تمارس الفتاة ياسمين رمزي زقوت (19 عاماً) رياضة الكاراتيه التي احترفتها مؤخراً في منزلها الواقع في حي الشيخ رضوان، شماليّ مدينة غزة، وذلك بسبب إغلاق النوادي والصالات الرياضية جراء جائحة كورونا، لتقضي جل وقتها في تعزيز مهاراتها في هذا النوع من أنواع الفنون القتالية التي حصلت فيه على 8 أحزمة، كان آخرها الحزام الأسود درجة أولى، وذلك بعد 5 سنوات من التدريب في أحد النوادي الرياضية، توّجتها بحصولها على المركز الثاني على مستوى الوطن في البطولة الأخيرة التي نظمها الاتحاد الفلسطيني للكاراتيه.
وتقول زقوت في حديث لـ"القدس": "بدأت بتعلم رياضة الكاراتيه في العام 2016 حيث تدربت في أكاديمية نادي المشتل الرياضي بعد ان شاهدت اعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي لدورة كاراتيه مخصصة للفتيات فتشجعت للفكرة باعتباره شيء مختلف ونادر بالنسبة للفتيات في قطاع غزة، كما وجدت أن إمكاناتي وحبي الشديد لممارسة أنواع الرياضة المختلفة يؤهلاني للمشاركة بهذه الدورة".
وتضيف زقوت: "شغفي لهذه الرياضة زاد بعد الدعم الذي لقيته من أهلي وصديقاتي، حيث قررت أن أبدأ مشواري في هذه الرياضة التي زاد حماسي لها يوماً بعد يوم حيث أنني أؤمن بأن الرياضة بكافة أشكالها حق لكلا الجنسين، بما لا يتعارض مع قيم الشريعة وآداب المجتمع الذي نعيش فيه".
وتوضح زقوت أنها اختارت رياضة الكاراتيه بسبب نظرة المجتمع العنصرية، حيث لا تستطيع الفتيات في قطاع غزة ممارسة هذا النوع من الرياضة لذلك أرادت أن تكسر تلك العادات والتقاليد، مشيرةً إلى أن هناك الكثير من الفتيات يرغبن في لعب الكاراتيه، ولكن نظرة المجتمع تكسر مجاديفهنّ، مؤكدةً ضرورة أن تتسلح كل فتاة برياضةٍ تعزز قدرتها على حماية نفسها وأُسرتها، موضحةً أن رياضة الكاراتيه غيّرت الكثير من شخصيتها وطريقة تعاملها مع مَن حولها، فهي لم تعد تخشى أي اعتداء عليها، وزادت ثقتها بنفسها وقدرتها على حماية نفسها، منذ تعلمت تلك الرياضة.
وتقول زقوت لـ"القدس" إنها لم تُلقِ بالاً لأيّ انتقادات، واعتبرتها دافعاً للاستمرار في الرياضة التي تحبها، والوصول إلى العالمية وحصد الجوائز، قائلةً: "بعدما تعلمت رياضة الكاراتيه التي تعتبر فناً للدفاع عن النفس مررتُ في مواقف عدة، شعرت من خلالها أنني أستطيع أن أُدافع عن نفسي"، مضيفةً: "أتعامل باحترام مع الجميع، وأحترم أُنوثتي ولا أتنمر على الناس، وأُظهر شخصيتي القوية عندما أتعرض إلى موقف يحتاج إلى ذلك" .
وتضيف زقوت: "أهلي شجعوني بقوة بعد أن عارضوا الفكرة في البداية، ولكن بعد أن وجدوا أنني استطعتُ أن أُواجه نظرة المجتمع وكثيراً من الانتقادات التي صدمتني في بداية طريقي في هذا المجال"، موضحةً أنّ أُسرتها كانت مصدر دعم لها، إلى جانب عزيمتها وثقتها بنفسها، مؤكدةً أنها تسعى إلى دراسة الرياضة كتخصص جامعي، لتمكينها من ممارستها على أسس عملية وسليمة، وتطوير مهاراتها في مجالات رياضية أُخرى، حيث أعربت عن أملها في أن تتمكن مستقبلاً من تأسيس نادٍ لتدريب الفتيات في قطاع غزة على رياضة الكاراتيه.
وتتابع زقوت: "منذ 5 سنوات ألعب في نادي المشتل الرياضي حيث حصلت في العام الأول على الحزام الأبيض حتى وصلتُ إلى الحزام الأسود درجة أُولى، حيث كنت أتوجه ما بين مرتين إلى ثلاث مرات أُسبوعياً إلى النادي لممارسة تمارين رياضة الكاراتيه".
وتطمح زقوت أن تصبح لاعبة دولية، وأن تمثل فلسطين في المحافل الدولية، مشيرةً في هذا السياق إلى أنه قد عُرضت عليها المشاركة في بطولات خارجية، وكذلك في الضفة الغربية، ولكنّ الحصار وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي حالت دون ذلك.
ولم تتوقف زقوت عند تعلُّم وممارسة رياضة الكاراتيه، بل تعلمت منذ أيامٍ عدةٍ رياضة "السكيت"، وهي رياضة خطيرة تعتمد على توزان الجسم، حيث قالت: "اشتريتُ السكيت منذ شهر، وساعدتني إحدى الصديقات في البداية على تعلُّم هذه الرياضة لعدة أيام، ثم بدأت أخرج وحدي يومين إلى ثلاثة أيام في الأُسبوع إلى ساحة برشلونة، جنوبيّ مدينة غزة، حيث لا توجد ساحات قريبة لممارسة هذه الرياضة".
وتشير زقوت في نهاية حديثها إلى أنها لا تسعى إلى الشهرة، ولكن هدفها الأساسي هو أن توصل صوت الفتيات أمثالها في قطاع غزة الذين يعشن أوضاعاً صعبة بسبب الصورة النمطية التقليدية للمرأة، وأنها تريد أن تُثبت للمجتمع أن الرياضة ليست حكراً على الذكور، وأن من حق الفتيات ممارسة الرياضات التي يرغبن فيها".