يسود تحسب إسرائيلي واسع من أن فوز المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية، جو بايدن، على الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، سيقود إلى تغيير كبير في السياسة الأميركية، وأن بايدن سينتهج سياسة مناقضة لسياسة ترامب بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإيران والمساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيلية، لكن مسؤولين أمنيين إسرائيليين يرون الأمور بشكل مختلف ويصرحون بأن العلاقات الأميركية – الإسرائيلية ليست علاقات شخصية.
وفي سياق القضية الفلسطينية، توقع رئيس الدائرة الأمنية – السياسية في وزارة الأمن الإسرائيلية، زوهار بالتي، في مقابلة أجراها معه المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، ونشرها اليوم، الجمعة، أن "أي إدارة تريد أن تعلن عن خطة خاصة بها. لكن مقابل مجمل الاعتبارات داخل الولايات المتحدة، لا شك لدي في أن الرئيس سيلقي بعدة قضايا جانبا، من أجل العناية بها في وقت لاحق. والأزمة مع الفلسطينية هي إحدى هذه القضايا".
وادعى بالتي، وهو مسؤول سابق في الموساد حتى العام 2016، أنه "خلال اللقاءات التي نعقدها مع أجهزة أمن في أوروبا، وليس مع الأميركيين فقط، يقولون إنهم لا يفهمون لماذا يرفض الفلسطينيون الحصول على أموال الضرائب واستئناف التنسيق الأمني مع إسرائيل. كما أنهم لا يتفهمون بالضرورة ردود فعل الفلسطينيين حيال اتفاقيات السلام التي أبرمناها مع الخليج. وللفرنسيين والإنجليز مصالح في الخليج الفارسي، وهم يشجعون تقارب إسرائيل مع دول الخليج".
وقال بالتي، المسؤول عن الحوار الإستراتيجي الدائم بين جهازي الأمن الإسرائيلي والأميركي، إن الأميركيين "يسموننا حلفاء من دون أن يكون بيننا حلفا إستراتيجيا. والعلاقات بيننا أهم من أي حلف موقع. وهذا ليس متعلقا بإدارة كهذه أو تلك".
وحول احتمال حيازة إيران على سلاح نووي، قال بالتي إن "هذه الإمكانية غير موجودة. وإسرائيل قررت لنفسها سياسة في هذه القضية منذ العام 1981 (عندما قصفت المفاعل النووي العراقي)، وسننفذ كل ما ينبغي تنفيذه من أجل منع إيران من حيازة سلاح نووي. وجميع الإدارات الأميركية، منذ نهاية الثمانينيات، بما يشمل الحزبين ومجلسي الكونغرس، كانوا شركاء لنا في المبدأ القائل إنه لا يعقل وجود وضع تكون فيه إيران نووية. وبنظرهم هذا خطر على المصالح الإستراتيجية الأميركية أولا. ويبث الأميركيون هذه السياسة في المنطقة كلها وتوجد نتائج لذلك، مثل قرار الإمارات والبحرين باعتراف رسمي بإسرائيل. ودول المنطقة استوعبت حقيقة أن لدى الولايات المتحدة التزام لا يساوم تجاه إسرائيل وأنها لن توافق على وجود إيران نووية".
وفيما وقع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، على الاتفاق النووي مع إيران، أشار بالتي إلى أن "إدارة أوباما فرضت عقوبات كبيرة جدا على إيران قبل الوصول إلى الاتفاق النووي. وأنا مقتنع بأن الولايات المتحدة ستستمر بفرض عقوبات في إطار التزامها بمنع نووي عسكري عن إيران".
"استقرار نظام السيسي هام للمنطقة"
وحول تصريحات بايدن بأن إدارته ستعود إلى الاتفاق النووي، قال بالتي إنه "توجد فجوة بين تصريحات شخص قبل أن يتولى منصبا وبين الأمور التي يقولها بعد جلوسه على الكرسي ويدرك العبء الملقى على كاهله. وإذا تطورت أزمة تغير ستاتيكو التهديد النووي الإيراني على إسرائيل، فعندها سيغير الأميركيون سلم أولوياتهم. أي إدارة ستنتخب، ستقف إلى جانبنا".
وقال بالتي إنه "ما زال أمام إيران طريق طويلة للوصول إلى سلاح نووي. وإذا لم ينجحوا بذلك هذا العام، سيحاولون بعد عامين. لكنهم لا يتنازلون عن غايتهم الإستراتيجية بالوصول إلى نووي عسكري. ونحن نفحص يوميا أين وصلت إيران في المجال النووي، وما هو وضعها الاقتصادي، وما هو وضع كورونا هناك، ونفحص موضوع تصدير النفط، ونتابع الدول التي تتاجر مع إيران. وجميع هذه العناصر تؤثر على تقدمهم نحو القنبلة".
وحول احتمال إلغاء الكونغرس، في عهد ولاية بايدن، صفقة طائرات F35 مع الإمارات، وما إذا كان ذلك سيعيق اتفاق التحالف وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، قال بالتي إنه "توجد بين إسرائيل ودول الخليج علاقات كهذه أو تلك منذ عشرات السنين. وأنا أعرف الأشخاص هناك. وبرأيي أنهم جديون جدا. ودولة ما لا تتخذ قرارا إستراتيجيا بصنع سلام مع دولة إسرائيل على أساس عنصر واحد فقط، مثل شراء طائرة".
وقال بالتي إنه "ليس لدي إجابة شافية" على السؤال إذا كان تغيير الإدارة الأميركية سيجعل دول أخرى تتراجع عن توقيع اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل. وعبر عن أمله بأن تنضم السعودية إلى "اتفاقيات أبراهام"، معتبرا أن "كل شيء سينضج في حينه، سواء استغرق ذلك أشهر أو سنوات". واعتبر أن هذه الاتفاقيات تشكل "دعامة هامة في تموضع إسرائيل في المنطقة. وهذا يقوي السنة المعتدلين، والرئيس السيسي في مصر، وعلاقاتنا مع المملكة الهاشمية. هذا تغيير جوهري في الوضع".
وأضاف بالتي أن "إدارتي أوباما وترامب سمعتا منا عن مدى أهمية استقرار نظام السيسي في مصر على الشرق الأوسط، وحول ما إذا صعد الإخوان المسلمون إلى الحكم مرة أخرى، لا قدر الله. والأميركيون موجودون في سورية والعراق وليس فقط من أجل حماية مصالحهم ومصالحنا، وإنما انطلاقا من القلق والالتزام الكامل تجاه المملكة الهاشمية. وهذه أمور لن تتغير بتغير الإدارة في الولايات المتحدة".
والتقى بالتي، أمس، مع وفد من وزارة الدفاع الفرنسية، وتمحور النقاش حول الوضع في لبنان وتحسين دقة صواريخ حزب الله. وقال بالتي إن "تحسين دقة الصواريخ في لبنان سيقود إلى تصعيد جدي جدا. ونحن نقول للمجتمع الدولي إن لبنان دولة متفككة. وإذا ارادت مساعدات، عليها أن تفكك مصانع دقة الصواريخ في بيروت وفي المناطق المأهولة. ويوجد مصانع كهذه تثير قلقنا بشكل كبير. ونجري حوار مع وزارات الدفاع المهمة لنا. وإذا لم تنجح الطريق الدبلوماسية، سنصل إلى أوضاع غير جيدة في لبنان.
وبالنسبة لجهاز الأمن الإسرائيلي فإن بيع طائرات F35 للإمارات اقل أهمية من صواريخ حزب الله الدقيقة، حسبما استنبط فيشمان من أقوال بالتي، الذي أشار إلى أن "سباق التسلح الحقيقي هو حول الأنشطة الإيرانية الجنونية في المنطقة، بدءا من لبنان ومرورا بسورية ومنها إلى اليمن والعراق وانتهاء بأماكن أخرى تضطلع إيران بدور فيها في مجال الإرهاب. والولايات المتحدة، بجميع إداراتها، تدرك ذلك وتقف من ورائنا".