أسقطت طائرة أميركية من طراز "بي-29" أول قنبلة ذرية في التاريخ على هيروشيما في غرب اليابان. وبعد ثلاثة أيام، تكرر الكابوس نفسه في ناغاساكي في جنوب غرب البلاد.
فيما يلي الآثار المدمرة لهاتين القنبلتين النوويتين، اللتين لم يستخدم سواهما حتى الآن في زمن الحرب، وأسفرتا عن مقتل 140 ألف شخص في هيروشيما و 74 ألفاً في ناغاساكي بين آب/أغسطس ونهاية عام 1945.
كان أول ما لاحظه سكان هيروشيما في صباح يوم 6 آب/أغسطس 1945 هو "كرة نار كبيرة"، على حد تعبير اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
كانت تلك القنبلة"أي" أو "الولد الصغير"، التي انفجرت على ارتفاع 600 متر فوق هيروشيما بقوة تعادل قوة 15 ألف طن من مادة "تي إن تي".
أما القنبلة التي سقطت على ناغاساكي، والتي تدعى "الرجل السمين"، كانت أشدّ حدّةً بقوة تعادل 21 ألف طن من مادة "تي إن تي".
ووصلت بحسب التقديرات درجة الحرارة في مركز سقوط القنبلة في هيروشيما إلى نحو 7 آلاف درجة. وتسببت هذه الحرارة العالية بحروق خطيرة للسكان، كانت أغلبها قاتلة ضمن دائرة يبلغ شعاعها نحو 3 كيلومترات.
وتسبب وميض الانفجارات في حدوث فقدان مؤقت للبصر وتلف بالعين لا يمكن معالجته، وفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر.
كما أدى الإشعاع الحراري الذي أعقب الانفجارات خلال جزء من الثانية إلى اندلاع العديد من الحرائق، أتت على كل شيء ضمن مساحة عدة كيلومترات مربعة في هيروشيما وناغاساكي، حيث كانت معظم المباني مصنوعة من الخشب حينها.
يُعتقد أن الحروق والحرائق تسببت في أكثر من نصف الوفيات الفورية في هيروشيما.
قتل العديد من الأشخاص أو أصيبوا بجروح خطيرة بسبب الحطام المتطاير، فيما قضى آخرون بسبب انهيار المباني أو نتيجة لطرحهم في الهواء.
وأدت الانفجارات الذرية إلى إطلاق إشعاعات ضارة على المديين القصير والطويل، حيث أصاب "المرض الناجم عن الإشعاع" العديد ممن نجوا من الدمار في هيروشيما وناغاساكي.
وقد أدت متلازمات "الإشعاع الحاد" - القيء والصداع والإسهال والنزيف وتساقط الشعر - إلى وفاة البعض في غضون أسابيع أو شهور.
وبقي "الهيباكوشا" (الناجون من القنبلة باللغة اليابانية) لبقية حياتهم معرضين بشدة للإصابة ببعض أنواع السرطان.
من بين حوالى 50 ألف شخص تعرضوا للإشعاع في المدينتين، وتمت متابعة حالتهم من قبل منظمة الأبحاث الأميركية اليابانية (مؤسسة أبحاث التأثيرات الإشعاعية)، توفي حوالى 100 شخص بسبب اللوكيميا و 850 منهم بسبب أنواع أخرى من السرطان مرتبطة بالإشعاعات.
كانت هيروشيما وناغاساكي الضربة القاضية لليابان التي استسلمت في 15 آب/أغسطس 1945 ، وانهت بذلك الحرب العالمية الثانية.
لكن المؤرخين لا يزالون يناقشون ما إذا كان هذا الهجوم النووي المزدوج قد أنقذ بالفعل المزيد من الأرواح عبر التعجيل بإنهاء النزاع.
وصاحبت المحنة الجسدية والنفسية حياة العديد من الهيباكوشا. والتزم الكثيرون الصمت حيال آلامهم وعانوا من التمييز، لا سيما في قضايا الزواج، لأن العديد من اليابانيين اعتقدوا خطأ على مدى عقود أن "مرض الإشعاع" وراثي لا بل معدي، وبالتالي تجنبوا مخالطة الهيباكوشا.
وبعد الحرب، أنشأت الحكومة اليابانية مكانة "الضحية الرسمية" للقنابل الذرية، حيث قدمت لهم الرعاية الطبية المجانية. لكن هذا الحق مُنح ضمن شروط تقييدية ولم يشمل آلاف الضحايا.
أصبح العديد من الهيباكوشا نشطاء متحمسين من أجل السلام ومناهضة الأسلحة النووية، وجابوا العالم للحديث عن تجربتهم.
في العام الماضي، زار البابا فرانسيس هيروشيما وناغاساكي ليقول "لا" للأسلحة الذرية.
في عام 2016 ، كان باراك أوباما أول رئيس أميركي لا يزال يشغل منصبه يزور هيروشيما. ودعا كذلك إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، دون أن يعتذر نيابة عن الولايات المتحدة عن مأساة اليابان في آب/أغسطس 1945.