وصل أمس إلى المنامة الوفد الإسرائيلي برئاسة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي «مئير شبيط» لاستكمال التوقيع على اتفاقية التطبيع بين النظام الملكي في البحرين وإسرائيل، وسيشارك من الجانب الأميركي وزير المالية والبديل الشاب لـ»غريمبلات» «آفي باركوفيتش».
بالنسبة للبحرين التي التحقت متأخرة باحتفال توقيع اتفاقية الإمارات - إسرائيل في البيت الأبيض، لم يكن هناك وقت كافٍ لكتابة اتفاق خاص بها، لذلك اكتفى وزير خارجيتها بالحضور والجلوس خلف الطاولة مع ملف فارغ، ولكنه حصل على مصافحة وصور.
الملحق الجديد يبدو أقرب إلى وظيفة مدرسية من العام السابق «إكمال» كما هو دارج لدينا، تماماً كالمملكة نفسها تضاف ولا تحسب، دولة يصعب الحديث معها على انفراد، إذ غالباً ما يكون الأمر عالقاً في مكان خارجها، كتبت هذا سابقاً ولكنه يبدو الآن ملائماً أكثر، لعل هذا ما يفسر سعادة وزير خارجيتها وحبوره الواضح في حفل التوقيع، أو الحديث المستفيض الذي يطلقه عن استراتيجيات السلام ووقف الأعمال العدائية بين الدولتين (الرجل يعيش في جزيرة تبعد أكثر من 1600كم عن القدس)، وأشياء من هذا القبيل، ما يوفر نموذجاً واضحاً حول سيكولوجية الراكب الثاني في الحافلة.
الأمر ليس التقليل من شأن البحرين فثمة تاريخ تلك البلاد وهوية المكان وطبقاته الحضارية المتعددة، وثمة الشعب الحيوي المنفتح وتجارب المعارضة وثقافتها العميقة، والمساهمة الثقافية الغنية التي قدمها مثقفو البحرين للمشهد العربي.
ما يستدعي الحيرة هو اندفاع المملكة الغريب لتوقيع اتفاقية «سلام» مع إسرائيل، اتفاقية لا ترتبط على الإطلاق بمصالح الدولة وتضعها في مواجهة مع شعبها، رغم كل ما يمكن أن يقال حول «استراتيجية السلام» وتقديم «الوجه الطيب الأصيل» للشعب البحريني، الجميع يعرف الآن أن الأغلبية الساحقة للشعب البحريني ترفض التطبيع مع دولة الاحتلال، وترفض سياسة الملحق وتقديم الخدمات التي اتسمت بها سياسة المملكة في كل شؤونها تقريباً.
لقد بذلت هذه المملكة الصغيرة جهوداً كبيرة لتؤكد حسن نيتها لإدارة «ترامب»، وهو أمر غير مطلوب في ظروفها، ولكنها متطوعة تجاوزت ما هو مطلوب منها، مبكراً عينت سفيرة يهودية في واشنطن «هدى عزرا نوني»، وحرصت على تمثيل برلماني للجالية اليهودية التي تعد أقل من أربعين فرداً، واستقبلت المؤتمر الاقتصادي الذي نظمه وقاده كوشنر كجزء من «صفقة القرن»، ولكن هذا لم يغير الوقائع، بقيت هناك بمساحتها بين قوتين إقليميتين، يربطها جسر بالمملكة السعودية، وأغلبية شيعية (70%) تقريباً من السكان بالجمهورية الإسلامية في إيران، بين الجسر والأغلبية الغاضبة بالضبط تقع «مملكة البحرين»، وستبقى هناك حتى بعد تنفيذ البنود الخمسة لاتفاقية التطبيع التي جهدت لتحصل عليها.