بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية، فمن الممكن أن تشهد سياسة الطاقة الأميركية تغييرات تحت إدارته لأربع سنوات قادمة.
وتجمع الآراء على أن السياسة الجديدة لبايدن ستتركز في تعزيز مكانة الطاقة الخضراء، وفرض مزيد من القيود على صناعة النفط وعلى ملفات أخرى لصناع النفط مثل إيران وفنزويلا.
أبدى بايدن قناعة بأهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف على غرار توجهات الإدارات الديمقراطية السابقة. قد يعني ذلك مسارا يقود إلى رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران وفنزويلا، العضوين في أوبك، واستئنافهما الضخ، إذا توافرت الشروط الملائمة.
في حالة إيران، قد يتضمن ذلك المسار نهجا تشاركيا بين واشنطن وأوروبا، على غرار الاتفاق الذي أُبرم إبان إدارة أوباما.
أما في فنزويلا، فيبدو من المرجح أن يواصل بايدن تحبيذ العقوبات كأداة ضغط على نظام الرئيس نيكولاس مادورو، لكنه قد يكثف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الجمود عن طريق التفاوض على إجراء انتخابات جديدة أو تقاسم السلطة مع المعارضة.
العقوبات الأحادية التي فرضها الرئيس المنصرف دونالد ترامب على البلدين حجبت حوالي ثلاثة ملايين برميل يوميا من النفط الخام عن الأسواق العالمية، بما يزيد قليلا على ثلاثة بالمئة من المعروض العالمي.
لكن لم تكشف حملة بايدن عن تفاصيل فيما يتعلق بطريقة تعاملها مع تلك الملفات.
لم توضح حملة بايدن بعد كيف ستتناول العلاقات الأميركية مع دول أوبك، لكن أي نفوذ له كرئيس من المرجح أن يخدم الهدف ذاته - سعر نفط متوسط. فأي رئيس أميركي يحتاج إلى وقود في متناول المستهلكين. وبالنسبة لبايدن، ينبغي أن يكون السعر مرتفعا بما يكفي لكي تستطيع أصناف الوقود النظيف البديلة للوقود الأحفوري المنافسة بما يدعم خطته الطموح بخصوص المناخ.
كان ترامب أكثر انخراطا في شؤون أوبك عن أي من سابقيه. وقد أثر في بعض الأحيان على سياسة أوبك بتغريداته ومكالماته الهاتفية، مطالبا بسعر نفط منخفض بما يلائم المستهلكين ومرتفع بما يلائم المنتجين الأميركيين.
وقد أضعفت عقوباته أيضا نفوذ صقري الأسعار داخل أوبك، فنزويلا وإيران، مما أزال عقبتين تاريخيتين في وجه نهج منظمة الدول المنتجة للنفط.
غير أن اتجاه بايدن لاستئناف التواصل الدبلوماسي مع إيران وفنزويلا قد يعني عودة نهائية لإنتاج كل منهما، العام المقبل، حسب تقدير (ستاندرد آند بورز)، وإذا بدأت الولايات المتحدة في رفع العقوبات عن البلدين، فقد يعقد ذلك مفاوضات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حول خفض الإنتاج مستقبلا.
ولأن السعودية تمثل أكبر صوت في أوبك، فإن بايدن قد لا يتدخل عن كثب وبشكل مباشر في سياسة الإنتاج الخاصة بالمجموعة -كما فعل ترمب- بل سيعتمد القنوات الدبلوماسية الهادئة على الأرجح، بحسب تحليل أوردته رويترز.
ستتطلع إدارة بايدن إلى العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ، وهي المعاهدة الدولية التي جرى التفاوض عليها تحت إدارة أوباما لمكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض لكن ترامب انسحب منها قائلا إنها قد تضر بالاقتصاد الأميركي.
تعهد بايدن كذلك بخفض صافي الانبعاثات الأميركية إلى الصفر بحلول 2050، بوسائل من بينها تقليص صافي انبعاثات قطاع الكهرباء إلى الصفر بحلول 2035 - وهو هدف لن يكون سهلا دون أغلبية ديمقراطية في الكونغرس.
يرى بايدن في تغير المناخ تهديدا وجوديا للكوكب، وأن التحول عن الوقود الأحفوري يمكن أن ينطوي على فرصة اقتصادية إذا تحركت الولايات المتحدة سريعا لتحقيق الريادة في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
عملت إدارة ترامب على إضعاف أهداف الانبعاثات أو إلغائها، وتضمن ذلك تخفيف وكالة حماية البيئة الأميركية معايير انبعاثات السيارات، وإلغاءها خطة الكهرباء النظيفة التي اعتمدها الرئيس باراك أوباما والتي كانت تشترط تخفيضات من صناعة الكهرباء. ويسهم قطاعا النقل والكهرباء معا بنحو نصف انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة.
وفي حين بدأت شركات النفط والغاز الأوروبية مثل بي.بي ورويال داتش شل تطبيق إستراتيجيات لتحول عالمي في مجال الطاقة، لم تحد الشركات الأميركية العملاقة مثل إكسون موبيل وشيفرون عن تركيزها على أعمال الطاقة التقليدية - محتمية سياسيا برئاسة ترامب.
في حين عمل ترامب على تعظيم إنتاج النفط والغاز المحلي، تعهد بايدن بحظر إصدار تراخيص حفر جديدة على الأراضي والمياه الاتحادية من أجل محاربة تغير المناخ.
أنتجت الولايات المتحدة نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام يوميا من الأراضي والمياه الاتحادية في 2019، إلى جانب 13.2 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي، وفقا لبيانات وزارة الداخلية.
يعادل ذلك نحو ربع إجمالي إنتاج النفط المحلي وأكثر من ثُمن إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من الغاز. ويعني فرض حظر اتحادي على التراخيص الجديدة أن تتراجع تلك الأرقام حتى تتلاشى في غضون سنوات.
وسيؤثر ذلك أيضا على الإيرادات العامة المحققة من إنتاج النفط والغاز والتي بلغت حوالي 12 مليار دولار في 2019، وهي موزعة بين الخزانة الأميركية والولايات والمقاطعات وقبائل السكان الأصليين.
فقد تلقت نيو مكسيكو، على سبيل المثال، 2.4 مليار دولار العام الماضي، استخدمت جزءا كبيرا منها في قطاعها التعليمي الذي يعاني تاريخيا من أزمة نقص في التمويل. كانت حاكمة الولاية ميشيل لوجان جريشام (ديمقراطية) أبلغت رويترز الربيع الماضي أنها ستسعى للحصول على استثناء من حكومة بايدن للسماح بمواصلة الحفر في حالة انتخابه.
ولزمت حملة بايدن الصمت فيما يتعلق بالسماح لبرنامج إعفاءات من ذلك القبيل.