قال تسفي برئيل المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الثلاثاء، في مقالة نشرت بالصحيفة، إن تركيا تسعى جاهدة لتحل محل مصر في الساحة الفلسطينية، وأنه على إسرائيل أن تقلق من مثل هذه الخطوة.
ورأى برئيل في العامود اليومي التحليلي الذي ينشره، بأن الفلسطينيين سجنوا أنفسهم في مواجهة بين تحالفين متنافسين، الأول يتألف من مصر والسعودية والإمارات إلى جانب إسرائيل، والثاني تشارك فيه تركيا وقطر، وإيران عن بعد، معتبرًا أن ذلك خلق صراعا نشأ وتطور بغض النظر عن القضية الفلسطينية، لكنه يتدفق بسرعة إلى الساحة المحلية وسيجبر إسرائيل على اتخاذ موقف.
واعتبر أن إغلاق معبر رفح البري باستثناء فتحه مرتين لفترة قصيرة، هو جزء من العقوبات التي فرضتها مصر على حماس مؤخرًا لأنها تجرأت على اتخاذ مبادرة سياسية مستقلة بإجراء اجتماعات مع فتح لتجديد مبادرة المصالحة وإجراء انتخابات فلسطينية.
وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس فوض جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، بفتح محادثات مع حماس بعد التقارب العربي مع إسرائيل وعمل بعض الدول العربية على تفكيك المبادرة العربية وتقويض الضمانة النظرية بأن أي اتفاق عربي مع إسرائيل يجب أن يكون مشروطًا بانسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 67.
ووفقًا للمحلل الإسرائيلي، فإن الاجتماع الذي عقد في إسطنبول أزعج القاهرة، بعد أن أصبحت تركيا الدولة المضيفة فجأة وضيفة الشرف للتحركات السياسية الفلسطينية.
ونقل برئيل عن مسؤول في السلطة الفلسطينية، قوله للصحيفة العبرية، إن مصر غير راضية عن دور المضيف لاستكمال اللقاءات في القاهرة، لأنها تريد أن تكون شريكًا في المحادثات وتبدو غاضبة لأنها أجريت المحادثات في تركيا مما أعطى أردوغان مدخلًا سياسيًا إلى الساحة الفلسطينية بدلًا من مصر.
ويشير برئيل إلى إن حماس وفتح أكدتا في بيانات لهما أن مصر ستلعب دور رئيس في إدارة المصالحة ولا تنوي تبني راعٍ جديد، في حين أن الاتفاقيات تنص على أن اجتماع الأمناء العامين المقبل سواء في القاهرة أو غيرها سيكون فلسطينيًا خالصًا دون تدخل أي دولة، إلا مصر تريد المشاركة في المحادثات.
واعتبر زيارة موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إلى روسيا، وإعلانه استعداد موسكو استضافة الحوار الفلسطيني بمثابة سهم حاد آخر أطلق تجاه مصر، مشيرًا لتصريحات عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبدالله عبدالله إنه إذا لم توافق مصر على استضافة الاجتماع فإن هناك طرقًا أخرى لعقده.
وأشار إلى أن تقارب القيادة الفلسطينية في رام الله من الدائرة غير العربية لا ينبع فقط من الاعتراف بفقدان الشراكة العربية الداعمة، ولكن أيضًا من الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تضر بالسلطة مع تراجع الدعم العربي بنحو 81% منذ بداية العام الجاري، مشيرًا إلى أن السلطة أيضًا ترفض قبول المقاصة الإسرائيلية منقوصة، ورفضت طلب دول الاتحاد الأوروبي لسد الفجوة على أساس أنه يجب أن تستلم أموالها كاملة.
وتتعامل إسرائيل مع الأزمة الاقتصادية للسلطة وكأنها لا تعنيها، وقالت مصادر إسرائيلية للصحيفة العبرية، إن افتراض العمل هو أن الضغط الاقتصادي سيجبر السلطة على تغيير سياساتها والموافقة على قبول أموال المقاصة بعد الخصومات الخاصة بقانون "ضحايا الإرهاب"، وتبني خطة ترامب لتجديد المساعدة الأميركية والعربية.
ويقدر برئيل بأن إسرائيل تثق في إمكانية أنه إذا تفاقمت الأزمة، فستكون هناك دول عربية ستساعد السلطة الفلسطينية، تمامًا كما أصبحت قطر ماكينة الصراف الآلي في غزة، كما قال.
وأضاف "في هذه المرحلة، هذه افتراضات عمل لا أساس لها، لكن السؤال الذي يجب أن يثير قلق إسرائيل وحلفائها العرب هو السماح لتركيا أو قطر بملء الخزائن الفارغة للسلطة الفلسطينية، مما يمنحهما مكانة سياسية تؤثر على تحركات السلطة، وهذه هي المعضلة التي تواجه عباس أيضًا، الذي يحتاج إلى اتخاذ قرار استراتيجي سيكون له تداعيات كبيرة على مستقبل السلطة الفلسطينية ومستقبل الحل السياسي".
وتابع "يبدو أن عباس، مثله مثل جميع القادة في العالم، ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية قبل أن يقرر أين سيتوجه في فلسطين، وهنا نتذكر أن بايدن، شخصية أكثر صداقة للفلسطينيين من الرجل الذي يسكن البيت الأبيض الآن".