"ذي هيل": "صفقة شيطانية.. التضحية باليمن من أجل اتفاق سلام سعودي-إسرائيلي"

الخميس 24 ديسمبر 2020 07:56 ص / بتوقيت القدس +2GMT
"ذي هيل": "صفقة شيطانية.. التضحية باليمن من أجل اتفاق سلام سعودي-إسرائيلي"



وكالات

كتب آر ديفيد هاردن، وهو العضو المنتدب لمجموعة جورجتاون الاستراتيجية ومدير مساعد سابق في مكتب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لشؤون الديمقراطية والصراع والمساعدات الإنسانية، مقالاً نشره موقع "ذي هيل" الإلكتروني بعنوان "صفقة شيطانية: التضحية باليمن من أجل اتفاق سلام سعودي- إسرائيلي"، استهله قائلاً إن دولة المغرب مضت في وقت سابق من هذا الشهر إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل في مقابل موافقة الولايات المتحدة على الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. ويأتي هذا الإعلان استمراراً لتوجه التقارب العربي-الإسرائيلي بعيداً عن أي تسوية للوضع النهائي مع الفلسطينيين".

ويقول هاردن: "وتُعتبر هذه الاتفاقية، إلى جانب "اتفاقيات أبراهام" السابقة التي طبعت علاقات إسرائيل مع دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان، نقاطاً إيجابية في منطقة معروفة في كثير من الأحيان بالحرب، فمن المرجح أن تأتي المزيد من اتفاقيات السلام مع خروج الشرق الأوسط من حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية".

ويشرح الكاتب: "في إطار جهودها لتعزيز السلام الإقليمي وبناء تحالف إسرائيلي سني مناهض لإيران، تسارع الولايات المتحدة إلى تقديم هدية للمملكة العربية السعودية مقابل اتفاقية تطبيع مع إسرائيل. فمن المحتمل أن تصنف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأسابيع المتبقية لها في السلطة الحوثيين في اليمن على أنهم منظمة إرهابية أجنبية، ما سيجعل تقديم الدعم المادي عن علم لأي شخص أو كيان يسيطر عليه الحوثيون جريمة اتحادية. وفي ظاهر الأمر، يبدو حظر الموارد عن الحوثيين أمراً معقولاً، فلا شك في أن الحوثيين هم طرف خبيث- منظمة إرهابية لا تعرف الرحمة هاجمت المصالح الأميركية بشكل مباشر، وتتحمل المسؤولية الأساسية عن الكارثة الإنسانية في اليمن، حيث يوجد أكثر من 24 مليون شخص في حاجة ماسة للإغاثة الإنسانية".

ويستفيض كاتب المقال: "ومن خلال هذا التصنيف، تسعى الإدارة الأميركية إلى معاقبة الحوثيين وإضعاف إيران وتعزيز المملكة العربية السعودية ودعم الحكومة اليمنية المنفية، ولكن في الواقع من المرجح أن تؤدي هذه المناورة إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، إذ يسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء، إلى جانب الموانئ الرئيسية والبنية التحتية الحيوية اللازمة لنجاة معظم السكان المدنيين في اليمن. وسيحظر هذا التصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية الدعم المادي -بما في ذلك جميع أشكال تجارة الأغذية والأدوية وإمدادات الصرف الصحي والمساعدات الإنسانية والسلع الأساسية الأخرى- عن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، في خضم جائحة فيروسية عالمية".

ويضيف هاردن: "وتوجد معاقل في اليمن تعاني بالفعل من المجاعة؛ وستستمر قيمة العملة اليمنية، الريال، في الانخفاض وستنهار القوة الشرائية. وتوجد مخاطر أُخرى غير متوقعة؛ فعلى سبيل المثال، قد تواجه الأمم المتحدة تحديات في التخفيف من حدة التسرب النفطي الهائل المحتمل في البحر الأحمر من ناقلة النفط FSO Safer المتهالكة -وهو تسرب يُحتمل أن يكون أكبر بأربع مرات من تسرب ناقلة إكسون فالديز (عام 1989) Exxon Valdez- إذا لم تستطع التفاوض مع الحوثيين. وسيسفر هذا التسرب عن إغلاق ميناء الحديدة الرئيسي، وبالتالي زيادة تعطيل الإمدادات الغذائية".

ويوضح الكاتب أن "إدارة ترامب تدفع السعودية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل قبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض وتعرض في المقابل تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، ما يمكن أن يحد من هيمنة الحوثيين على شمال اليمن. ولكن سيكون من الأفضل بالنسبة للسعودية وإسرائيل التفاوض على السلام من أجل السلام في ظل إدارة جو بايدن القادمة، بدلاً من إغراق اليمن في كارثية إنسانية خارجة عن السيطرة".

ويرى الكاتب أن "هذه الصفقة الشيطانية فاشلة على عدة مستويات: فأولاً، ستحتاج السعودية إلى إنعاش علاقتها مع إدارة بايدن. ففي الفترة التي سبقت انتخابات نوفمبر، كان الرئيس المنتخب بايدن واضحاً بشأن ضرورة إنهاء مأساة اليمن؛ ويوجد أيضاً إجماع في الكونغرس على أن السعودية تتحمل مسؤولية كبيرة عن حرب اليمن المستمرة؛ واعتراف من كلا الحزبين بأن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية سيزيد من زعزعة استقرار البلاد. وبدلاً من المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن، ستعمل السعودية على تعميق الأزمة، وستجد نفسها أمام ملايين اليمنيين الجائعين على حدودها الطويلة -وتمرد حوثي قوي من المرجح أن يزيد من استخدامه للأسلحة الإيرانية لتسريع وتيرة وتعقيد الهجمات التي تستهدف البنية التحتية والمدن والموانئ في السعودية".

ويعتقد الكاتب أنه "مثلما أصبح كل من حزب الله وحركة حماس أقوى بعد تصنيفهما كمنظمات إرهابية أجنبية عام 1997، سيسعى الحوثيون إلى زيادة مماثلة في القوة العسكرية والنفوذ الإقليمي".

أما بالنسبة لإسرائيل، فيقول الكاتب: "لا يمكن لإسرائيل التراجع عن تحالفها المتنامي مع الدول السنية، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحتاج إلى تصحيح المسار مع إدارة بايدن القادمة –ولا شك في أن الرئيس الأميركي المنتخب لم ينس محاولة إحراج نتنياهو له خلال زيارته إلى إسرائيل عام 2010 من خلال الإعلان عن بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية".

وينصح الكاتب: "يجب أن يبدأ نتنياهو بالاعتراف بأن الحوافز المحفوفة بالمخاطر التي تقدمها إدارة ترامب للسعودية تتعارض مع المصالح الاستراتيجية طويلة الأمد للولايات المتحدة وإسرائيل، كما أن إيران ستستخدم تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية لصالحها، وهو أمر سيأتي بنتائج عكسية بالنظر إلى أن إدارة بايدن ستعيد التفاوض قريباً لكبح مسيرة إيران نحو القنبلة النووية، إذ تسعى إيران إلى تشكيل المنطقة من خلال "هلال شيعي" يمتد من بيروت عبر دمشق وبغداد وصنعاء، ومدعوم بقدرات نووية محلية".

ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن "الأهم من ذلك كله هو أن ملايين اليمنيين قد يعانون جراء هذه الحيلة لحث السعودية على الموافقة على السلام مع إسرائيل. ولذلك، وجَّه برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة إشعاراً للمسؤولين الأميركيين: سيكون لوقف جميع المساعدات الإنسانية ومنع المعاملات التجارية المتعلقة بالسلع الأساسية عواقب وخيمة".