قال جنرال إسرائيلي إنه "رغم وجود فجوات بين مواقف إسرائيل ومصر حول قضايا التسوية الدائمة، رغم المصالح المشتركة مع نظام السيسي في مجالات أخرى، فإن لدى إسرائيل فرصة لتسخير القاهرة في جهد سياسي، لأنه في الآونة الأخيرة، بدأت دول الخليج وتركيا تلعب دورا رئيسيا أمام الفلسطينيين".
وأضاف عيران ليرمان، نائب رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، في دراسة ترجمتها "عربي21"، أنه "فيما زعمت الإمارات العربية المتحدة والبحرين أن خطوتهما الدراماتيكية بالتطبيع مع إسرائيل اشترطت بوقف خطة الضم على أجزاء الضفة الغربية، فإن قطر تتصدر مباحثات التهدئة بين حماس وإسرائيل والمساعدات الاقتصادية لقطاع غزة، وتحاول تركيا السيطرة على تحركات المصالحة الفلسطينية الداخلية".
وأشار ليرمان، الذي شغل مساعد رئيس قسم السياسات الدولية بمجلس الأمن القومي، وتولى مسؤوليات عسكرية في الجيش الإسرائيلي طيلة 20 عاما، إلى أن "هذه التدخلات الإقليمية في الساحة الفلسطينية الإسرائيلية تجعل المصلحة الإسرائيلية طويلة الأمد تذهب باتجاه تعميق مشاركة مصر بهذه الأحداث، مع وجود جهود مشتركة بينهما؛ من أجل مستقبل البحر المتوسط، وحشد دعم واشنطن".
وأوضح أن "المصلحة الإسرائيلية مع مصر تتعلق أساسا بالحفاظ على الهدوء في الجبهة الجنوبية مع قطاع غزة، وتعزيز الردع ضد حماس؛ لأن الفلسطينيين مطالبون بأن يدركوا أنه لا يوجد بديل لدور مصر، كما أن مكانة مصر في المنطقة مهمة لإسرائيل للكثير من الأسباب والاعتبارات".
وأكد ليرمان، رئيس دائرة الشرق الأوسط في اللجنة اليهودية الأمريكية، أن "أهم هذه الأسباب أن مصر أهم جيران إسرائيل، وشريكتها بالسلام، وعلى مدى 41 عاما، اعتاد الإسرائيليون اعتبار العلاقات مع مصر مفروغا منها، لكن المجتمع الأمني والسياسة الخارجية والاستخبارات في إسرائيل، وعلى رأسها المستوى السياسي، ليس من واجبه فقط الحفاظ على مكانة مصر، بل تعزيزها كقوة مؤثرة في الساحتين الفلسطينية والإقليمية".
وأشار إلى أن "مصر تحت قيادة السيسي تشارك إسرائيل بمجموعة واسعة من المجالات، وتعميق مشاركتها سيخدم مصالحهما الاستراتيجية طويلة الأجل، ما سيكون له تأثير إيجابي على واشنطن أيضا، ورغم أن رد القاهرة السريع على إعلان تطبيع العلاقات الإسرائيلية الخليجية جاء إيجابيا، فإن مصر لعبت دورا رئيسيا بقرار الجامعة العربية بعدم الاستجابة لطلب الفلسطينيين عقد جلسة استماع طارئة لإدانة ذلك التطبيع".
وأوضح أن "السلوك المصري الحالي تراه إسرائيل يتناقض مع النمط الذي اتسمت به السياسة المصرية في التسعينيات، عندما هاجمت مرارا وتكرارا "القدم الجريئة" للدول العربية تجاه إسرائيل، مع أن القراءة الإسرائيلية لا تبدي تعجبا من الموقف المصري الحالي، فالإمارات والسعودية كانتا ولا تزالان داعمتين رئيسيتين لمصر، وتحديدا نظام عبد الفتاح السيسي".
وأشار إلى أن "المعطيات الإسرائيلية المتوفرة تشير إلى وجود قلق، أو على الأقل عدم ارتياح في القاهرة، كلما طغت دولة أخرى في منطقة البحر المتوسط والعالم العربي على دورها التقليدي، وبعيدا عن اعتبارات صورتها الذاتية، وتظاهرها التاريخي بالقيادة، فإن لها آثارا عملية واستراتيجية، وحتى اقتصادية على طريقة نظرة دول المنطقة والنظام الدولي لمصر، في الغرب والصين، التي تعتبر سياستها الاستثمارية مهمة لمستقبل مصر".
وأوضح أن "السيسي بطبيعة الحال له مصلحة في عرقلة محاولات تركيا للتدخل في المشهد الفلسطيني، لأن أردوغان دأب على التنديد بالسيسي منذ انقلابه في 2013، وهما الآن في مواجهة مباشرة، ولذلك من المهم لإسرائيل ألا يكون السيسي في موقف ضعيف، فالاقتصاد المصري الذي تضرر بشدة من كورونا، يمر بأزمة عميقة اليوم، ما يعزز في الوقت نفسه أهمية الاعتبارات السياسية والاستراتيجية".
وأشار إلى أن "إسرائيل تراقب ما تواجهه مصر من تهديدات على جبهات: السد مع إثيوبيا، والتدخل التركي في ليبيا، وقيام قوة معادية على حدودها الغربية، ترسيم الحدود بين المياه الاقتصادية لدول البحر المتوسط، والرد التركي على اتفاقية مصر واليونان، ونشاطات تنظيم الدولة في سيناء، وفي هذه القضايا، تتماشى مواقف مصر ومصالحها طويلة المدى مع إسرائيل، بوقف القوى الراديكالية للمنطقة، وكبح الطموح التركي المتزايد".
وأضاف أن "المتابعة الإسرائيلية للدور التركي النشط بتعزيز المصالحة الفلسطينية يتزامن مع الصعوبات التي واجهها المصريون في تحقيقها، لكنهم فشلوا مرارا في ذلك، كما أن مصر نفسها لا تملك الموارد اللازمة لمساعدة سكان القطاع في محنته، ومن هنا تأتي الحاجة لحقائب المال القطرية، ولذلك لا خيار أمام إسرائيل سوى العمل مباشرة مع قطر بهذا الشأن".
وأكد أن "مصلحة إسرائيل الأساسية وطويلة الأمد بالحفاظ على مكانة مصر لا تزال قائمة لمواجهة قيادة حماس في غزة، فالقطاع يمتلك موقعا جغرافيا واستراتيجيا يمنح مصر أداة تأثير لا يمتلكها أي عامل خارجي آخر، وحول العلاقة المصرية مع السلطة الفلسطينية فإن إسرائيل مهتمة بهذه التحركات؛ لأن مصر، باعتبارها الراعي التقليدي للسلطة، قادرة على تكييفها مع الواقع السياسي الجديد الخاص بالتطبيع مع الخليج".
وختم بالقول إن "إسرائيل تعتقد أن بإمكان مصر بعد أن تهدأ موجة الغضب الأولية للسلطة الفلسطينية بشأن علاقات إسرائيل مع الإمارات والبحرين، إقناعها بتعديل مواقفها، وإسرائيل من جهتها تحتاج للنظر في كيفية مساعدة على القيام بذلك".