ن المنتظر أن يقدم الفيلم الأميركي "حلب" (Aleppo) قصصا عن المدينة العريقة في خضم الحرب السورية، بتوقيع من المخرج البرازيلي ديفيد شورمان، وإنتاج شركة "ميلو إنترتينميت" (MiLu Entertainment) في لوس أنجلوس الأميركية، وتلعب دور البطولة الممثلة الأميركية أوليفيا مون.
ويسرد الفيلم قصة تجمع بين صحفية أميركية من الأمم المتحدة وطفل سوري من مدينة حلب، قتلت أمه وأخته بقصف استهدف أحد الأسواق، حيث يقرر والده إرساله إلى تركيا؛ بحثا عن حياة أفضل بعيدا عن نيران المدافع والطائرات.
وتجمع الأقدار الطفل الحلبي الهارب بالصحفية الأميركية، ويحاول الاثنان النجاة من جحيم القصف والحرب عبر الخروج إلى الأراضي التركية، في وقت يواجهان فيه على الطريق مخاطر هائلة؛ مرورا بالصحراء ومناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في ريف حلب (شمالي سوريا).
السوريون الشجعان
لكن الإعلان عن فيلم "حلب" قوبل بانتقادات لاذعة واتهامات بتهميش السوريين وقضيتهم في البحث عن الحرية والخلاص من الظلم، لصالح شخصية غربية في الفيلم تلعب دورها الممثلة الأميركية أوليفيا مون.
وانتقد ناشطون تركيز الفيلم على شخصية الصحفية وإظهارها كبطلة، على حساب إحدى أكبر المآسي التي لحقت بسوريا، حيث دمار مدينة حلب وتهجير سكانها ومقتل وجرح الآلاف، في حملة عسكرية شرسة للنظام وحليفته روسيا نهاية عام 2016، بعد إصرار سكان الأحياء الشرقية على رفض حكم النظام السوري على مدى 4 سنوات من القصف والحصار.
ويتهم المتابعون الفيلم بأنه يتجاهل بطولات الشعب السوري في حلب، حيث واجه المدنيون البراميل المتفجرة التي وُصفت بأنها أشرس سلاح ينتهك كل محرمات الحرب والقتال العسكري، في الوقت الذي ضرب فيه النظام على سكان المدينة حصارا خانقا بإغلاق المعابر ومنع دخول الطعام والشراب للآلاف هناك.
وانتقدت الباحثة الأسترالية في منظمة "هيومان رايتس ووتش" صوفي ماكلين الإعلان عن الفيلم بتغريدة على تويتر قالت فيها "أولا، لا يوجد شيء اسمه صحفي من الأمم المتحدة، وثانيا لم تكن هناك أمم متحدة في تلك الأشهر المرعبة الأخيرة في حلب، والصحفيون الوحيدون كانوا سوريين".
وأضافت "كيف يمكن لأي فيلم عن حلب أن يركز على أي شخص باستثناء السوريين الشجعان … من يكتب هذا الهراء؟"
Jesus Christ. Firstly, there’s no such thing as a ‘U.N journalist’ & secondly there was no UN in those last terrifying months of Aleppo, and the only journalists around were Syrians. How any film about Aleppo can centre anyone but brave Syrians is insane. Who writes this shit? https://t.co/PvnT1r25EC
— Sophie McNeill (@Sophiemcneill) September 25, 2020
في حين غردت الإعلامية السورية في الإذاعة الوطنية الأميركية العامة ندى حمصي بطريقة ساخرة من دور بطلة العمل قائلة "مرحبًا هوليود، أنا سورية وصحفية وأرغب في أن أصبح نجمة سينمائية، وكذلك الأمر بالنسبة للعديد من السوريين الآخرين، وكذلك صحفيو الأمم المتحدة، وظفونا"، في إشارة إلى أوليفيا مون التي كانت تعمل صحفية قبل أن تصبح ممثلة سينمائية.
Hello Hollywood I’m Syrian and a journalist and would love to become a movie star, so would many other Syrians, also “UN journalists” aren’t a thing. Hire us!
— Nada Homsi (@no_homsi) September 25, 2020
قيامة حلب
لم تحظ مدينة حلب السورية ومأساتها في خضم الحرب بما يكفي من الأضواء وسرد القصص، وبقيت حكاية تدمير إحدى أقدم مدن العالم وتشريد سكانها على يد النظام السوري وروسيا ضمن أعمال تعد على الأصابع، وكان أبرزها آخر الرجال في حلب، وإلى سما، ووداعا حلب.
ويصف الأهالي الناجون بأن الأشهر الأخيرة من عام 2016 شهدت ما سموها "قيامة حلب"، حيث كانت قذائف المدفعية والصواريخ تنهمر كالمطر على بقية الأحياء المتبقية بيد المعارضة السورية المسلحة بحلب، وكان النظام يتقدم بريا مدعوما بآلاف العناصر من المليشيات، حيث كان الأمل يتضاءل مع سقوط كل حي.
وألهم صمود السكان العالم بأسره، وباتت حلب في تلك الأثناء حديث وسائل الإعلام، وسط مظاهرات عمت دول العالم للمطالبة بنجدة المدينة وسكانها المكلومين الذين يواجهون مذبحة كبرى على يد النظام.
ولم تنته هذه المأساة إلا ومعظم أحياء المدينة القديمة والشرقية عبارة عن أكوام من الحطام والحجر، حيث أبرمت تسوية لتسليم حلب للنظام السوري، على أن يرحل المحاصرون من المدنيين والمقاتلين من منازلهم نحو ريف المدينة الغربي.