نفى حزب الله اللبناني قيام عناصره بأيّ عملية ضد إسرائيل، الإثنين الماضي. ومع ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي رسميًا ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، بيني غانتس، اجتياز "خلية لحزب الله" الحدود مئات الأمتار والوصول إلى قرب ثكنة عسكريّة، إلا أن الجيش الإسرائيلي "فضّل عدم قتلهم".
هذا التضارب في الروايتين، وجد صداه إعلاميًا وشعبيًا في إسرائيل منذ الإثنين الماضي، وبقي السؤال الأبرز: لماذا لم يقتل الجيش الإسرائيلي أفراد الخليّة؟ خصوصًا أنّ الأنباء الأوليّة أشارت إلى مقتل العناصر جميعًا.
الرواية الإسرائيليّة: ما الذي فعلته الخليّة؟
بحسب ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيليّة، فإنّ الخلية اجتازت الحدود الإسرائيليّة في مزارع شبعا المحتلة، ودخلت إلى العمق مسافة 200 متر، ووصلت إلى مسافة أمتار عن ثكنة "غَلديولا" العسكريّة.
والخليّة، وفق "هآرتس"، مكوّنة من 3-4 أفراد، وكانوا مسلّحين، بينما كتب المراسل العسكري لـ"معاريف"، طال ليف رام، اليوم، الجمعة، إنها مكوّنة من 4 أفراد على الأقلّ، "ولمدّة نصف يوم، تحرّك العناصر بشكل عمليّاتي في الوادي قرب ثكنة غَلديولا، وعلى ما يبدو، خطّطوا لقتل جنود الجيش الإسرائيلي فيها... تحرّكوا تحت أشعة شمس نهاية تموز/يوليو الحارة في غابة من النباتات وبحركة بطيئة جدًا. من تواجد هناك يعرف أنّ هذه مهمّة غير بسيطة. المقطع الأخير من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي الإسرائيليّة عبارة عن تلّة شديدة الانحدار تمتدّ على مئات الأمتار" بحسب ليف رام، الذي أضاف أن أفراد الخليّة صعدوا الوادي المكنّى إسرائيليًا بـ"وادي الزبل" بطريقة تمتدّ إلى ساعات.
وشكّك صحافيون عسكريّون أن تكون الخليّة تحرّكت بناءً على تعليمات رسميّة من حزب الله، إنما بناءً "على مبادرة فرديّة من عناصرها"، نظرًا لغياب الغطاء عن الخليّة داخل الأراضي اللبنانيّة، بينما ذكر المراسل العسكري للقناة 13، ألون بن دافيد، أن "الخلية جاءت من بيروت".
ولفتت وسائل الإعلام الإسرائيليّة أن قرار "عدم قتل الخليّة" صدر بالتنسيق الكامل بين نتنياهو وغانتس ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي. بينما ذكر بن دافيد أنّ نتنياهو ألغى زيارة كانت مقرّرة له إلى الشمال مع تحديد "أفراد الخليّة"، بينما دخل كوخافي إلى مقرّ عمليات قيادة الأركان.
وتخالف تعليمات قيادة الجيش الإسرائيلي بعدم قتل الخليّة، تعليمات سابقة بقتل كل مسلح يجتاز الحدود، بحسب "معاريف"، التي أضافت "لكن في هذه الحالة، المقاتلون تلقوا أمر إطلاق النار بالقرب من عناصر الخليّة، عبر القناصة و3 قذائف مدفعية ونيران من قبل طائرة مسيّرة.
وبحسب بن دافيد لم يحاول عناصر الخليّة إطلاق النار ردًا على إطلاق النار الإسرائيليّة، "وبدأوا بالعودة إلى الأراضي اللبنانية عبر المنحدر الصعب حيث كانت في انتظارهم السيارة التي أقلّتهم من بيروت".
"الأولويّة لاستمرار العمليات في سورية"
وأثار قرار الجيش الإسرائيلي انتقادات، ليس في وسائل الإعلام فقط، إنما داخل الجيش الإسرائيلي نفسه، فكتب ليف رام "كانت هناك حاجة لشرح القرار داخل الجيش، لأنه مخالف للقيم التي يتعلّمها الضباط الميدانيّون. دون شرح عميق وعرض الصورة كاملة لكان هنا كثيرون لم يفهموا".
وشرح ليف رام تفاصيل القرار الإسرائيلي، قائلا إنه "لا يمكن فصل التعامل مع حزب الله في لبنان عن المعركة التي يديرها الجيش الإسرائيلي لمنع تموضع إيران وحزب الله في سورية وفي أماكن إضافية وبعيدة. هنا، لا مكان للادّعاء عن تآكل متزايد للردع الإسرائيلي أمام حزب الله، أمام العدوانية في استخدام القوة العسكرية ضد إيران وحزب الله" وأضاف أن عدم وقوع قتلى لحزب الله في سورية جراء الغارات الإسرائيليّة "ليس صدفة" لأنّ سقوط قتلى لحزب الله "من الممكن أن يشعل الجبهة اللبنانيّة بخلاف المصلحة الإسرائيليّة".
ورغم ذلك، حذّر محلّل الشؤون العسكريّة لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، من تأثير عكسي لامتناع إسرائيل عن قتل "خلية حزب الله"، قائلا إنها ستؤدي إلى تآكل الردع أمام حزب الله مع الزمن.
ورجّح هرئيل أن قتل "أفراد خلية حزب الله" كان سيؤدّي إلى قتال بالأسلحة الثقيلة ليوم أو يومين، بين إسرائيل وحزب الله.
اقرأ/ي أيضًا | كوخافي: حزب الله سيهاجم ثانية ولم نستهدف خليته منعا للتصعيد
وأجمع المحللون الإسرائيليّون إلى أنّ بيان حزب الله حول نفي وقوع أي عملية كان مخالفًا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، الذي اعتقد أن الامتناع عن القتل "سيشكّل سلّما ينزل عنه حزب الله في ضوء معادلته الردّ على مقتل أي عنصر له في أي مكان عبر الحدود اللبنانيّة".