معاريف: كيف تنظر إسرائيل إلى الساحة الفلسطينية بعد رحيل “خبير الانتظار” أبو مازن؟

الجمعة 18 سبتمبر 2020 06:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: كيف تنظر إسرائيل إلى الساحة الفلسطينية بعد رحيل “خبير الانتظار” أبو مازن؟



القدس المحتلة / سما /

معاريف - بقلم: آفي يسسخروف "في 13 أيلول 1993 وقف في ساحة البيت الأبيض الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، ورئيس وزراء إسرائيل إسحق رابين، للتوقيع على “اتفاق المبادئ”، وهو اتفاق أوسلو. 23 سنة ويومان فصلت بين الاحتفال إياه والاحتفال الذي الثلاثاء الماضي. غير أن مندوبي الفلسطينيين قد غابوا هذه المرة."

بعد بضع دقائق من بدء الاحتفال، “اقتحم البث” رجال الجهاد الإسلامي بإطلاق صلية من الصواريخ نحو عسقلان وأسدود. وكانت هذه خطوة شبه كلاسيكية من الجهاد الذي قرر، بإلهام من إيران على ما يبدو، هدم احتفال السلام وإعطاء تذكير أليم للجميع لأمرين مركزيين:

1* لن تسمح إيران بمسيرة التقارب بين الدول السنية وإسرائيل أن تجري على مياه هادئة.

2* اتفاقات التطبيع أمر جميل، هذا جيد ورائع، ولكن مع تحفظ واضح: لا تزال المشكلة الفلسطينية قائمة وتركل.

وبالفعل، دون صلة بنار الصواريخ، أو مع، يخيل أن الاحتفال كاد ينجح في تجسيد حجم دحرجة المسألة الفلسطينية عن جدول الأعمال العربي. يبدو أن السلطة الفلسطينية ومعها ممثلوها السياسيون – م.ت.ف و”فتح” أساساً، هم الآن في نقطة الدرك الأسفل أكثر من أي وقت كان. في واقع الأمر، لا يوجد لفتح/السلطة ما يعرضونه للجمهور الفلسطيني؛ فلا مفاوضات، والمستوطنات تتسع وتنمو، والأفق السياسي غائب، والوضع الاقتصادي صعب، وكورونا يضرب الضفة، والانقسام بين فتح وحماس بقي على حاله. والأسوأ – أن الفلسطينيين دحروا إلى زاوية الشرق الأوسط، وفقدوا العصا/الجزرة الأخيرة التي كانوا يعرضونها على إسرائيل (العلاقات مع الدول العربية).

لم يعد الرئيس الفلسطيني ذا صلة. صحيح أنه لا يصطدم بمعارضة شديدة من الداخل هذه الأيام، ولكن الجمهور، مثل السياسيين بل والمسلحين، الكل يفهم أن ولاية محمود عباس طالما استمرت فلن يتغير شيء ولن يتحرك.

السؤال هو: ما الذي يعتزم الفلسطينيون عمله الآن؟ في المرحلة الأولى، ليس لأبو مازن وحتى لحماس أي نية لإشعال اللهيب وخلق العنف. وعباس لا يؤمن بالتصعيد بأي شكل من الأشكال، وحماس منشغلة جداً الآن بكورونا وبتحسين الوضع في غزة، ولا توجد أي رغبة في جولة قتالية. صحيح أنهم تجاهلوا نار الجهاد التي جاءت لإحراجهم هم أيضاً، ولكن عرفوا كيف يوقفون التصعيد في مهده. في السلطة، نجد أن الميل السائد الآن لدى الرئيس ومقربيه هو الانتظار. أبو مازن، خبير في الانتظار، يرى في الأفق بعد أقل من شهرين انتخابات في الولايات المتحدة، وهو متفائل في الإجمال.

وحسب مصادر فلسطينية، ومن وجهة نظر أبو مازن، إذا فاز جو بايدن في الانتخابات، فسيطرأ تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. ولكن حتى لو انتخب ترامب، فسيلتزم للإمارات -في البداية- بألا يسمح بالضم؛ أي أنه ليس لديه الكثير مما يعرضه على إسرائيل على حساب الفلسطينيين. وثمة احتمال أن يكون ترامب في الولاية الثانية متحرراً أكثر من الحاجة إلى مراعاة جهات مثل قاعدة مؤيديه الإفنجيليين. وقد لا يتجرأ على خطوة دراماتيكية أكثر مع إسرائيل في المسألة الفلسطينية. الاحتمالية الأقل هي أن يتخذ ترامب في ولايته الثانية خطوات متصلبة أكثر ضد الفلسطينيين.

وهكذا، ينتظر أبو مازن أن يكون الزمن في صالح الفلسطينيين، ولكن من المشكوك فيه أن تكون هذه هي الصورة. فالزمن يعمل لغير صالح السلطة وعباس، بسبب وهن قبضته في الجمهور الفلسطيني. ومن غير المتوقع أن تندلع هناك انتفاضة ثالثة أو انقلاب قريب، ومع ذلك فإن كل خليفة له يتنافس في الانتخابات للرئاسة أو يعين رئيساً لـ م.ت.ف من شأنه أن يجد نفسه أمام طريق مسدود في كل ما يتعلق بالرأي العام. فالجمهور مل السلطة ورئيسها، بينما حماس تعد كمن تنجح في ابتزاز الإنجازات من إسرائيل بالتهديد. وبالفعل، فإن السؤال الأكبر هو: ما الذي سيحصل في اليوم التالي.. هل سنشهد انفجاراً عنيفاً أم ربما انتخابات حقيقية للرئاسة الفلسطينية؟

حسب السيناريو الذي تحدث عنه محللون فلسطينيون مختلفون، فإن الانتخابات ستجرى بالفعل. سيوافق الفلسطينيون على عقد الانتخابات دون شرقي القدس. أما سيناريو عرقلة “فتح” للانتخابات يبقى قائماً، ولكن معناه هو ألا يحظى أي زعيم فلسطيني بثقة الجمهور، وقد يخرج الشارع ضده. وفي حالة انتخابات حقيقية للرئاسة (الأولى منذ 2005) فإن معظم الاحتمالات الآن تشير إلى انتصار مرشح من حماس. ليس رجل حماس، بل شخصية عنها. فتح منقسمة ومتنازعة، ولا يبدو أن يكون هناك مرشح واحد للرئاسة عن الحركة. يصر مروان البرغوثي ورجاله على المنافسة في انتخابات الرئاسة، ويتنازع باقي المسؤولين فيما بينهم ولا يتوصلون إلى توافق: جبريل الرجوب، وماجد فرج، ومحمود العالول. هذا الانقسام بين أصوات “فتح” سيشق الطريق لانتصار مرشح عن حماس.

الاسم الذي يذكر مرة أخرى كمتصدر لهذه البورصة هو سلام فياض، رئيس الوزراء الأسبق الذي يحظى بصورة بريئة من الفساد. هل هذا ما سيحصل حقاً؟ وكيف ستتصرف إسرائيل في مثل هذه الحالة؟ من الصعب أن نقول. المؤكد هو أن الساحة الفلسطينية حتى بعد “الانتصار” الإسرائيلي الكبير، هشة ومهزوزة أكثر من أي وقت مضى، والأمر بعيد عن أن يخدم مصالح دولة إسرائيل.