وصف كاتب إسرائيلي الانسحاب من قطاع غزة، قبل 15 عاما، بالحدث المروع الناجم عن "القرار الفاسد للحكومة الإسرائيلية آنذاك".
وقال الكاتب الإسرائيلي نداف هعتسني، إن "الإسرائيليين يحيون هذه الأيام الذكرى السنوية الخامسة عشرة للكارثة المعروفة باسم "فك الارتباط" عن غزة، رغم أنهم يحاولون أن ينسوها، دون جدوى، لأنهم كانوا أمام أحداث مروعة؛ بسبب القرار الفاسد والغبي الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية آنذاك، بجانب القمع الوحشي للمتظاهرين اليهود، والنتائج المدمرة لذلك".
وأضاف في مقاله على صحيفة معاريف، ترجمته "عربي21"، أن "رئيس الحكومة الراحل أريئيل شارون اتخذ قرارا ظالما من خلال لجوئه إلى منطق ملتوي تخلله الهروب من غزة، وترحيل المستوطنين، وكأنهم غير موجودين في قطاع غزة، وللأسف فبعد مرور كل هذه السنوات على الانسحاب من غزة ما زال بعض الإسرائيليين المدافعين عن هذه الخطة يعتقدون "بوقاحة" أن ذاكرتنا الجماعية قد محيت".
وأوضح أن "أحد هؤلاء هو الوزير السابق حاييم رامون، الذي يحاول إقناعنا بأن غزة كانت جحيما، وأن خطة الانسحاب أزالت من أمام إسرائيل جزءا كبيرا من التهديد الديمغرافي الذي مثلته غزة، بجانب ما روجه شارون في حينه من أن فك الارتباط عن غزة سيقوي إسرائيل، ويقلل من العداء لها، ويفكك المقاطعة والحصار عنها، وعسقلان والتجمعات الاستيطانية الأخرى لن تصبح خط المواجهة مع الفلسطينيين".
وأشار هعتسني، خبير شؤون الاستيطان والأديان، وهو كاتب رأي دائم وذو نزعة يمينية، إلى أن "مدافعة أخرى عن ذلك الانسحاب، وهي تسيبي ليفني، سوقت خطتها هذه بالقول إنها ستمنع سقوط الصواريخ على بئر السبع وأسدود وعسقلان، بزعم أن الحدود مع لبنان بقيت هادئة منذ رحيلنا عنه، وليس هناك صواريخ في الشمال، ونفس الشيء سيحققه فك الارتباط عن غزة، بل إن الانسحاب حتى آخر متر سينهي الصراع مع غزة".
وأكد أن "مروجي خطة الانسحاب زعموا في حينه أنه بدلا من المستوطنات اليهودية في القطاع، ستنمو الحقول والمؤسسات الاقتصادية، وتصبح غزة سنغافورة الشرق الأوسط، وإذا تجرأ أي فلسطيني على إطلاق القذائف على الإسرائيليين، فسوف يتم قصفهم بالمدافع، وسيبرر لنا العالم كله هذا السلوك".
واستدرك بالقول إن "كل التقييمات الإسرائيلية المتشائمة من ذلك الانسحاب تحققت، بل أكثر من ذلك بكثير، فقد نشأ أمامنا كيان عدواني مسلح على حدودنا، وثلاث حروب صغيرة وقعت في السنوات الماضية، في حين أن الأنفاق والصواريخ والتهديدات مستمرة، وبعد مرور أول عقد منذ الانسحاب من غزة، تم إطلاق صواريخ القسام وقذائف الهاون بمعدل أربعة أضعاف في المتوسط كل عام، مقارنة بالسنة التي سبقت الانسحاب".
وأضاف أن "وسط إسرائيل في منطقة غوش دان منذ الانسحاب من غزة باتت تتعرض لتهديد صاروخي متزايد، حتى أن الجنوب كله بات يعيش تحت كابوس مستمر، ونجحت المنظمات الفلسطينية في إقامة توازن رعب أمامنا، وتحولت مستوطنات وحقول غوش قطيف المزدهرة إلى معسكرات وأنفاق".
وأوضح أنه "بعد كل دفع هذه الأثمان، لكن أحدا من المسؤولين الإسرائيليين عن هذا الخطأ الفادح لم يدفع أي ثمن، بسبب خداعنا وقمعنا، ونزع الشرعية عن مستوطني غزة، حتى الآن، لم يتم تشكيل لجنة تحقيق واحدة لفحص الفشل واستخلاص النتائج، بل إن مروجي خطة الانسحاب يجرؤون على إظهار وجوههم للجمهور، ويعلنون اعتزازهم بالكارثة التي حلت، ولذلك قد يكون محكوم علينا نحن الإسرائيليين بكوارث أخرى في المستقبل".