قال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي "إن الوضع الحرج في فلسطين المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، يعكس إلى حد كبير أوجه القصور الخطيرة في النظام الدولي، بحيث يوثق المجتمع الدولي ويدين بشكل خطابي، ويكتفي في الخطابات دون أي فعل حقيقي لوقف الممارسات الإسرائيلية غير القانونية التي تنتهك الحقوق الأساسية للفلسطينيين".
جاء ذلك خلال كلمته في الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز، ضمن الدورة الـ 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، الذي عقد عبر "الفيديو كونفرنس".
وأضاف المالكي: "يسمح المجتمع الدولي لإسرائيل بمواصلة هذه الممارسات غير القانونية دون عواقب ومساءلة، ما يشجع انتهاكاتها المستمرة للقانون ويزيد من تأجيج التوترات وزعزعة استقرار الوضع على الأرض، وهذا بدوره يسمح لإسرائيل بمواصلة التدمير المتعمد والعملي لحل الدولتين على حدود عام 1967، ما يقوض أسس وآفاق السلام العادل، ويشمل ذلك الضم الفعلي المستمر للأرض الفلسطينية المحتلة الذي يفتقد للشرعية القانونية وينتهك قواعد القانون الدولي. وبذلك يجب محاسبة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على جميع هذه الانتهاكات".
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني يواجه تهديدا وجوديا يستهدف حقوقه غير القابلة للتصرف في الحرية وحق تقرير المصير، وقال: "لا يزال الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني المستمر لأراضي دولة فلسطين، بما في ذلك القدس الشرقية، ينتهك ويهدد السيادة الفلسطينية وحقوق الإنسان، بما في ذلك حق شعبنا في الصحة والتنمية المستدامة والازدهار، كما أن الممارسات الإسرائيلية غير القانونية التي تعرقل السيادة الفلسطينية على أرض دولة فلسطين المحتلة، من مصادرة الأراضي وضمها بحكم الأمر الواقع، وبناء المستوطنات والجدار، وهدم منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، والتهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، ازدادت وتيرتها جميعها بشكل حاد منذ ظهور الوباء".
وتابع أن "هذه الممارسات تعكس ازدراء إسرائيل المطلق للقانون الدولي، بما في ذلك المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة وقرارات مجلس الأمن، وذلك بالقدر الذي تتلقى به الدعم المادي والسياسي من قبل الإدارة الأميركية الحالية المتواطئة بشكل مباشر في هذه الجرائم. وتثير هذه الممارسات استهزاءً بمطالبات المجتمع الدولي المتكررة لوضع حد لأنشطة إسرائيل غير القانونية وامتثالها واحترامها للقانون الدولي".
واستنكر المالكي، في كلمته، التبجح المستمر والمتعمد للقانون، وما يعلنه المسؤولون الإسرائيليون منذ سنوات من معارضتهم الصريحة لحقوق الفلسطينيين، والتزامهم بعرقلة تحقيق الاستقلال والسيادة الفلسطينية، وإصرارهم على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، كما أعلن رئيس وزرائها (إسرائيل) وكبار مسؤوليها الآخرين مرارًا وتكرارًا، وكما تظهر أفعالها المتواصلة لترسيخ احتلالها العسكري الحربي لأراضي دولة فلسطين عن طريق الضم والتهجير القسري للفلسطينيين والتوسع الاستيطاني، وتمكين إرهاب المستوطنين، وغيرها من الممارسات المُجرمة دوليًا.
وطالب دول حركة عدم الانحياز "بمساندة دعوتنا لمكافحة الممارسات الإسرائيلية بالعمل المشترك الإيجابي"، مضيفا أن "حصانة إسرائيل من العقاب لا تهدد فلسطين حصراً، بل تهدد تداعيات هذه الحصانة كذلك نظامنا الدولي".
وأردف: "كما نطلب دعمكم لجهودنا في المحافل الدولية الهادفة إلى ضمان مساءلة الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين المحتلة وضد الشعب الفلسطيني، بما يتعارض والقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
كما ناشد المالكي أعضاء الحركة التمسك بمبادئ وقيم حركة عدم الانحياز، "من خلال دعم جهودنا لرفض أي وكل محاولات فصل القضية الفلسطينية عن القانون الدولي والمعايير ذات الصلة، بما في ذلك ما يسمى بالخطة المقدمة من قبل الإدارة الأميركية. أولئك الذين لديهم الإرادة أو يميلون إلى تطبيع ما هو غير طبيعي- في هذه الحالة الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية- يخونون أسس ومبادئ حركتنا والمصالح طويلة الأمد لشعوبنا، وكذلك قابلية استمرار النظام الدولي القائم على القواعد. كما نناشدكم عدم تطبيع هذه الجرائم والإصرار على إنهاء الإفلات من العقاب باعتباره الطريق لتحقيق السلام".
وتطرق إلى خطورة هذه الأوقات "التي تمثل اختبارا للنزاهة الأخلاقية وتصميم المجتمع الدولي على التمسك بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والحق غير القابل للانتهاك لجميع شعوبنا في السلامة والأمن والازدهار".
وأضاف المالكي: "يجب أن نقف ضد صعود الشعبوية اليمينية التي تقوم على كراهية الغريب، والعنصرية والأحادية التي تهدد بشدة المبادئ القانونية التي يقوم عليها النظام الدولي ومحاولات زرع الفوضى والعدوان، وإلحاق الضرر بمصالحنا المشتركة في جميع المجالات، بما في ذلك التنمية المستدامة وحماية البيئة والتعاون الدولي، والأكثر خطرا الآن مكافحة الجائحة والحصول على اللقاح المطلوب بطريقة عادلة ومنصفة. إنهم يستقطبون عالمنا ويمزقون أسس التعاون والتلاحم التي نادت بها حركتنا منذ عقود. لا يمكننا السماح لهم بإخراج عالمنا عن السيطرة".
وأكد المالكي "التزام دولة فلسطين بالتعددية والنظام الدولي القائم على القانون، وأن تعددية الأطراف هي حجر الزاوية للنظام الدولي المعاصر، وروح هذه النظرة العالمية التي أدت إلى تشكيل هذه الحركة، التي نفخر ونلتزم بها".
كما أعرب عن خالص التقدير لجميع الدول "التي قدمت مساعدات صحية وإنسانية ومالية وفنية لسلطاتنا المعنية، لمساعدة فلسطين في مواجهة هذا الوباء- على الرغم من الصعوبات الهائلة التي ما زلنا نواجهها بسبب التدابير العنصرية غير القانونية التي تفرضها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال".
وتابع المالكي: "على الرغم من هذه الظروف، فإن فلسطين ملتزمة بالحفاظ على علاقة منفتحة وتعاونية مع جميع أعضاء حركة عدم الانحياز لدفع جهودنا المشتركة في مواجهة الوباء، بما في ذلك تبادل الخبرات والممارسات المناسبة".
وشدد، أيضا، على "التزام دولة فلسطين الراسخ والمبدئي بالعمل مع جميع أعضاء حركة عدم الانحياز والدول الصديقة الأخرى لحماية النظام القائم على القواعد، ومنع أي انتقاص لهذا النظام، وتعزيز قيمنا وأهدافنا المشتركة، بما في ذلك التأكيد عليها في الإعلان الوزاري الهام بين أيدينا، وذلك في وقت يشهد تحديات اقتصادية واجتماعية وصحية عالمية غير مسبوقة، تقع على عاتقنا مسؤولية الحفاظ على أمل وإيمان الأجيال الحالية والمقبلة. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تعاوننا".