أكد مدير مركز الأسرى للدراسات الدكتور رأفت حمدونة اليوم الخميس أن العام 2020 الأكثر انتهاكاً بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في ظل استشهاد ثلاثة من الأسرى نتيجة الاستهتار الطبي ، وتجاهل توصيات المنظمات الدولية بالافراج عن الأسرى تخوفاً من انتشار فيروس كورنا وتأثيره في ظل الاكتظاظ ، والاعتقالات الإدارية بدون لائحة اتهام، وطالب المؤسسات الحقوقية والدولية بالضغط على سلطات الاحتلال للالتزام بمواد وبنود اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والقانون الدولى الانسانى فيما يتعلق بحقوق الأسرى .
وقال د. حمدونة أن أوضاع الأسرى لا تطاق، حيث أن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية سعت في العام 2020 إلى إعادة أوضاع الأسرى للمربعات الأولى من تجربة الاعتقال في بداية الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، محاولة بذلك تجاوز كل تاريخهم النضالي الاعتقالي، فقامت بإرباك الأهالي في موضوع الزيارات ومن ثم منعها بحجة كورونا وحماية الأسرى، وقامت بعزل الأسرى في غياهب السجون بظروف صعبة لا تطاق، مسلوبين أدنى معايير حقوقهم الإنسانية والمعيشية، وعانوا من انتشار أجهزة التفتيش والتشويش ووجود الكاميرات في كل زوايا الأقسام، والاكتظاظ في الغرف، وانعدام التهوية، وعدم جمع شمل الأخوة والأقارب، ومن العقوبات الجماعية والفردية، وسوء الطعام كماً ونوعاً، والتفتيشات، والغرامات، والبرودة والرطوبة في الشتاء ومن حرارة الصيف، والحرمان من زيارة المحامين وإدخال الرسائل والمس بالشعائر الدينية وعدم توفير أماكن للعبادة، وعدم التعاطي مع مطالب الأسرى في شعائر رمضان والأعياد والمناسبات الدينية، ومنعت التعليم الجامعي وتقديم الثانوية العامة، وإدخال الكتب منافية في ذلك المادة 94 من اتفاقية جنيف الرابعة التي أكدت على تشجيع الأنشطة الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية للمعتقلين.
وحذر من ارتفاع عدد شهداء الحركة الأسيرة ، مبيناً أن العام 2020 شهد ارتقاء ثلاثة من الشهداء وهم (الأسير الشهيد سعدى الغرابلى والأسير الشهيد داوود الخطيب، والأسير الشهيد كمال أبو وعر)، أما الأسير الشهيد سعدي الغرابلي (75 عاما) من حي الشجاعية بقطاع غزة، والمعتقل منذ العام 1994، وتعرض للعزل الانفرادي من عام (1994-2006)، وبدأ بعدها يعاني من أمراض مزمنة منها مرض السكر والضغط وضعف السمع والبصر، وأُصيب مؤخرا بسرطان البروستاتا ، وقبل الاستشهاد رقد في المستشفى لعدة أيام بحالة موت سريري متأثرا بإصابته بالأمراض المزمنة ، وأعلنت إدارة سجون الاحتلال عن استشهاده في الثامن من يوليو 2020 في مستشفى "كابلان" ، بعد نقله من معتقل "إيشل"، وهو في حالة موت سريري.والشهيد الغرابلي من قدامى أسرى قطاع غزة، وهو متزوج وأب لـ 10 أبناء، استشهد أحدهم وهو أحمد الغرابلي عام 2002 في اشتباك مع جنود الاحتلال، وكان يبلغ من العمر 20 عاما.والأسير الثانى الشهيد داوود الخطيب فقد استشهد في الثانى من سبتمر 2020 بمعتقل عوفر، والمعتقل منذ 2002، والمحكوم 18 عاما و8 أشهر، ولم يتبق من محكوميته 3 أشهر، بسبب تعرضه لجلطة قلبية حادة وقد ماطلت إدارة السجن لوقت طويل في التدخل وعمل اللازم لإنقاذ حياته وتقديم الرعاية الصحية له، والأسير الثالث الشهيد كمال أبو وعر مواليد 1974 من بلدة قباطية، جنوب جنين، شمال الضفة الغربية، أيضاً نتيجة لسياسة الإهمال الطبي المتعمّد (القتل البطيء) ، حيث أن الأسير أبو وعر أُصيب بسرطان في الحنجرة نهاية العام 2019، وتفاقم وضعه الصحي جرّاء ظروف الاعتقال القاسية التي تعرّض لها. كما أعلنت إدارة سجون الاحتلال عن إصابته بفيروس كورونا في شهر يوليو/تموز2020، بعد أن جرى نقله من سجن "جلبوع" حيث كان يقبع حينها، إلى أحد مستشفيات الاحتلال. وأُجريت له عملية جراحية لوضع أنبوب تنفس له، ثم نقلته إدارة سجون الاحتلال، بعد فترة وجيزة، ضمن إجراءاتها التنكيلية، إلى ما يسمى بسجن "عيادة الرملة" ليرتقي شهيداً في مستشفى "أساف هروفيه" الإسرائيلي، في العاشر من نوفمبر / تشرين الثانى 2020 وذلك بعد فترة وجيزة من إصابته بورم جديد في الحنجرة.
وقال د. حمدونة أن ارتفاع عدد الشهداء يشير لسياسة الاستهتار الطبي بحق الأسرى وخاصة مع ذوي الأمراض المزمنة، ولمن يحتاجون لعمليات جراحية، الأمر المخالف للمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1979 و1990م على التوالي والتي أكدت على حماية صحة السجناء والرعاية الطبية للأشخاص المحتجزين، والتي اعتبرت أن أي مخالفة في هذا الجانب يرقى إلى درجة المعاملة غير الإنسانية ، التي ستضاعف قائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة في حال تجاهل زيارة الأسرى من قبل المؤسسات الحقوقية والدولية ، والاطلاع على مجريات حياتهم وحصر مرضاهم والسماح للطواقم الطبية لإجراء عمليات جراحية عاجلة لمن هم بحاجة لذلك، خاصة أن عدد الأسرى المرضى وصل في السجون إلى قرابة (700) أسير ممن يعانون من أمراض مختلفة منهم (أسرى يعانون من أمراض مزمنة كالقلب والسرطان والفشل الكلوي والربو والسكر والضغط وأمراض أخرى، منهم ثلاثة عشر أسيراً متواجداً في " مستشفى سجن مراج بالرملة " بحالة صحية متردية وهنالك خطر حقيقي على حياتهم نتيجة عدم توفير الرعاية والعناية الصحية والادوية اللازمة والفحوصات الطبية الدورية لهم .
وشدد على أن كل من دخل السجون الإسرائيلية مورس بحقه أشكال متعددة من التعذيب النفسي والجسدي بلا استثناء، ويبدأ التعذيب منذ لحظة الاعتقال وما يصاحبه من إدخال الخوف والرعب في قلوب الأهالي، حيث يتعمد الاحتلال إبراز القسوة والأجرام تجاه الأسير نفسه وأمام أبنائه وأهله، والتعمد في استخدام القوة المبالغ فيها فى التحقيق والقسوة بعشرات الوسائل الممنوعة دولياً.
وأضاف أن هنالك ما يقارب من 39 أسيرة في سجن الدامون ، ترتكب دولة الاحتلال بحقهن عشرات الانتهاكات كالحرمان من الأطفال, والاهمال الطبى ، وأشكال العقابات داخل السجن بالغرامة والعزل والقوة , والاحتجاز في أماكن لا تليق بهن ، ووجود الكاميرات وانتهاك الخصوصية ، والتفتيشات الاستفزازية من قبل إدارة السجون ، وتوجيه الشتائم لهن والاعتداء عليهن بالقوة عند أى توتر وبالغاز المسيل للدموع ، والحرمان من الزيارات .
وشدد د. حمدونة على قضية الأطفال في السجون والبالغ عددهم ما يقارب من 160 طفل يتعرضون لانتهاكات صارخة تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية التى تكفل حمايتهم وحقوقهم الجسدية والنفسية والتعليمية وتواصلهم بأهليهم ، ويعانى القاصرون من فقدان العناية الصحية والثقافية والنفسية وعدم وجود مرشدين داخل السجن ، والتخويف والتنكيل بهم أثناء الاعتقال .
وأوضح أن سياسة العزل الانفرادى تعد من أقسي أنواع العقوبات التي تلجأ إليها إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى ، حيث يتم احتجاز الأسير بشكل منفرد في زنزانة معتمة وضيقة لفترات طويلة من الزمن لا يسمح له خلالها الالتقاء بالأسرى وبلا وسائل اتصال مع العالم الخارجي .
وطالب د. حمدونة وسائل الاعلام والمؤسسات الحقوقية والانسانية " المحلية والعربية والدولية " بكشف انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى في السجون الاسرائيلية، والضغط عليه لوقفها ، ومحاسبة ضباط إدارة مصلحة السجون والجهات الأمنية الإسرائيلية لمسئوليتها عن تلك الانتهاكات والخروقات للاتفاقيات الدولية ولأدنى مفاهيم حقوق الانسان .
ودعا الجهات الرسمية والأهلية لبذل كافة الجهود على ثلاث أصعدة " اعلامية وقانونية وجماهيرية " لمناهضة سياسات سلطات الاحتلال بحق الأسرى ، مشددا على المستوى القانونى لتثبيت مكانتهم القانونية كطلاب حرية استناداً إلى حق الدفاع الشرعي عن النفس، وحق تقرير المصير وفق توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة التى نادت لاحترام وتأمين ممارسة هذا الحق ، ودحض الرواية الاسرائيلية بتصوير الأسرى كارهابيين وسجناء على خلفية جنح ومخالفات ، مؤكداً على الإجماع القانوني والقيمي والأخلاقي والإنساني المتفق عليه ، والتأكيد على حقوقهم الإنسانية ، وفقاً للمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع والتي تطالب بمعاملة إنسانية لجميع الأشخاص (الأسرى والمعتقلين) سواء، وعدم تعريضهم للأذى، وتحرم على الدولة الآسرة الإيذاء أو القتل، والتشويه، والتعذيب، والمعاملة القاسية، واللاإنسانية، والمهينة، واحتجاز الرهائن، والمحاكمة غير العادلة) ، وطالب بالتعاون مع مجموعات ضغط دولية ومنظمات حقوقية وانسانية ومع البرلمانات الدولية والمجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف تمرير هذا القانون بالقراءة الثانية والثالثة لعدم استناده للقانون والعدالة الانسانية .