كاتب عربي في صحيفة عبرية: سنقوّم “أعوج بلفور” رغم عيشنا عرباً وشرقيين في “إسرائيل العاشرة”

الإثنين 21 سبتمبر 2020 10:38 م / بتوقيت القدس +2GMT
كاتب عربي في صحيفة عبرية: سنقوّم “أعوج بلفور” رغم عيشنا عرباً وشرقيين في “إسرائيل العاشرة”



غزة /سما/

هآرتس - بقلم: عودة بشارات "كيف يدور الدولاب؟ في حرب يأجوج ومأجوج الدائرة بين ما يسمى إسرائيل الأولى وإسرائيل الثانية، رفع أبناء طائفة الأشكناز الأيدي كدليل على الاستسلام. ومن المدهش أنهم سووا الصفوف مع التيار الذي يسحقهم ويسحق ثقافتهم. الهزيمة قاسية جداً إلى درجة أنهم توقفوا عن محاربة شيطنتهم. وقد تم وصفهم بالمدللين واللصوص والمتعالين على أبناء الشرقيين. إذا شاركوا في مظاهرة ما تهاجم وكأن الأمر يتعلق بكائنات من الفضاء لا صلة لها بهذا المكان أو بواقعه.

لأسفي الشديد ولخيبة أملي، رغم رغبتي الشديدة، لم أقو على كره الأشكناز. وإذا أردت الحديث بشكل صريح وصادق فيمكنني القول بأنه يمكنني إدارة حوار مع الأشكناز وأطرح عليهم موقفي بشكل منفتح دون الخوف من ردهم. في المقابل، أنا حذر من الانفتاح تجاه الشرقيين والعرب لأنهم يستقبلون الانتقاد بمشاعر مبالغ فيها وكأن الأمر يتعلق بالمس الشخصي.

إذا فحصنا جيداً فسنكتشف أن هدف نظرية “الإسرائيليتين” هو حرب لا هوادة فيها ضد قيم الإنسانية العالمية، والقيم التي ولدت وطبقت بالأساس في الغرب، وأن الأشكناز، وتحديداً اليسار، متماهون معها. كل ذلك تحت غطاء الرد المضاد على ما فعله النظام الحاكم بالشرقيين (لنترك العرب للحظة) في بداية قيام الدولة. بالتأكيد هناك جانب مظلم في التاريخ والثقافة الغربية التي طورت نظريات العنصرية والقومية المتطرفة وأنتجت الإمبريالية والكولونيالية. ولكن الغرب، في المقابل، جلب للعالم إضافة إلى الثورة الصناعية التي حولت حياتنا إلى أكثر راحة، تلك القيم التي يصعب بدونها تصور سلوكنا الآن: نظرية حقوق الاإسان، التي تعتبر جميع البشر متساوين في الحقوق بدون تمييز في الدين والعرق والجنس أو الأصل.

ثقافة الغرب جلبت للعالم معظم النظريات الثورية في مجال العلوم الإنسانية والمجتمع. كيف يمكن للإنسانية مواصلة السير إلى الأمام دون القاعدة التي وضعها الغرب؟

إن طموحات من قاموا بهندسة نظرية “الإسرائيليتين” هي القفزإالى الوراء، إلى عهد ما قبل الحداثة. اعتاد أنور السادات على تمجيد “المعايير الجيدة للقرية”. فقد أراد أن يمنح حقوقاً أكثر لـ “كبير العائلة” الذي يحظر إحراجه باسم الشرف. هذه النظرية التي جلبها الصحافي افيشاي بن حاييم: “أجزاء من النخبة نجحوا في تعذيب روحه (مناحيم بيغن) وتحطيمها وكسر قلبه”. استنتاج بن حاييم هو أنه يجب علينا إعطاء دعم أخلاقي لبنيامين نتنياهو إزاء “محاولة النخبة لكسره”. إن نظرية الإسرائيليتين لم تستهدف الدفاع عن الشرقيين، بل عن الفساد الحكومي وإظهار الحوار العام فيها، حتى لو كان فيه نواة للحقيقة بالنسبة لقمع أبناء الطوائف الشرقية فإنها “كلمة حق يراد بها باطل”، مثلما قال الخليفة علي بن أبي طالب.

بشكل عام، إذا كان هذا ما يحدد الأخلاق الشرقية – التي تقول بعدم ملاحقة نتنياهو؟ لا! هذه أخلاق الديكتاتورات، يتحدثون عن الخليفة عمر بن الخطاب (الذي اشتهر كمنارة للعدل) بأنه قال: “من رأى فيّ اعوجاجاً فليقومه”، فهب شخص قائلاً: “والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا”. فأجابه الخليفة عمر: “الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم عمر بسيفه”. أجل، لا يمكننا تنظيف الإسطبلات إلا بمن يثورون على الحكام الفاسدين والمتهمين بالفساد. هذا ما يحدث الآن في بلفور. الأشخاص العاديون – أشكناز وشرقيون وعرب – ثاروا لتقويم الأعوج.

في نهاية المطاف، أتساءل: لماذا أدخل رأسي في نزاعات إسرائيل الأولى وإسرائيل الثانية، في الوقت الذي أعلق فيه في إسرائيل العاشرة؟ وبهذا أجيب لنفسي: “إذا كانوا يصادرون أراضينا ويميزون ضدنا، فعلى الأقل ألا يفرضوا علينا معايير العالم الثالث”.