قال يوجين روبنسون المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إن هزيمة دونالد ترامب هي الخطوة الأولى لتعافي الأمة الأمريكية.
وقال إن وضع الحمايات على واجهات المحلات قبل الانتخابات ليس أمرا نفعله في هذا البلد. ولا يقوم أنصار مرشح رئاسي باستخدام الحافلات لنشر الفساد على الطرق السريعة أو تهديد الحافلات التي تنقل أنصار المرشح الآخر. ولا نذهب إلى مراكز الاقتراع ونحن نتساءل عن أصوات المشاركين وإن كانت ستعد أو إن كان كل طرف سيقبل بنتائجها. كما لا نحول وباء قاتلا إلى أداة سياسية. ولا شيء مما ذكر يحدث في دولة تعتبر نفسها أعظم ديمقراطية على وجه الأرض.
وحتى هذا الوقت فمن المغري تحميل شخص واحد مسؤولية الفوضى التي نعيشها والصلاة أن يهزم ترامب حيث ستعود الأمور إلى سابق عهدها. لكن ترامب هو مجرد عرض، يقول روبنسون، وليس المرض نفسه. وأشار إلى تصريحات الرئيس السابق باراك أوباما الذي خرج لدعم نائبه السابق جوزيف بايدن حيث استشهد بعبارة قالتها زوجته السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما: “كونك رئيسا لا يغير هويتك ولكن يكشف عنها”. وأكثر من كل هذا فقد كشفت رئاسة ترامب عن سريرة الأمريكيين ومن هم.
فلو كانت القوة العظمى لبايدن تعبر عن التعاطف فهي بالنسبة لترامب تعني الوقاحة. فهو لا يحترم سياج الحماية الذي طالما حمى حياتنا السياسية. ففي الماضي كان السياسي الذي يضبط وهو يكذب يقدم توضيحا ويظهر الندم. أما ترامب فهو يكرر الكذبة لأنه واثق من تصديق الكثير من أنصاره لها. وزعم أنه لن يخسر الانتخابات إلا في حالة انتشر التزوير. وعندما حاصر أنصار ترامب حافلة كانت تقل عددا من أنصار بايدن على الطريق السريع بتكساس يوم الجمعة -وهو حادث يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالية بالتحقيق به- لم يكن مستغربا أن يرد ترامب بوصفه سائقي الحافلات المتهورين بـ “الوطنيين”، مضيفا: “لم يرتكبوا أي خطأ”.
ويقول روبنسون إن ما يثير القلق هو استمرار ما سماه “أثر ترامب” وهي الطريقة التي يدفع فيها أنصاره ومعارضيه للقيام بأعمال كانت في الماضي تعتبر خارج السلوك المقبول. وفي التجمعات الانتخابية التي تشجع صرخات “اسجنها” و”اسجنه” ضد معارضي ترامب، بدا وكأن السيناتور الجمهوري عن فلوريدا ماركو ربيو يدافع عن حادث الطريق السريع في تكساس: “هل شاهدت ما حصل؟ كل السيارات على الطريق؟ لقد أعجبنا بما فعلوا”.
ويعلق الكاتب أن ترامب وإن كشف عن هذه القباحة إلا أنه لم يخترعها. فهناك قطاع من السكان البيض، خاصة من يعيش منهم في الأرياف والبلدات الصغيرة تم تهميشهم على يد النخب الثقافية والسياسية في المراكز الحضرية الكبيرة والمعولمة. ويشعرون بقلق من فقدانهم المكانة والسلطة في بلد يبدو متنوعا وبدرجة كبيرة. وأدى العنف غير المبرر من الشرطة والعنصرية لوضع السود الأمريكيين على حافة الغليان وزاد ترامب من درجة الحرارة.
ويعلق أن السياسة الأمريكية باتت قبلية وينظر فيها الأمريكيون إلى الساسة الذين يقدمون لهم حسا بالتفوق بدلا من السياسات المدروسة التي تنفع كامل الأمة. خذ مثلا معارضة ترامب لقانون العناية الصحية المتاحة للجميع، وهجومه المر على قانون حظي بدعم غالبية العناصر التشريعية، خاصة أنه يحمي من يعانون من أعراض مزمنة. وعلى خلاف بعض الجمهوريين فمعارضة ترامب للقانون لا علاقة لها بما نجم عنه ولكن معاداته الشخصية لقانون “أوباما كير”. فتدمير القانون لم يكن من أجل تقديم قانون أفضل ولكن تفكيك إرث معارض سياسي له.
وحتى لو تعرض ترامب لهزيمة انتخابية فهو يستحقها، لكن الخلافات التي استغلها بنجاح ستظل موجودة وتهدد الأمريكيين. وسيظل كوفيد- 19 يعيث الفساد في الأرض الأمريكية. ولا انتخابات تستطيع محو فكرة أن أمريكا هي الدولة الأكثر عالميا من ناحية الإصابات والوفيات. وسواء هزم أم فاز فإرثه سيظل باقيا. فمعظم البلاد ترفض ارتداء القناع لأن القبيلة الأخرى “المكروهة” تؤكد على أن كل شخص لا يرتدي القناع هو مساو لشعار 2020 “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
و”مع ذلك ما أزال متفائلا بالفطرة. وواحد من الأشياء التي تعطيني الأمل هو أن الكثير منا- حوالي 100 مليون تحدوا حتى يوم الإثنين الوباء الهائج والمحاولات الواسعة لقمع الناخبين ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم قبل يوم الانتخابات” و”لن نبدأ بحل مشاكلنا إلا حينما نتحدث مع بعضنا البعض والانتخابات هي مكان للحديث. وقد نصيح ونصرخ على بعضنا البعض لكنها البداية وكن جزءا منها، أدل بصوتك”.