يديعوت - بقلم: أبيرام شاؤول (شقيق اورون شاؤول) وآفي كالو رئيس قسم الأسرى والمفقودين في شعبة الاستخبارات سابقاً
ثمة سلسلة منشورات، لم تكن في الماضي، تشير إلى استئناف الاتصالات مؤخراً بين إسرائيل وحماس حول ملف الأسرى والمفقودين. في البؤرة مؤشرات على مرونة ممكنة وحقيقية من جانب قيادة حماس في ظل أزمة كورونا التي تعصف بالقطاع، بينما تبدي إسرائيل استعداداً لتحرير سجناء على خلفية إنسانية. وبين مواضيع المرونة الظاهرة: الاستعداد للتنازل عن “الشرط المسبق” في شكل تحرير معتقلي شاليط أولاً، واستعداد للمرونة بالنسبة لعدد السجناء الذين سيتحررون في الصفقة لإعادة أربعة مفقودين إسرائيليين من القطاع.
تخلق أزمة كورونا نافذة فرص للعمل على الصفقة وإعادة المفقودين (جنديين من الجيش الإسرائيلي ومواطنين إسرائيليين) من القطاع. خيراً تفعل حكومة إسرائيل بإجراء اتصالات في هذا الموضوع وبلورة صفقة تعيد اورون شاؤول وباقي المفقودين من القطاع. ولكن إسرائيل، بعد ست سنوات ونصف من انتهاء حملة “الجرف الصامد” حاولت فيها حكوماتها وجهاز الأمن ممارسة الضغوط المدنية على القطاع بهذه الطريقة أو تلك بهدف حمل حماس على إعادة المفقودين دون تحرير سجناء أمنيين – فشلت فشلاً ذريعاً ومدوياً. لا توجد إمكانية لإعادة الأبناء دون تحرير سجناء، هم في لباب التجربة النفسية ورواية منظمة حماس حيال الشارع الفلسطيني، في القطاع وفي مناطق يهودا والسامرة أيضاً.
بالمقابل، لا ندعي بأن الحل سيتحقق بعصا سحرية، وأن الطريق سهل، ولكن نرى أن حل إعادة الأبناء يجب أن يكون متداخلاً، ويتضمن أثماناً مدنية وإنسانية، بما فيها تلك المتعلقة بأزمة كورونا والاحتياجات الفورية لجمهور غزة (هذه مصلحة إسرائيلية على أي حال لضمان صحة الجمهور في غزة)، هذا إلى جانب تحرير سجناء ذوي طابع إنساني، كما نشر. إضافة إلى ذلك، يجب إعادة محرري شاليط الذين اعتقلوا من جديد في حملة “عودوا أيها الأبناء” (صيف 2014) وعدد من السجناء الأمنيين الذين يمكن التأكد والمراقبة على تحريرهم وتقدير خطورتهم الأمنية محدود.
في خلفية الأمور يبرز القول التحذيري للنائب تسفي هاوزر، رئيس لجنة الخارجية والأمن المنصرف، والذي يطالب برفض تحرير سجناء أمنيين على الإطلاق بدعوى أن هؤلاء سيعودون إلى الإرهاب – مثلما حصل في صفقة شاليط. كما زعم أيضاً بأنه إذا ما تحققت هذه الصفقة فإنها “صفقة فضائحية تحطم مبادئ تقرير شمغار وتعيد مئات المخربين إلى دائرة الإرهاب”. إن النهج الجارف (وغير الدقيق) للنائب هاوزر يكرر الخطأ الجسيم الذي أدى إلى فقداننا مساعد الطيار المفقود رون أراد، مع رفض إسرائيل تحرير سجناء أمنيين مقابله في ظل “صدمة صفقة جبريل”. إن الثمن المأساوي في رفض إسرائيل لصفقة “معقولة” مع منظمة أمل اللبنانية – نبكي عليه كلنا حتى اليوم، خصوصاً أمام الأثمان الهائلة التي استثمرتها إسرائيل لاحقاً وهي تتابع مصير آراد وآثاره. وبناء على ذلك، سيكون من الصواب أن نتوقع من منتخبي الجمهور – خصوصاً أولئك المشاركين والمنشغلين في المسائل الأمنية – أن يبدوا حساً قيادياً ويمتنعوا عن تصريحات غير دقيقة فيها ما يخلق تشوشاً في الجمهور بل وشللاً في اتخاذ القرارات السياسية المناسبة واللازمة، والتي تشكل أمر الساعة في الدولة تجاه جنديي الجيش الإسرائيلي المفقودين، اللذين خرجا إلى الحرب باسمنا جميعاً.
أما بشأن زعم النائب هاوزر بأن الصفقة المحتملة “تحطم” مبادئ تقرير شمغار، فثمة مكان للإشارة بأن هذا التقرير – الذي وضع في ظل صدمة صفقة شاليط (للفترة التي تلت صفقة جبريل) – لم تتبنّه الحكومة (وليس صدفة)، بسبب القيود القاسية التي يسعى لفرضها على المفاوضات بشكل لن يسمح عملياً بخوض مفاوضات وإعادة الأبناء أبداً. ليس لرسائل كهذه من منتخبي الجمهور نصلي عندما نأتي لنؤكد التزام الدولة والجيش تجاه مقاتليها المفقودين، والتي بالتأكيد لا تنسجم مع روح رؤيا النبي يرمياهو (“وعاد الأبناء إلى حدودهم”). فضلاً عن ذلك، يجدر بمداولات لجنة الخارجية والأمن التي تجري في الغرف المغلقة، أن تبقى كذلك، وألا تنشر دون صلة بصفتها أقوالاً لا تسهل البحث في الموضوع وتبقي المفقودين في القطاع لسنوات طويلة أخرى.
في الصيف القادم سنحيي سبع سنوات على حملة “الجرف الصامد”، وبعد أسبوع “سنحتفل” بيوم ميلاد اورون الـ 27. عائلتنا لا تعرف النهار ولا الليل؛ أبي الراحل هرتسل توفي بعد نحو سنتين من الحملة مكسور القلب، وأمي زهافا، أدام الله عمرها، لم تعد شابة من يوم إلى يوم. حذار أن تفوت حكومة إسرائيل فرصة حقيقية لإعادة أورون وباقي المفقودين من القطاع، ربما تكون هذه الفرصة الأخيرة في المستقبل المنظور.