دعا وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، دول العالم للتعبير الحقيقي عن تضامنها من خلال الاعتراف بدولة فلسطين ودعم السلام القائم على حل الدولتين والمتسق مع قواعد القانون الدولي، لأن التضامن الحقيقي يدعم الحق على الباطل، وينتصر للعدالة على الاستعمار، وينتصر للسلام على الاحتلال.
جاء ذلك في كلمة المالكي، اليوم الثلاثاء، أمام حفل نظمته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "اسكوا"، عبر تقنية الاتصال المرئي، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بحضور رولا دتشي وكيلة الامين العام للامم المتحدة، الامين التنفيذي للاسكوا، ووزير الشؤون الاجتماعية والسياحة اللبناني رمزي مشرفية.
وثمن المالكي التضامن الشعبي والدولي مع دولة فلسطين في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ونقل تحيات شعبنا وقيادته على هذا الوفاء والدعم، مشيداً بدعمِ جميع الاصدقاء في العالم ووقوفهم وتضامنهم مع الحق الفلسطيني.
وأضاف، "الحق بيّن، والرواية واضحة، وصدقُ هذه الرواية في حق الشعب الفلسطيني في أرضه، أرض آبائه وأجداده وهو حق راسخ منذ القدم، ومنذ أهلنا الكنعانيين الأوائل، واستمرار الشعب الفلسطيني للعيش على ارضه دون انقطاع، شاهد آخر على صدق الرواية. فالتضامن اليوم هو في حفظ الرواية من التأويل، وحفظ الأرض من الاستعمار والسرقة، وحفظ التراث والتاريخ من التزوير".
وطالب المالكي بضرورة مواجهة محاولات سلطات الاحتلال الغاء وطمس الهوية الفلسطينية، عبر ارتكاب الجرائم والسياسات الممنهجة وواسعة النطاق، من تهجير وقتل واضطهاد، مشددا على أن صمود شعبنا الاسطوري وبقاءه وحفاظه على هويته الوطنية والقومية، مرتكز على ارث نضالي وقانوني وتاريخي، ومنطلق من عدالة قضيته المرتبطة بالتضامن الصادق، وعزمه على تحقيق حقوقه وتطلعاته في الحرية والاستقلال، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس، والعودة للاجئين الى ديارهم التي شردوا منها، تنفيذا للقرار 194، والوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني والتضامن معه في مسيرته إلى الحرية هو الوقوف الى الجانب الصحيح من التاريخ.
وأشار الى أنه في ذكرى التضامن مع شعبنا، تتعرض القضية الفلسطينية الى محاولات بائسة للتقويض والتصفية، من خلال استمرار اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال باحتلالها وتغولها على القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني، إضافة الى خططها للاستيلاء على الارض الفلسطينية وتسريع وتيرة الاستيطان غير الشرعي، والتصعيد الخطير في مدينة القدس المحتلة ومحيطها.
وتابع المالكي: تعمل سلطات الاحتلال على تغيير معالم القدس وطابعها التاريخي والديمغرافي، وعزلها عن محيطها العربي الفلسطيني، والآن تستهدف التجمعات البدوية وتحاول هدمها، لاحكام اغلاق القدس وعزلها، وتنفيذ مخططاتها الاستعمارية، إضافة الى العربدة والاستفزازات، والاعتداءات، وتبادل الادوار بين المستوطنيين الارهابيين، والمسؤولين الحكوميين، وقوات الاحتلال، ضد ابناء شعبنا، والأماكن المقدسة المسيحية والاسلامية، بما فيها محاولات فرض واقع جديد على المسجد الاقصى والحرم الشريف، كما تمعن في حصارها الجائر والكارثي لقطاع غزة، بما يستديم الصراع ويهدد الأمن والسلم الدوليين، وغيرها من انتهاكات وجرائم مدعومة من اركان الادارة الحالية الاميركية والتي تَكنُ عداءً ايديولوجيا للشعب الفلسطيني، وقيادته ووضعت خططا وسهلت عمليات لتفرض الاجندة الخرافية الصهيونية على الصراع.
وقال: "كل هذا فشل وسَيُفشلُ شعبنا وبدعم وتضامن الشعوب والقوى الحية والقوى الدولية كافة المحاولات التي تتجاوز حقوقه القائمة على اسس وقرارات ومرجعيات القانون الدولي وإرث الاجماع الدولي على حل القضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي طال أمده، كما أفشل شعبنا من خلال الجبهة الدولية العريضة، مخططات الضم بل واسقطها كما اسقط خطة ترمب، فلا سلام ولا استقرار في المنطقة دون السلام لفلسطين او تجاهل الشعب الفلسطيني وحقوقه".
وأكد المالكي أن مواقف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس راكمت بمصداقيتها وشجاعتها لخلق مسار واضح للسلام، هدفه انهاء الاحتلال الاسرائيلي وتحقيق الاستقلال الوطني وشددنا على رسالتنا للسلام للمجتمع الدولي من خلال مبادرة الرئيس بعقد مؤتمر دولي للسلام كامل الصلاحيات وبحضور جميع الأطراف ومستند الى قواعد القانون الدولي ومرجعيات عملية السلام ومبادرة السلام العربية، وقد خاطب الرئيس الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش لاتخاذ ما يلزم من خطوات لعقد هذا المؤتمر مع مطلع العام القادم، ونحن ندعو جميع الدول المحبة للسلام للعمل مع الأمين العام لتسهيل مهمته في عقد المؤتمر والتعبير عن الاستعداد للمشاركة لتساهم هذه الخطوة في الوصول الى سلام عادل وشامل يحقق التطلعات الوطنية المشروعة لشعبنا في العيش بحرية وكرامة.
وأضاف، منظمة الأمم المتحدة ما زالت ذات صلة، وعليها مسؤولية تاريخية تجاه قضية وشعب فلسطين، ولها دور هام في دعم صمود ومنعة الشعب الفلسطيني من خلال منظماتها ومؤسساتها، شاكرا جميع مؤسسات ومنظمات ووكالات الامم المتحدة، خاصة "الاونروا"، داعيا المجتمع الدولي للوقوف مع الشعب الفلسطيني بالافعال والاجراءات والتدابير، وعدم الاكتفاء بالبيانات والتصريحات التي لم توقف جرائم الاحتلال، وحظيت اسرائيل على مدار اكثر من 72 عاما بالحصانة والافلات من العقاب.
وقال: "دعمكم وتضامنكم يبقى بارقة الامل الاكبر للانتصار على معادلة الزيف التي تقودها ثلة قليلة تحمل الأبواق الصاخبة وتحاول استمالة ضعاف النفوس والعزيمة الى مستنقعات الاستلام والهزيمة والتطبيع".
ودعا المالكي المجتمع الدولي للتأكيد على المرجعيات الدولية للعملية السياسية لإرغام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، للامتثال الى قواعد القانون الدولي، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتمكين شعبنا ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، وغير قابلة للتفاوض، بما فيها حقه في تقرير المصير والاستقلال لدولة فلسطين ذات السيادة وعاصمتها القدس والعودة للاجئين الفلسطينيين تنفيذا للقرار، والافراج الفوري عن كافة الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.
بدوره، أكد وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة اللبناني رمزي مشرفية أن القضية الفلسطينية هي قضية حق ستنتصر ومسار عدل سيتحقق مهما أوغل المعتدون في محاولة الالتفاف على شرعيتها ومشروعيتها، وأن لبنان كان ولا يزال يناشد الأسرة الدولية من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن وسائر المنظمات الدولية لإقرار حق الفلسطينيين بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين بالاستناد إلى القرارات الدولية ذات الصلة، وخصوصا القرار رقم 194 والالتزام بمبادرة السلام العربية 2002.
وحيا مشرفية الشعب الفلسطيني القابع تحت نير الاحتلال الاسرائيلي وفي لبنان والشتات، داعيا إلى ضرورة التكاتف معا من أجل تعبئة دولية وإقليمية داعمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بما يعزز مقومات صمودهم ويحفظ كرامتهم حتى العودة، إنطلاقا من وثيقة الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان.
وأكد ان هذا التضامن يمتزج باستنكار الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني الذي روع وهجر من ارضه منذ العام 1948.
واضاف "نحيي اليوم هذه الذكرى التي تتزامن مع اتخاذ الجمعية العامة في 29 تشرين الثاني 1947، القرار 181 الذي ينص على تقسيم فلسطين إلى دولتين. ذكرى تحل في ظل تلاشي حلم الفلسطينيين بإقامة دولتهم، حتى لو كانت غير متصلة الأطراف، ووسط انتشار المستوطنات كالسرطان في جسد أرض فلسطين التاريخية، التي لم يتبق منها سوى 15%، ومع إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن المستوطنات حظيت بشرعية أميركية وباتت جزءا من إسرائيل، والاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل في العام 2017."
وتابع مشرفية: "هذا من دون أن ننسى الجولان السوري العربي العزيز ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، ومخاطر صفقة القرن ليس على الشعب والقضية الفلسطينية فحسب، بل على سائر دول المنطقة العربية، وأولها لبنان بالنظر إلى ما تتضمنه من بنود لتصفية القضية الفلسطينية بما فيها قضية اللاجئين، وامكانية توطينهم في الدول المضيفة."
واعتبر أن ما تضمنته وثائق "صفقة القرن" من مقاربات ملتوية ملتبسة غير قانونية وغير أخلاقية، تقوم على التبادلات العقارية والأوهام الاستثمارية، وتتعارض مع كافة قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، خصوصا في ما يعنى بإقامة الدولة الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وحق اللاجئين الفلسطينيين غير القابل للتصرف بالعودة إلى وطنهم وإقامة دولتهم وعاصمتها القدس.
وحذر مشرفية من أزمة وجودية تهدد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تبقى الشاهد الأممي الحي على معاناة الشعب الفلسطيني ومأساته المستمرة منذ عام 1948.
وقال: "بدل الحديث عن وقف دعم "الاونروا"، الاجدر على المجتمع الدولي تحويل خدماتها من الإغاثي-الانساني إلى التمكيني والتنموي، وان لا ينسوا شعب الخيام على قول شاعر القضية الفلسطينية الراحل محمود درويش."
وذكر مشرفية أن "الأونروا" تتعرض على مدار أكثر من عقدين لهجوم ممنهج بغية إلغائها وحجة، اسرائيل أنها تخلق لدى الفلسطيني عقدة نفسية يصعب التخلص منها وهي اللجوء.
ولفت إلى أنه في الأمس القريب، دق المفوض العام ل-"الأونروا" فيليب لازاريني ناقوس الخطر، "فللمرة الاولى منذ تأسسيها تمر الوكالة بأزمة مالية غير مسبوقة، إذ تعجز عن تغطية نفقاتها لنهاية العام، ومع اقتراب الوضع الصحي في غزة من الانهيار، في ظل ارتفاع اعداد المصابين بفيروس كورونا ووسط تدهور اوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل دراماتيكي في ظل الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة وتداعيات كوفيد-19 ونسفها مقومات صمودهم."
وختم مشرفية "إن حدود الدول وخرائطها ترسمها الشعوب بنضالها وحقوقها غير القابلة للتصرف، واستعيد في هذا السياق كلمات لأيقونة النضال الانساني الراحل نلسون مانديلا في معرض دفاعه عن حق الشعوب في أن تقرر مصيرها بنفسها: إن حريتنا لن تكتمل بدون حرية الشعب الفلسطيني."