تعتبر الأرض العازلة من بحر بيت لاهيا شمالا الى رفح الشرقية جنوبا على حدود قطاع غزة ثروة مصادرة لما تملكه من مميزات كثيرة تساعد في التحسين الاقتصادي والتطور الزراعي.
وبحسب تقديرات واحصاءات غير نهائية فإن المنطقة العازلة تشكل حوالي 30 بالمئة من الأراضي الزراعية و17 بالمئة من مساحة قطاع غزة البالغة 365 كليو متر مربع. وفق ما أفاد به مختصون لـ"وكالة سما الإخبارية".
ونص اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال عام 1993 على تحديد حزام أمنى بعرض 50 متر على طول 58 كليو متر من الحدود الشمالية الغربية للقطاع والشرقية.
وبعد الانسحاب الإسرائيلي احادي الجانب من قطاع غزة عام 2005 اتسع نطاق ما يسمى بالمنطقة العازلة حيث بلغ ذروته بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2008 ليصل الى 1 كليو متر.
رئيس القطاع الزراعي بشبكة المنظمات الاهلية، محمد البكري، يوضح أن مساحة المنطقة العازلة تختلف من منطقة لأخرى حسب ادعاءات الاحتلال حيث تصل ببعض المناطق الى 300 متر وفي مناطق أخرى الى 1000 متر.
انتهاكات يومية
وقال البكري إن الاحتلال يمارس انتهاكات يومية تتمثل في إطلاق النار اتجاه المزارعين بهدف ترهيبهم ومنعهم من الوصول الى الأراضي العازلة الامر الذي أسفر عن إصابة بعض المزارعين وإلحاق الأذى النفسي بهم.
ويشير البكري الى أن الاحتلال يمنع زراعة المحاصيل التي يزيد طولها عن 60 سم، لافتا الى أن طائرات الاحتلال تقوم برش المحاصيل الزراعية بمبيدات كيميائية تنتج مادة الاوكسيجال التي تتسبب بموت وتلف المحاصيل.
خسائر اقتصادية فادحة
في السياق، أوضح ماجد أبو دية الخبير في الشأن الاقتصادي أن مبيدات الاحتلال التي يتم رشها على أراضي المزارعين تسببت بخسائر اقتصادية أدت الى اتلاف 14 ألف دونم وتضرر 1400 مزارع.
وأشار ابو دية الى أن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة جعلت الاستثمار وإقامة مشاريع على الأراضي العازلة امر مستحيلا بسبب تخوف المستثمرين من تجريفها أو ازالتها.
ثروة تحت النار
وأشار مدير اتحاد العمل الزراعي البكري الى أن استغلال الأراضي ذات الوصول المحدود (العازلة) سيكون لها تأثيرات إيجابية تتمثل في زيادة عمالة القطاع الزراعي لتصل الى 60 ألف عامل، كما ستساهم في توفير العجر الغذائي الذي يتم استيراده من الخارج.
فيما اعتبر الخبير الاقتصادي أبو دية أن القطاع الزراعي واستغلال الأراضي العازلة لديه قدرة بشكل كبير جدا على امتصاص البطالة بنسبة 25 بالمئة من اجمالي معدلها والنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وخاصة قطاع غزة.
ويوضح أبو دية أن استغلال الأراضي يساهم في تنويع السلة الغذائية كما تعمل على توفير منتجات محلية تصل لحد الاكتفاء الذاتي الامر الذي سينعكس إيجابيا على الاقتصاد من خلال تقليل نسبة استيراد المواد الغذائية كما تساهم في تعزيز القيمة المضافة والناتج المحلي الإجمالي.
ووفق أبو دية فان القطاع الزراعي يساهم 3 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي وفي حال تم استغلال الأراضي فان الناتج المحلي سيصل الى 17 بالمئة، الامر الذي سينعكس إيجابيا على الاقتصاد وتخفيف نسب البطالة
واعتبر أبو دية في حال استغلال الأراضي بكامل طاقاتها الإنتاجية على مدار العام ستدفع الى زيادة انتاج المحاصيل الامر الذي يساهم في انخفاض أسعار الخضروات ويعمل على امكانية تصدير المنتجات الفلسطينية للأسواق العربية.
ونوه الخبير الاقتصادي الى أنه خلال السنوات الماضية لم يكن هناك اهتمام حكومي كافي اتجاه الأراضي العازلة، مضيفا أن الحكومة لم تسعى بما يجب على توجيه ولفت انظار مؤسسات المجتمع المحلي الداعمة للقطاع الزراعي للأراضي الحدودية على اعتبار انها مهمشة.
ورأى أبو دية أن ملف الأراضي العازلة أصبح يشكل أولوية في أي تفاهمات مستقبلية ستنعقد بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لوضع حلول حقيقية مضمونة ومكفولة دوليا بهدف استغلال الأراضي والمصادر الطبيعية لما تشكله من ثروة في ظل الازمة الاقتصادية والحصار وانقطاع المساعدات عن قطاع غزة.