تقول الحدوتة القديمة: أن مواطنا بريطانيا اقتحم موكب رئيس الوزراء وينستون تشرشل وصرخ في وجهه:" أنت غبي أحمق" ، فقبضت الشرطة على الرجل وأودعته السجن. عقد البرلمان البريطاني جلسة لاستجواب تشرشل واثناء الجلسة سأله أحد النواب غاضباً: هل يستوجب شتم رئيس الوزراء سجن مواطن بريطاني؟ فأجاب تشرشل" الرجل لم يعتقل لأنه شتمني وإنما لأنه أفشى سراً من اسرار الدولة". فضحت القاعة بالتصفيق إعجابا بخفة دم رئيس الوزراء البريطاني.
البعض يستقصون المفارقاتِ الساخرةَ على اعتبار أنها شكل من أشكال المعارضة الشعبية فهؤلاء الذين يتظاهرون بانهم اكثر سلطة و ثراء ، واكثر اهمية واكثر ذكاء مما هم عليه، فعلا يكونون اكثر اثارة للضحك. مع إن مؤهِّلات تعيين المسئول تشمل مسائل ومقوِّمات أكبر بكثير مما تظن لابد ان يكون من ذوي خِفَّة الدم واليد وفهلوة الحديث، ليمارس الدجل في بلد محتلا و مُنْهَكَة بالمشاكل والأزمات، والكلام الغامض.. مجرد " كلمنجي" وهو يقوم بدوره العتيد مشكورًا، وهو زيادة العجز في الميزانية ليس في كل عام، بل في كل لحظة. وبرغم من ذلك قالب دماغنا بالكلام عن الاستراتيجية والوحدة الوطنية.
ولأن شر البلية ما يُضحك، فقد اختلطت المأساة بالملهاة، لتؤكِّد أن الأمور خَلَتْ من كل منطق، وباتت أقرب إلى العبث، ومازال العرض مستمرا ، وأفلام المصالحة عندنا ، مثل افلام الرعب تجارة نشطة، وأيضا هي سلعة رائجة، خصوصا أفلام مصاصي الدماء. وهم صنف من البشر يؤمن عدد كبير من الناس بوجودهم فعلاً، كما هو حال وحدتنا المفقودة .
وهذه الأفلام جيدة الصنع من ناحية التمثيل والإخراج، غير أن عيبها الوحيد هو بلاهة بعض الممثلين وما تقدمه من أفكار. إلى جانب البلاهة وما تشكله من خطر، هناك عدد كبير من البشر يستقون معلوماتهم من شاشات التلفزيون ومواقع التوصل ، وبذلك يزداد كل يوم عدد من يؤمنون بوجودهم وجود مصالحة حقيقية! هذا ما كنت أفكر فيه وأنا أشاهد. فيلم المصالحة، بعد ان صرخ المخرج الكبير والممثل القدير : خش كلاكيت .. اكشن .. سكوت هنصور.. فيلم المصالحة للمرة المائة.. لما ترجع احكي لينا شفت ايه؟
فهل تنتهي احداث الحدوتة البايخة والفيلم الرديء
ولا نرى هذه الشخصيات السمجة و نرتاح من التصريحات والافلام البلهاء؟ اعتقد ولكن بعد أن نكتشف خسارتنا الرهيبة، فلا توجد وسيلة على الأرض للوحدة الحقيقية عن طريق هؤلاء، و أظنّ وليس كل الظنّ إثم ، أن البعض ضد الوحدة.. نفس الموقف الصهيوني الذي يعمل على تقسيمنا وتفتيتنا والقضاء علينا ، فالوحدة والاستقلال والحرية تمثّل رعبًا للسواد الأعظم من هؤلاء البشر. وبغير محاسبة لن نحصل على استقلال ولا دولة ولا يحزنون فقط سنزداد فقرًا وتعاسة. آه.. لقد أخذنا الكلام لبعيد.. إحنا كنا بنقول إيه؟ افلام المصالحة يا عزيزي . لا.. انا لا أتابعها.