اعتبر مركز فلسطين لدراسات الأسرى استمرار الاحتلال في اعتقال المعاقين استخفافاً بحياة الإنسان الفلسطيني، ومخالفة صريحة لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية التي تعتبر هؤلاء ذوى احتياجات خاصة لا يجوز الاعتداء عليهم بل تقديم العون والمساعدة لهم .
وقال المركز في تقرير أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمعاق الذي يوافق الثالث من كانون أول/ ديسمبر من كل عام بأن الاحتلال يحتجز في سجونه 27 أسيراً فلسطينياً يعانون من الإعاقة بأشكالها المتعددة سواء كانت جسدية أو نفسية، و يخضعون لظروف الاعتقال القاسية التي تزيد من معاناتهم، ولا توفر لهم إدارة السجون احتياجاتهم الخاصة أو أجهزة مساعدة .
الباحث "رياض الأشقر" مدير المركز أكد بأن الاحتلال لا يتورع عن اعتقال المواطنين الذين يعانون من إعاقات نفسية وجسدية مختلفة، حيث اعتقل بعضهم وهم على كراسي متحركة ، وآخرين اعتقلوا لا يستطيعون الحركة إلا بمساعدة غيرهم، وآخرين يعانون من أمراض نفسية خطيرة وفاقدين للأهلية، ويعرضهم لظروف التحقيق القاسية الأمر الذي يفاقم معاناتهم ويضاعف إصابتهم بالأمراض، بل يرفض في الكثير من الاحيان اصطحاب الكراسي المتحركة او العكاكيز التي يتنقلون من خلالها.
التعذيب يسبب الإعاقة
وأشار "الأشقر" الى أن ممارسات الاحتلال القمعية بحق الأسرى ساهمت في رفع أعداد المعاقين فى السجون، وفى مقدمتها ممارسة وسائل التعذيب القاسية والمحرمة، والعزل الانفرادي، والتي أدت الى إصابة عدد منهم بإعاقات دائمة او جزئية، وكذلك اطلاق النار على المواطنين قبل اعتقالهم مما سبب لهم إعاقات مختلفة.
واستشهد "الاشقر" بعدة حالات اصيبت بإعاقات خلال التحقيق منها الأسير " لؤي ساطي الأشقر" (36 عاماً) من طولكرم، وكان تعرض لتحقيق قاس في مركز توقيف وتحقيق الجلمة، الأمر الذي تسبب له بشلل تام في رجله اليسرى، وقد أطلق الاحتلال سراحه بعد 3 سنوات، وأعاد اعتقاله 5 مرات رغم إصابته بالشلل في ساقه.
كذلك الأسير "منصور الشحاتيت" من الخليل والذى يقضي حكماً بالسجن لمدة 17 عاماً ، ومعتقل منذ عام 2004 ، أصيب بإعاقة نفسية قاسية نتيجة العزل الانفرادي لفترة طويلة، حيث لا يتعرف على المحيط من حوله ، ويقضى وقته منعزلاً عن زملائه لا يتحدث معهم ولا يتعرف على ذويه خلال الزيارة .
معاناة مزدوجة
وأشار "الأشقر" إلى أن الأسرى المعاقين يعانون معاناة مزدوجة و مضاعفة عن الأسرى الآخرين، لأنهم يجمعون ما بين انتهاكات الاحتلال وممارساته الإجرامية بحق الأسرى، وبين معاناة الإعاقة وعدم قدرتهم على الحركة، والحاجة لغيرهم في التنقل وممارسة أنشطة الحياة داخل السجن.
إضافة إلى خلو سجون الاحتلال من الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأيدي والأرجل، والنظارات الطبية، ، والمقاعد المتحركة، والفرشات الطبية والمشدّات أو أجهزة خاصة بالأسرى الذين لا يستطيعون السير، "كجهاز الوكر" والعكاكيز ، التي تساعد على المشي، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة
كما يرفض الاحتلال إدخال تلك الأجهزة الطبية عن طريق مؤسسات خاصة أو منظمات حقوقية، كذلك لا يسمح بإدخالها عن طريق الأهالي، كما لا يسمح الاحتلال يتواجد أسرى غير مرضى في مستشفى سجن الرملة لمساندة الاسرى المعاقين على الحركة وإعداد الطعام وتناول الأدوية والاستحمام وغيرها، كما لا يوفر الاحتلال أطباء نفسيين لمتابعة حالات الأسرى الذين أصيبوا بأمراض نفسية نتيجة ظروف السجن والعزل، وهذا يزيد من معاناة الأسرى المعاقين في السجون.
إهمال طبي
واعتبر "الأشقر" سياسة الإهمال الطبي المتعمدة سبب في اصابة العديد من الاسرى بإعاقات دائمة أو مؤقتة، حيث أدى تأخر إدارة السجون المعتمد في إجراء بعض العمليات الجراحية لأسرى مرضى إلى بتر أطراف من أجسادهم، كما حدث مع الأسير "ناهض الأقرع" الذي تم بتر قدمه اليسرى نتيجة الالتهابات الشديدة التي عانى منها بعد إهمال علاجه.
كذلك الفتى "جلال شراونه" 18 عام من الخليل ، بترت قدمه اليسرى بعد إصابته بالرصاص واهمال علاجه، كذلك أدى عزل بعض الأسرى لسنوات طويلة بشكل انفرادي، أو تعرضهم للتعذيب الشديد والإرهاق النفسي والعصبي إلى إصابتهم بإعاقات نفسية مستمرة .
وطالب مركز فلسطين المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، التدخل والضغط على الاحتلال لإطلاق سراح عشرات الأسرى الذين يعانون من إعاقات مختلفة، حتى يستكملوا عملية تأهيلهم و وعلاجهم في الخارج، قبل أن تتدهور حالتهم النفسية والجسدية أكثر من ذلك.
كما دعا كافة وسائل الإعلام المختلفة لتسليط الضوء على معاناة هذه الفئة من الأسرى، والتي لم تأخذ حقها في التفعيل الإعلامي .