مرهقة أخبار التطبيع.. مرهقة إلى حد الإنهاك ومن يتابعها يقف عاجزا عن فهم هذه التحولات المتسارعة الحاصلة في مشهد عربي لم يعد فيه من العربي غير الاسم والإفلاس..
انهم عنصريون حتى في توزيع التلقيح وفي عدم احترام قسم ابقراط و في نجدة المصاب و الجريح و المريض كما نصت عليه الاتفاقات الدولية ..وسيكون من حق آلاف المستوطنين القادمين من كل انحاء العالم للاستيطان على ارض فلسطين الاسبقية لا في الحصول على اللقاح ضد فيروس كورونا ولكن الاسبقية في الحصول على اللقاح الافضل القادم من اكبر المخابر الدولية المتعارف عليها..و في المقابل سيتعين على الفلسطيني الانتظار ان يقر الاحتلال بحقه في التطعيم ضد الفيروس اللعين الذي يتاكد اليوم انه ارحم من فيروس الاحتلال البغيض و من مخططات ناتنياهو و معه صقور اليمين المتطرف ..
انه زمن التطعيم في زمن التطبيع المجاني العابر للحدود.. تطبيع جارف يدوس كل يوم على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي يتلقى الطعنات تباعا من الاشقاء الذين تخلوا عن القضية وجعلوا منها عنوانا للسمسرة السياسية والصفقات التجارية والرياضية وحتى الثقافية، فضلا عن طعنات الاعداء وممارسات الاحتلال الذي يمارس القتل البطيء على هذا الشعب المحاصر والمعزول عن كل العالم، والذي يقف اليوم، امام معاناة جديدة تضاف الى قائمة المآسي التي دأب عليها على مدى عقود..
..سلطات الاحتلال الاسرائيلي تتنصل من مسؤوليتها الاخلاقية والإنسانية في السماح للفلسطينيين بالحصول على التلقيح الذي تسعى لتوفيره للمستوطنين في الضفة ولمواطنيها داخل الخط الاخضر وتحرم بالتالي الفلسطيني الخاضع للاحتلال من حقه في التلقيح.. والأسوأ من كل ذلك ان تعمد سلطات الاحتلال في غفلة من العالم الى توفير لقاحات غير التي ستقدم للمواطن الاسرائيلي ليتم تجربتها على الفلسطينيين وكأنهم فئران تجارب لما يسوق من لقاح قد لا يخضع للمراقبة من منظمة الصحة العالمية.. والأمر قد لا يستغرب من جانب سلطة الاحتلال التي دأبت على سياستها العنصرية …
كل العالم يتنافس للحصول على التلقيح المطلوب للحد من انتشار فيروس كورونا وقد بدأت الدول الثرية والمقتدرة وحتى الدول الاقل ثراء الاعلان عن عقد صفقات لاقتناء ما تحتاجه من هذا اللقاح الذي لا احد يعرف حتى الان بما في ذلك مصنعوه في روسيا والصين وأمريكا تداعياته على البشر على الصعيدين الآني والمستقبلي.. ولكن وفي الوقت الذي بدأت فيه دول الاتحاد الاوروبي بالاستعداد لإطلاق حملة واسعة لفائدة الدول الاوروبية قبل نهاية العام يبقى الفلسطينيون دون غيرهم من شعوب العالم بمعزل عن هذه الجهود فقد ارتأت سلطات الاحتلال ولا غرابة في ذلك توفير اللقاح للاف المستوطنين في الضفة واستثناء الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال من ذلك والحال ان الاحتلال مطالب بتوفير اللقاح للفلسطينيين، وحرمانهم من ذلك هو اصرار على السياسة العنصرية البغيضة والحق في الصحة والدواء الذي اقرته كل الاتفاقيات بما في ذلك اتفاقيات جنيف عن حالات الحرب والسلم.. ولاشك ان حرمان المريض من الدواء او العلاج او اللقاح جريمة في نظر القانون وهي جريمة مضاعفة تحت الاحتلال..
منذ فترة ما انفكت الجمعيات المدنية والمنظمات الحقوقية ومن بينها «أطبّاء لحقوق الإنسان»، تطالب سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتوفير اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، محذرة من استيراد اللقاحات غير المعتمدة من وزارة الصحة الإسرائيلية.
لا نكشف سرا ونعلم جميعا ان الفلسطينيين يخضعون للاحتلال وأنهم محاصرون ولا مجال امامهم لتوفير اللقاحات وهم المحرومون حتى من السعي وراء لقمة العيش بسبب القيود التي تمنع تحركاتهم وتنقلاتهم وقد فاقم فيروس كورونا المعاناة على الاسرى الفلسطينيين كما على الاهالي في الاراضي المحتلة من الضفة الى القطاع وقد باتوا يعيشون في ما يمكن اعتباره أكبر سجن في العالم.
تماما كما ندرك ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي لا تريد تحمل أية مسؤولية قانونية او اخلاقية وانها غير قادرة على ذلك بالنظر الى سجل هذا الكيان العنصري الاجرامي.. انه التطعيم في زمن التطبيع!
كاتبة تونسية