“الهدف مرصود.. والرشاش جاهز” ذلك المقطع هو الأعرض من أنشودة مغناة في الأردن كان الأكثر رواجا وشهرة على هامش عشرات الفيديوهات التي تسببت بأزمة أمنية وسياسية وتشريعية في البلاد فيما عرف باسم “انفلات الانتخابات”.
الأغنية هي عبارة عن”شيلة” باللهجة البدوية، ويبدو أن الهدف منها “تمجيد” المقاومة في قطاع غزة، قبل أن تستعمل في الأردن على جبهة الأسلحة التي استعملت في التعبير عن الاحتفال بنتائج انتخابات مثيرة.
كانت تلك الأهزوجة تعاني من الانتشار على وسائط التواصل. لكنها وبمجرد استعمالها في محطات الانتخابات الأردنية، حظيت بشهرة غير مألوفة، وأصبحت أقرب لأهزوجة تتقمص مسألة الاحتفال بفوز بعض المرشحين بانتخابات الأردن، رغم أن المؤدي شاب فلسطيني، والمسألة أصلا من حيث نشأتها لها علاقة بالمقاومة وقطاع غزة.
الاهتمام الكبير بتداول الأغنية وإنشادها في الأردن، دفع صاحبها الشاب عبدالله بن سعيد لإصدار فيديو خاص يشكر فيه الشعب الأردني على النجاح الذي تسبب به لشيلته المغناة، مصّراً على تعريف نفسه: “أناعبدالله السعايدة من قبيلة النصيرات من بئر السبع وأقيم في مخيم المغازي وسط قطاع غزة”.
السعايدة انتهز الفرصة التي أتاحتها له “انفلاتات الانتخابات” الأردنية، ليبلغ الشعب الأردني بانتظار “عمله الفني التالي” وهو بعنوان: “انتهى وقت النقاش”.
عملياً، أسست الاستعانة الواسعة بشيلة السعايدة ومناسبتها، مساحةً من الإحراج للسلطات الأردنية، خصوصا وأن الأهزوجة وموسيقاها رافقت بكثافة شريط فيديو “أردنياً” مثيراً للجدل في إحدى مناطق البادية الأردنية برفقة شخص غامض كان يصدح بالشيلة نفسها، ويتبجح في الوقت نفسه بسلاح رشاش أوتوماتيكي من طراز حديث جدا، ويعرضه بحماس أمام الكاميرا.
طبعا تلك الجرعة الحماسية بما تنطوي عليه من “إسقاط سياسي مستفز” للأردنيين والفلسطينيين، رافقت عبر الأهازيج والهتافات المناطقية وأحيانا العشائرية بعد ظهور نتائج الانتخابات، المشاهد التي صدمت واستفزت الأردنيين، حيث رقصات ودبكة وأسلحة رشاشة واستخدام كثيف جدا لرصاص الاحتفال.
دفع الإفراط في الحماس هنا مدير الأمن العام اللواء حسين الحواتمة لطرح سؤال علني مثير عن سعر الرصاص المرتفع المستعمل في احتفالات الانتخابات في مناطق تشتكي الفقر والبطالة.
لاحقا تحدث الخبراء عن أصناف متنوعة من أحدث الأسلحة الأوتوماتيكية والذخائر الأثقل من الرصاص العادي المألوف، والتي ظهرت على هامش احتفالات الانتخابات في مناطق وتجمعات خالفت أيضا أوامر الدفاع، وألحقت ضررا بالمجهود الوطني العام لمواجهة الفيروس كورونا، قال وزير الصحة نذير عبيدات إنه سيظهر اعتبارا من الاثنين المقبل.
عملياً، أطاحت “شيلة السعايدة” حول الهدف المرصود وجاهزية الرشاش في المحصلة السياسية بوزير الداخلية في الحكومة الأردنية توفيق الحلالمة، ودفعت بوزير العدل بسام تلهوني بديلا عنه في خطوة ستنتهي بتعديلات سريعة جدا جدا على قانون جمع وترخيص الأسلحة والذخائر.
بمعنى آخر، احتفالات بعض الأردنيين بالرصاص وأهزوجة السعايدة كانت حماسية لدرجة أنها قد تساهم لاحقا في معركة مؤجلة من سنوات بعنوان “جمع الأسلحة”.