أشارات تقارير نُشرت في الصحافة الإسرائيلية اليوم، الجمعة، فإن احتمالات هجوم أميركي في إيران قبل انتهاء ولاية ترامب ما زالت قائمة.
ورجح المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن ترامب ما زال يعتزم مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية في نطنز في بداية كانون الثاني/يناير المقبل، وأن "الولايات المتحدة تستعد لاحتمال أن ينفذ الإيرانيون هجوما انتقاميا في الثالث من كانون الثاني/يناير، إحياء لمرور سنة على اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني".
ورأى فيشمان بتقرير "نيويورك تايمز" أنه جاء بهدف ردع إيران، لكنه لم يستبعد أيضا احتمال أن يكون غاية النشر التسبب بضغط من الرأي العام يمنع ترامب من المبادرة إلى هجوم كهذا.
وفي إطار الشراكة الإستراتيجية الأميركية – الإسرائيلية، وتبادل المعلومات بين الجانبين، أشار فيشمان إلى أن القيادة الأوروبية للجيش الأميركي "جاهزة لتنفيذ تدمير للمنشآت النووية الإيرانية خلال ساعات معدودة. فحجم المنشآت الإيرانية لصنع قنبلة نووية ليس كبيرة، والإشكاليان بينهم هما منشأة نطنز في باطن الأرض ومنشأة قم المحفورة في الجبل، وبسببها طوّر الأميركيون قنبلة ذكيرة بزنة 16 طنا، وغايتها هدم جبال".
وتشمل الشراكة الأميركية – الإسرائيلية تفاهمات تقضي بألا يفاجئ أحدهما الآخر ويضعه في حالة حرب. لكن فيشمان أشار إلى أن المعلومات المتوفرة هي أن إسرائيل لم تتلقى أي إنذار من البيت الأبيض أو البنتاغون حول تنفيذ هجوم محدد، كالذي أشارت إليه الصحيفة الأميركية، وما إذا تم إلغاؤه أو لا. "وهذا حاصل فيما واضح لكلا الجانبين أن إسرائيل هي التي ستدفع الثمن الفوري. وإنذار قبل ساعات من هجوم أميركي ليس كافيا، لأنه لا يبقي لإسرائيل وقتا كافيا للاستعداد لامتصاص ضربة إيرانية. ولدى إيران القدرة على استهداف فوري بواسطة صواريخ دقيقة للجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهذا قبل استخدام حزب الله لتنفيذ هجمات. وهجوم أميركي في نطنز يستوجب استعدادا للحرب في المدى الفوري".
وأضاف فيشمان أن "الشهرين المتبقين لترامب هما بالتأكيد سببا للقلق بالنسبة لإسرائيل. وأسلوب عمل ترامب لم يتغير. ففي نهاية العام الماضي، وبعد مقتل مواطن أميركي وإصابة عدد من الجنود بهجوم شنته ميليشيا موالية لإيران على قاعدة عسكرية في العراق، وضع فريق من عدة وزارات أميركية 12 خيارا لرد فعل، وكان اغتيال سليماني في نهاية هذه القائمة ولم يُتوقع أن يختار ترامب هذا الخيار".
وتابع فيشمان أنه "إذا سمح ترامب لنفسه، قبل سنة من الانتخابات، أن يتجاهل توصيات الخبراء، فإن احتمال ذلك أكبر اليوم. وسياسته، وسياسة وزير الخارجية مايك بومبيو، هي سد الطريق أمام إدارة (الرئيس المنتخب جو) بايدن، بأي طريقة ممكنة، نحو العودة إلى الاتفاق النووي".
ولفت فيشمان إلى أن ترامب أقال وزير الدفاع، مارك إسبر، وعددا من المسؤولين في البنتاغون، وعين مكانهم أشخاصا موالين له. "ولا أحد يقدم على خطوة متطرفة كهذه، إلا إذا كانت لديه خططا تستوجب إزاحة أشخاص يعيقون إخراجها إلى حيز التنفيذ". وأضاف أنه في حال إخلاء عائلات الدبلوماسيين والموظفين غير المهمين من السفارة الأميركية في بغداد، فإنه "سيضطرون في إسرائيل إلى البدء بعد تنازلي".
وأشار فيشمان إلى زيارات مسؤولين في البنتاغون ومجلس الأمن القومي الأميركي، بعد الانتخابات الرئاسية، إلى دول في المنطقة، وبينها إسرائيل والإمارات والسعودية، ولم يتم إبراز سوى زيارة المبعوث الخاص للشؤون الإيرانية، إليوت أبرامز.
رسائل إسرائيل إلى إيران وحزب الله
اعتبر فيشمان أنه "يستنشقون في إسرائيل رائحة بارود، ولذلك يبثون رسائل هجومية جدا إلى إيران وحلفائها"، بينها الغارات الواسعة التي شنتها في سورية، يوم الثلاثاء الماضي. "كذلك تمارس إسرائيل ضغوطا على النظام السوري كي يمتنع عن استيعاب الوحدات الموالية لإيران في جيشه، وفي المقابل تبث رسائل إلى روسيا، تطالب بتعاونها في هذا المجهود، وإلا فإن المواجهة في سورية ستخرج عن السيطرة".
وأضاف أن الغارات في سورية، قبل أيام، كانت رسالة موجهة إلى حزب الله أيضا، وأن "هذا مثال وحسب لما يمكن أن تفعله إسرائيل في لبنان". وأشار إلى أقوال مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى خلال إحاطات لصحافيين بأن "إسرائيل ستضطر إلى شن هجمات في لبنان، خلال السنة القريبة، على خلفية أن مصانع دقة الصواريخ التي بُنيت هناك قد تصل إلى مرحلة إنتاجي صناعي".
ورأى فيشمان أن "اتفاقيات أبراهام" تصب الزيت على النار، إذ شكّلت هذه الاتفاقيات "كتلة جديدة في الشرق الأوسط هدفها لجم إيران". وتسلح الولايات المتحدة هذه الكتلة بكميات أسلحة غير مسبوقة. "وهذا إرث ترامب الحقيقي لبايدن: إذا عززت هذه الكتلة الموالية للغرب في الشرق الأوسط ضد إيران، ستتمكن من توجيه قوات وجهود نحو الشرق الأقصى وروسيا".
من جهة ثانية، أفاد المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، بأن جهاز الأمن الإسرائيلي يرى بالفترة القريبة المقبلة فرصة من أجل زيادة الضغوط على القوات الإيرانية في سورية. والتقديرات هي أنه على الرغم من أن الإيرانيين لن ينسحبوا من سورية من دون تدخل سياسي أميركي وروسي واستئناف المحادثات حول ذلك، لكن "الاعتقاد في إسرائيل هو أنه توجد فرصة لنقطة تحول كبير منذ الآن، وفي يوجد في الخلفية دعم أميركي".
وأضاف ليف رام أن "الاعتقاد في إسرائيل هو أن إيران تواجه ضائقة اقتصادية وإستراتيجية، وشخّص جهاز الأمن، في السنة الأخيرة، لجما في اتجاه تموضع قوات إيران في سورية، وهذا اتجاه تعزز بعد اغتيال سليماني".
ويسود اعتقاد في الجيش الإسرائيلي أن "الإيرانيين بعيدون جدا عن الأهداف التي وضعوها لأنفسهم في سورية، من الناحيتين العسكرية والمدنية معا".
ورأى ليف رام أن "الفترة القريبة المقبل، وفي الشرق الأوسط أيضا، ستكون بانتظار بداية ولاية بايدن. والتقديرات في جهاز الأمن الإسرائيلي هي أنه على هذه الخلفية سيكون الإيرانيون حذرين في الفترة القريبة، ولن ينفذوا خطوات دراماتيكية في السياق العسكري أو الموضوع النووي".