في خضم «موقعة» الفيل والحمار، بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، للوصول إلى البيت الأبيض، يحبس العالم أنفاسه، ليعرف من الفائز ترامب أم بايدن !!!.
ولكن ماذا يتوقع الشخص الذي يكاد يكون المستطلع الوحيد الذي أصاب في توقّعاته الانتخابيّة سنة 2016 بشأن فوز ترامب، وهو روبرت كاهالي، والذي يعد رئيس مجلس إدارة « مجموعة ترافالغار»، وكبير المستطلعين فيها، والذي توقع فوز ترامب في ولاية بنسلفانيا ومتشيغان وفلوريدا، في حين صبت جميع الترجيحات لصالح كلينتون.
ماذا يتوقع كاهالي في انتخابات 2020 : هل يتوقع فوز ترامب أم بايدن؟.
إلى الآن، يتوقع كاهالي فوز ترامب في المجمع الانتخابي وبالتالي الرئاسة، ويفسر ذلك بالتالي: نحن نعيش في دولة حيث يكذب الناس على مُحاسبِهم، يكذبون على طبيبهم، يكذبون على كاهنهم. ويُفترض بنا أن نؤمن بأنّهم يتخلّون عن كلّ ذلك حين يتواصلون مع شخص غريب على الهاتف.
وفي مقابلاته، يتحدث كاهالي عن مجموعة من النقاط التي تجعل، استطلاعاته أدق، فهو يعمل على مفهوم «تأثير برادلي» أو الميل للتكيف مع الرغبة الاجتماعية، وهو الذي يجعل الناس أقل رغبةً في الإفصاح عن آرائهم خوفاً من أن يتلقوا إدانة المستطلع.
ويتحدث كاهالي عن «ناخب ترامب الخجول» الذي لا يريد الإفصاح عن حقيقة آرائه خوفاً من الاصطدام مع الجيران. فهنالك «وصمة عار» تطارد الجمهوريين اليوم أكثر من 2016. حينها كان مؤيدو ترامب يوصفون بـ «البائسين»، أما اليوم فقد يتعرّضون للضرب إذا كانوا مرتدين قبعته أو واضعين ملصقاً له على سياراتهم، ولكن هذه الوصمة تزول يوم الاقتراع وتُظهر لماذا كانت غالبيّة الاستطلاعات خاطئة، في حين وصف كاهالي بأن مرشح بايدن غير خجول.
على كل حال ستكون الملحمة الرئاسية الأميركية اليوم، حافلة ومثيرة بالأحداث، وقد سبقتها حملة دعائية مستعرة، وبعدما أشار الخط البياني لاستطلاعات الرأي إلى تقدم المرشح الديمقراطي بايدن على منافسه ترامب، بفضل جائحة كورونا، وأداء ترامب الهزيل والمثير للدهشة في التعامل معها منذ لحظاتها الأولى، عادت استطلاعات لتظهر تقارباً وربما تعادلا بين المرشحين الرئاسيين، وذلك على بعد أمتار قليلة من السباق إلى البيت الأبيض.
ترامب الذي يهوى الشائعات الجميلة وكأنها لا تضر أبداً، همه مسكون بالسلطة الرابعة بإذكاء نيرانها وإثارتها بصفتها الكهرباء الاجتماعية التي يداريها الجميع، بدلاً من إخمادها، وهو ما ينم عن ذكاء خارق في فهم قوة الإعلام المعاصرة كسلطةٍ أولى تؤدي خدمات جليلة، عند تسخيرها لمصلحته إيجاباً أو سلباً لا فرق. وهو في سبيل ذلك مارس السياسة الداخلية والخارجية كمهرج، يحقق أكبر قدر من المشاهدين أو المتذمرين.
وإن كان هناك عدد من القواسم المشتركة بين المرشحين، إذ إن كلا منهما يجسد الرجل الأبيض الذي تجاوز السبعين من عمره.
إلا أن الديمقراطي جو بايدن يقدم نفسه للناخبين كمرشح معتدل يملك الخبرة وروح التعاطف اللازمتين لمحو آثار ما خلفه دونالد ترامب المهرج والمشاغب، واستعادة توازن السلطة التنفيذية التي انتزعها نجم تلفزيون الواقع.
ويفضل بايدن أن يرى نفسه «مضاداً» لترامب: سياسي متمرس، قادر على الانفتاح على الخصم، والتعاطف، وقبل كل شيء الاعتراف بأخطائه.
وقد حاز بايدن على ثقة باراك أوباما، الذي جعله نائباً له، وسمحت السنوات الثماني التي قضاها بايدن مع أوباما في إقامة علاقات اخوية بينهما على حد تعبيرهما، وفي تبني بايدن، لإرث أول رئيس من أصول أفريقية في تاريخ الولايات المتحدة، مثل نظام «أوباما كير» للرعاية الصحية والخطة الاقتصادية التي أنقذت حينها قطاع صناعة السيارات الأميركي من الانهيار بعد الأزمة المالية في العام 2008.
لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن تشبه نفسها إلى حد كبير في السياسة الخارجية حتى ولو تغيرت الإدارة المقبلة، وخصوصا بالنسبة للعلاقة مع إسرائيل.
وهناك أكثر من مراقب يعتقد أن بايدن في حال فوزه، لا يتمتع بسياسة خارجية متناسقة. مع ذلك، يمكن تلمس مؤشرات عن توجهات نظرته الدولية من خلال علاقته الوظيفيّة بأوباما.
ومع أنّ «الاستدارة» نحو شرق آسيا كانت جزءاً أساسيّاً من سياسة أوباما، ولكن فشل أوباما في احتواء الصعود الصينيّ. وهذا يستدعي بدوره رؤية ديموقراطيّة جديدة للسياسة الخارجيّة، لا مجرّد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والانطلاق من حيث توقّف أوباما.
ولكن على كل حال، فإذا فاز ترامب، فحدّث ولا حرج، ولكن ماذا عن فوز بايدن في الثلاثاء الكبير، وهو في الحقيقة فوز لكاميلا هاريس شريكة جو بايدن في البطاقة الانتخابية، ولهاريس عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا سجلٌ حافل في تحطيم الحواجز غير المرئية، فقد كانت أول امرأة تتولى منصب المدعي العام في سان فرانسيسكو، كما أنها أول امرأة ملونة تُنتخب مدعياً عاماً في كاليفورنيا.
وتطلعت هاريس، المولودة لأم وأب هاجرا إلى الولايات المتحدة من الهند وجامايكا على الترتيب، إلى أن تصبح أول امرأة تشغل مقعد الرئاسة في البلاد عندما نافست بايدن وغيره على ترشيح الحزب الديموقراطي في 2020. ولكن بايدن تجاهل بعضاً من الكلمات القاسية التي نعتته بها هاريس خلال سعيها للفوز بترشيح الحزب واختارها لتكون رفيقته على البطاقة الانتخابية في آب الماضي. وقد أثبتت جدارتها بسعيها خاصة لاستمالة النساء والتقدميين والناخبين الملونين الذين لهم أهمية بالغة لآمال الحزب في الفوز بالانتخابات، وأثار اختيارها جواً من الإثارة في أوساط القاعدة الشعبية الديمقراطية وفي صفوف المتبرعين للحزب.
وقد سعى الرئيس دونالد ترامب وحملة الدعاية الجمهورية لإعادة انتخابه لتصوير هاريس كأداة في يد اليسار الديمقراطي الذي سيمارس السلطة والتأثير من وراء الكواليس في رئاسة بايدن.
كل هذه تبقى تكهنات ستحسمها النتائج التي ستفرزها صناديق الاقتراع اليوم.