقبول طلب امر المنع وقضت بوقف بحث المخطط وتجميد موعد الاعتراضات عليه إلى حين الانتهاء من بحث القضية امامها. واوضحت المحكمة في قرارها انها ترى ان الالتماس يثير مسائل قانونية جديرة في البحث امام المحكمة بشأن قانونية اجراءات نشر المخطط ولذلك فهي تقرر تجميد البحث به وتجميد موعد الاعتراضات. كما اوضحت المحكمة ردا على ادعاء الدولة، ان الوقت الاضافي لمدة 60 يوما الذي أعلنت عنه اللجنة اللوائية امام المحكمة العليا في استئناف سابق تقدم به المحامي ناصر، لن يكون كافيا للانتهاء من بحث هذا الالتماس ولذلك فهي تقرر قبول طلب امر المنع حتى الانتهاء من الفصل بهذا الالتماس. وقد عبرت جهات ومؤسسات عديدة عن سرورها بهذا القرار، لا سيما وهو يمنح وقتا اضافيا لتكاتف الجهود والعمل على ابطال المخطط بشكل نهائي.