تولّى الكونغرس الأميركي الجديد مهامه في واشنطن، الأحد، وسط أجواء مشحونة في ظل ترقب حسم هوية الغالبية في مجلس الشيوخ، واجتمع مجددا أعضاء البرلمان ذي الغالبية الديمقراطية والذي يتميّز هذه المرّة بكونه متعددا أكثر من أي وقت وبأنه يضم أكبر عدد من النساء، لأداء اليمين وسط احترام بروتوكول صحي صارم.
ويُتوقع أن تكون جلسة يوم الأربعاء المقبل، حافلة، فعلى جدول أعمالها المصادقة على فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، ويُتوقّع كذلك أن تتولى المخضرمة نانسي بيلوسي (80 عاما) ولاية جديدة رغم تردد بعض الأعضاء في يسار حزبها الديموقراطي.
وفي مجلس الشيوخ الذي بدأ دورته الجديدة أيضا، ما تزال الغالبية معلّقة بانتظار انتهاء الانتخابات المقررة يوم الثلاثاء في ولاية جورجيا. ولكي يعود هذا المجلس إلى سيطرة الديمقراطيين، يتعين على مرشحَيهم الفوز بمقعدَي الولاية، في رهان يبدو صعبا.
ومن المقرر أن يتوجّه كل من بايدن والرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، إلى الولاية، الإثنين لدعم المتنافسين.
وقالت السناتور الجمهورية، كيلي لوفلر (50 عاما) التي تأمل في الحفاظ على مقعدها في مواجهة المرشح الديمقراطي القس رافايل وارنوك (51 عاما)، في تصريح لشبكة "فوكس نيوز"، إنّ "مستقبل البلاد يتقرر هنا، في جورجيا، من خلال بطاقات اقتراعنا".
وأضافت: "إنّه خيار بين حرياتنا (...) والاشتراكية"، مستعيدة بذلك حجة الجمهوريين في هذا السباق: التحذير من هيمنة اليسار على السلطة.
من جهته، قال المرشح الديمقراطي، جون أوسوف (33 عاما) الساعي إلى إلحاق هزيمة بالسناتور الجمهوري، ديفيد بيرديو (71 عاما)، في تصريح عبر شبكة "سي إن إن": "نحن على وشك تحقيق نصر تاريخي بعد أربع سنوات شابها انعدام الكفاءة بشكل فادح والعنصرية والكراهية والوصم".
وكان ترامب قد غرّد مرارا في الأيام الأخيرة حول جورجيا. ولم يكن هدفه دعم مرشحَي حزبه بقدر ما أراد التنديد بـ"عمليات احتيال" قال إنّها واسعة النطاق وحرمته الفوز بهذه الولاية الجمهورية تقليديا.
وما يزال ترامب رافضا الإقرار بهزيمته بعد مرور شهرين على الانتخابات. ورغم إخفاقه في معركة قضائية أراد خوضها، فإنّه نجح في بث الشك في أذهان بعض مؤيديه الذين يعتزمون التظاهر الأربعاء في واشنطن.
وتتزامن مسيرتهم التي قال ترامب إنّه سيشارك فيها، مع انعقاد جلسة الكونغرس الهادفة إلى المصادقة على تصويت كبار الناخبين رسميا لصالح جو بايدن (306 مقابل 232)، بيد أنّ هذه الخطوة الدستورية التي لا تتخطى عادة كونها إجراء شكليا، تعِد بأن تكون صاخبة هذا العام، فالرئيس المنتهية ولايته يعوّل على دعم بضعة نواب وأعضاء في مجلس الشيوخ بعدم اعترافهم بفوز منافسه بايدن، وذلك رغم إقرار شخصيات جمهورية وازنة بذلك، على غرار ميتش ماكونيل.
وتعهد هؤلاء الاعتراض على الإقرار بتصويت كبار الناخبين خلال جلسة الأربعاء، وإعلاء الصوت بشأن عمليات التزوير المزعومة داخل مبنى الكونغرس.
ويمكن لتدخلهم أن يؤدي إلى إبطاء الخطوة الدستورية، لا تقويضها، إلا أنّ زميلهم ليندسي غراهام الذي كان قريبا من ترامب، قال إنّ "الأمر يبدو أشبه بمناورة سياسية أكثر من كونه علاجا فعالا".
وفي نهاية المطاف، قد تؤدي هذه المواقف المعترضة إلى رفع عقبات في وجه بايدن ونيته عقد "مصالحة" في البلاد بعد عهد ترامب، بعيدا عن الاختلافات الحزبية.
وبانتظار استحقاق الثلاثاء في جورجيا، فإنّ بيرديو ولوفلر يعدّان حسابيا الأوفر حظا، فقد احتل الأول الصدارة في الدورة الانتخابية الأولى، ويتوقّع أن تستفيد الثانية من دعم مرشح محافظ آخر، غير أنّ خصميهما الديمقراطيين، جون أوسوف ورافايل وارنوك (51 عاما)، سيعتمدان على الزخم الذي أحدثه فوز جو بايدن لتحقيق مفاجأة.
كما أنّ الحملة التي قادها ترامب عقب الانتخابات قد تأتي بمردود عكسي على الجمهوريين، إذ قد يلتزم ناخبون منازلهم لاقتناعهم بمزاعم الرئيس المنتهية ولاية بحدوث عمليات تزوير انتخابية.
وأعلنت ستايسي أبرامز، الأميركية من أصل إفريقي والتي تعدّ نجمة صاعدة في الحزب الديمقراطي بولاية جورجيا، أنّ "المعركة صعبة ولكنّ النصر الديمقراطي ممكن".
والأحد، تلاقي كامالا هاريس التي ستصير في 20 كانون الثاني/ يناير أول امرأة وسمراء نائبة للرئيس الأميركي، الناخبين السود في هذه الولاية الذين يشكّلون أحد مفاتيح الفوز بالانتخابات المحلية.
وفي حال فوز العضوين الديمقراطيين، سيضم مجلس الشيوخ 50 عضوا عن كلّ حزب، وسيتعيّن حينها على هاريس الفصل حين تتساوى الأصوات، ما يرجّح كفة الديمقراطيين، أما في حال الإخفاق، فيتعيّن على فريق بايدن السعي إلى استمالة أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الوسطيين عند كل مشروع قانون أو تصويت على تعيين، ما سيحدّ بشدة من هامشه للمناورة.