نشرت الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي، اليوم السبت، النصّ الكامل لاتفاقهما التاريخي الذي يؤطّر العلاقة بعد خروج المملكة من التكتل، وهو يوضح بالتفصيل المواضيع التي تباحث فيها الجانبان على مدى أشهر.
وهذا النص المؤلف من 1246 صفحة يحدد خصوصا الخطوط العريضة حول طريقة معالجة النزاعات بشأن التجارة وقضية الصيد البحري الحساسة والتي شكلت نقطة الخلاف الرئيسية في المفاوضات.
ومن المقرر أن يصادق البرلمان البريطاني الأسبوع المقبل على هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس، وسيدخل حيز التنفيذ مؤقتا في الاتحاد الأوروبي في انتظار تصويت البرلمان الأوروبي عليه المتوقع الشهر المقبل.
وهو يحل مكان اتفاق تجاري انتقالي عقد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ينتهي العمل بموجبه الخميس المقبل.
يعني الاتفاق أنه لن تكون هناك أي رسوم أو حصص على جميع المنتجات البريطانية والأوروبية تقريبا التي يتبادلها الطرفان.
وسيبقى على الصادرات البريطانية الامتثال لمعايير الصحة والسلامة التي يضعها الاتحاد الأوروبي بينما تحكم قواعد صارمة المنتجات المصنوعة من مكوّنات مصدرها خارج المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
رفضت المملكة المتحدة أي دور لمحكمة العدل الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي، لذلك ستتم معالجة النزاعات من قبل منظمة التجارة العالمية أو هيئات التحكيم الخاصة المؤلفة من ثلاثة خبراء قانونيين وتجاريين مستقلين، في حال فشل الاستشارات.
وسيشرف على هذه المعاهدة الشاملة "مجلس شراكة" مع ممثلين من الجهتين.
وستشرف لجان مختلفة تابعة لهذا المجلس على كل جوانب المعاهدة. وسيكون هناك أيضا خيار أمام النواب وأعضاء البرلمان الأوروبي لتشكيل "مجلس شراكة برلمانية".
كان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلا إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسيا وآخر نقطة تم حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق.
وأصرّت بريطانيا مرارا على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.
وفي النهاية، توصّل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجا عن 25% من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف سنة.
وسيتم إجراء مفاوضات سنويا بعد ذلك على كميات السمك التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية. وإذا لم تكن النتيجة مرضية بالنسبة إلى بروكسل فسيكون بإمكانها اتّخاذ تدابير اقتصادية ضد المملكة المتحدة.
وظهرت عثرة أخرى تمثّلت بما أطلق عليها قواعد "الفرص المتساوية" التي أصر عليها الاتحاد الأوروبي لمنع الشركات البريطانية من امتلاك أفضلية على منافساتها الأوروبية إذا خفضت لندن معاييرها مستقبلا أو دعمت الصناعات لديها.
وعملت المملكة المتحدة جاهدة لتجنّب قيام نظام من شأنه أن يمكّن بروكسل من إجبارها على التزام قواعد التكتل في مسائل على غرار القواعد البيئية أو العمالة أو الدعم الذي تقدّمه الدولة للشركات.
وستنشئ المملكة المتحدة هيئة مستقلة لإقرار قانون المنافسة كنظير لهذا الدور الذي تضطلع به المفوضية الأوروبية مع التمسك بالمبادئ المشتركة.
ولن يتم حظر الإعانات المؤقتة التي تقدم لمواجهة "حالة طوارئ اقتصادية وطنية أو عالمية"، عندما تكون "مناسبة".
وستكلف محاكم من كل جهة، بما فيها محكمة العدل الأوروبية، رغم عدم ذكرها تحديدا في هذا الجزء من المعاهدة، بتقرير سبل معالجة الدعم الحكومي غير المنصف.
ستغادر بريطانيا الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الموحدة نهاية العام، ما يعني أن الأعمال التجارية ستواجه سلسلة قيود جديدة على الواردات والصادرات عبر المانش.
وأفادت المملكة المتحدة أن الاتفاق يسمح بالاعتراف بخطط "التاجر الموثوق" التي من شأنها أن تخفف البيروقراطية على الجانبين، لكن لم يتضح بعد إلى أي درجة يمكن تطبيق ذلك.
أشارت لندن إلى أن الطرفين سيواصلان مشاركة المعلومات المرتبطة بالحمض النووي والبصمات ومعلومات الركاب كما سيتعاونان في إطار وكالة تطبيق القانون الأوروبية "يوروبول".
وتفيد بروكسل أنه "يمكن تعليق التعاون الأمني في حال حدوث انتهاكات من جانب المملكة المتحدة لالتزاماتها في ما يتعلق بمواصلة الامتثال إلى الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان".
رغم الاتفاق، حذّر الطرفان من أن "تغييرات كبيرة" مقبلة ستطرأ اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير بالنسبة للأفراد والأعمال التجارية في أنحاء أوروبا.
ولن يكون من الممكن أن يواصل مواطنو المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستفادة من حرية الحركة للإقامة والعمل على طرفي الحدود.
وأكدت بروكسل أن "حرية حركة الناس والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستنتهي".
ويحدد الاتفاق من هم المسافرون من أجل العمل الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة للرحلات القصيرة. وتم استبعاد الموسيقيين والفنانين وفناني الأداء من هذه القائمة، ما يعني أنهم قد يحتاجون إلى تأشيرات لإقامة حفلات مدفوعة في الخارج.
وأضافت أن "الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيشكلان سوقين منفصلين: فضاءان تنظيميان وقانونيان منفصلان. سيخلق ذلك قيودا في الاتجاهين على تبادل البضائع والخدمات وعلى الحركة عبر الحدود والمبادلات، غير موجودة اليوم".