هآرتس - بقلم: عاموس هرئيل "يبدو أن إسرائيل تستغل مؤخراً ضعفاً تكتيكياً نسبياً لإيران في سوريا، وإلى جانبه فترة الانتظار التي دخلت إليها طهران إلى الساحة الإقليمية قبل أداء الرئيس بايدن وإدارته للقسم في الولايات المتحدة، من أجل أن تزيد الهجمات ضد مصالح إيرانية في سوريا. تحدثت وسائل الإعلام العربية في الأسابيع الأخيرة عن ثلاث هجمات جوية مختلفة نسبت لإسرائيل في سوريا.
ليل الأربعاء تم الإبلاغ عن هجوم في منطقة كسوة غرب دمشق، وغير بعيد عن الحدود السورية – اللبنانية. وفي الأيام العشرة التي سبقت القصف الأخير تحدثت هناك أيضاً تقارير عبر وسائل الإعلام العربية عن هجمات أخرى ضد مجمع الصناعات العسكرية السوري (معهد سارس) شمالي دمشق، وآخر في جنوب العاصمة دمشق، في الجزء الشمالي من هضبة الجولان السورية.
حسب التقارير، وجهت تلك الهجمات المنسوبة لإسرائيل ضد عدد متنوع من الأهداف في سوريا: مواقع لإنتاج السلاح، موخازن للسلاح الذي بحوزة حزب الله، ومواقع مشتركة للفيلق 1 في الجيش السوري (القيادة الجنوبية) التي يستخدمها حزب الله في جنوب سوريا بهدف الرقابة على خلايا إرهابية محلية. وكذلك استهداف وحدة لنظام الدفاع الجوي السوري.
ومقارنة بالأشهر السابقة التي األغ فيها بالمتوسط عن هجوم واحد كل ثلاثة أسابيع تقريباً، يبدو أن إسرائيل زادت السرعة. وإلى جانب استمرار المس التكتيكي بمصالح إيران، تقوم ببث رسائل لنظام الأسد بهدف تقليص تدخل بطارياته للدفاع الجوي في الدفاع عن المواقع العسكرية لإيران وحزب الله في الأراضي السورية.
هذه الهجمات تعكس استغلالاً لما ظهر كضعف تكتيكي وتشويش استراتيجي في الجانب الإيراني، خصوصاً منذ اغتيال أمريكا لقائد فرقة القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في كانون الثاني من العام الماضي. وقالت أجهزة استخبارية غربية مشاركة في التقدير، إن من حل محله، الجنرال إسماعيل قاآني، يجد صعوبة في الدخول في حذائه لقيادة جهد منظم لخدمة مصالح إيران مثلما فعل سلفه.
في الوقت نفسه، تعدّ طهران الأيام المتبقية أيام مغادرة ترامب للبيت الأبيض في الأسبوع القادم في 20 كانون الثاني. في هذه الأثناء، يركز الإيرانيون على خطوات رمزية مثل بيان عن استئناف تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المئة كجزء من الإشارات الموجهة للأمريكيين. وخلافاً للتخوفات التي سمعت في الولايات المتحدة وإسرائيل، لم تسجل أي محاولة لعملية انتقام إيرانية في الذكرى السنوية لقاسم سليماني التي صادفت قبل أسبوع. مع ذلك، ما زالت إسرائيل غير مقتنعة تماماً بأن الخطر قد زال.
حساب مفتوح
احتفظت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة على مستوى عال من الاستعداد على خلفية التقدير بأن الإيرانيين سيعملون ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية كانتقام مشترك على اغتيال سليماني ورئيس المشروع النووي الإيراني العسكري، البروفيسور محسن فخري زادة في نهاية تشرين الثاني، وهي العملية التي وقعت في شرق طهران ونسبت للموساد الإسرائيلي.
وتستعد إسرائيل لاحتمالية هجوم عن بعد من جانب الإيرانيين أو المليشيات وتنظيمات المتمردين التي تعمل بتوجيه منها من سوريا والعراق وحتى من اليمن. ورغم أن رئيس حزب الله، حسن نصر الله، سارع إلى التوضيح بأن منظمته لن تكون جزءاً من برامج إيران في هذه الحالة، إلا أن درجة من اليقظة كانت على طول الحدود اللبنانية. كما يستعد جهاز الأمن لعدة سيناريوهات، منها إطلاق صواريخ، وإطلاق صواريخ بالستية بعيدة المدى، واستخدام طائرات بدون طيار، وصواريخ كروز أو محاولة لاغتيال شخصيات إسرائيلية أو المس بممثليات إسرائيلية في الخارج.
لم يتحقق حتى الآن أي من هذه التقديرات. وقد يكمن جزء من تفسير ذلك في صعوبات تنظيمية لفرقة القدس في العراق وسوريا. ومع ذلك، يفترض الجانب الإسرائيلي أن الحساب في نظر الإيرانيين ما زال مفتوحاً وأن عملية الانتقام آتية، في الوقت الذي ستعثر فيه طهران على فرصة مناسبة لذلك. وأكثر متحدثون إسرائيليون مؤخراً من ذكر الانتشار الإيراني في اليمن كمساعدة للحوثيين. قبل أسبوعين تقريباً نفذ المتمردون الحوثيون هجوماً طموحاً على حكومة اليمن الجديدة في الوقت الذي هبط فيه وزراؤها في مطار عدن، حيث تم إطلاق صواريخ على المطار ومهاجمة طائرات بدون طيار، وقد قتل أكثر من عشرين شخصاً.
مؤخراً تم نشر، وبصورة استثنائية نسبياً، بطارية قبة حديدية في إيلات. ولوحظ في الأسابيع الأخيرة أيضاً نشاط استثنائي لطائرات قتالية في سماء جنوب البلاد، ويبدو أن الأمر متعلق بجزء من محاولات التشويش على عملية محتملة للتنظيمات التابعة لإيران، التي يشغلها الإيرانيون باتجاه الجنوب. هذا يمكن أن يتمثل في تهديد مباشر للأراضي الإسرائيلية أو تهديد الحركة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر.
أصدر مركز الأبحاث الاستراتيجية البحرية في جامعة حيفا، الأسبوع الماضي، وثيقة تقدير موقف استراتيجي للعام المقبل، فكتب رئيس المركز د. شاؤول حوريف عن الأهمية المتزايدة للبحر الأحمر. وحسب قوله، فإنه “في هذا المجال من مسارات السفن الرئيسية في العالم، يحدث صراع بين لاعبين كثيرين من أجل السيطرة. وفي ضوء الأهمية المتزايدة للتجارة الإسرائيلية مع آسيا والتي تمر في هذه المسارات، وفي ضوء العلاقات الوطيدة لعدد من اللاعبين المحليين مع لاعبين إقليميين ودوليين (مثل الحوثيين وإيران)، يجب على إسرائيل فحص التطورات في هذا الفضاء بصورة مستمرة وعميقة.