(خُد من عمرى/ عمرى كله / إلا ثواني/ أشوفك فيها ) واحدة من إبداعات الشاعر والكاتب الكبير، مأمون الشناوي .. القصد الصلح بعد الخصام والوفاق بعد الفراق ، فهل هناك لقاء ؟ ممكن .. هل هناك اتفاق حقيقي ؟ ربما .. ولكن بلاش تفرح في اللي راح إلا لما تشوف اللي جاي ؟ فالمدهشات في بلادنا متعدد ، والغرائب عندنا كثير . هنا تذكرنا كلمات العم على حين قال : الدجل ليس مجاله عالم الجن والعفاريت فقط. الدجل يعرف طريقه إلى كل المهن هناك الصنايعى الدجال والكاتب الدجال والمثقف الدجال والفنان الدجال والسياسي الدجال.
وقلنا في مقال سابق : ان أسوأ الأمور في الدنيا هي تلك التي لا لزوم لها.. طوالَ الأعوام التي قضيناها بعد الانقسام المدمر ، وأنا أنتظرُ معجزةً ما. أعلمُ أن زمن المعجزات قد ولّى، ولكنني كنتُ أنتظر ، ولم يحدث شيء في الغالب ، باستثناء إضاعة الوقت ، فالحقيقة واضحة على الأرض وهى التسلية. نحن نشهد الآن أعظم حركة تسلية إعلامية في التاريخ، ولأن البشر أذكياء أو بعضهم على الأقل، لذلك سنرى هذا البعض قام بتحويل إضاعة الوقت إلى بضاعة مربحة له و لحزبه .
ويستمر في العزف على مزماره القديم ، و لا أمل في إسكات هذه الألحان، فكل هؤلاء الذين يغنونها أقوياء، بل نجحوا في تصوير أنفسهم بوصفهم ممثلين لإرادة الشعب ؛ وهذه النوتة الموسيقية لن تتغير إلا بعد كارثة تكشف لهم أن ألحانهم وأغانيهم تجلب الخراب علينا جميعا.
طيب.. والقضية والشعب ؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان ينشغل به السادة اصحاب اللحن القديم .. وعموما الموقف لا يدعو لليأس ، فمن حقهم دخول امتحان الدور الثاني في نهاية المائة عام القادمة .. اذا كنا مازلنا على قيد الحياة ،لربما نكتشف خسارتنا الرهيبة .
فعندما تتخذ هدفًا خاصًا بك وحدك ، تضيع كل الأهداف. وبغير الوحدة الوطنية .. و وحدة القرار السياسي ، تتولد مشكلة حقيقية. إنها نفس المشكلة التي تتفجر في مركب لها قبطانان ، فلا تجعلنا نركز على أحوالنا المزرية .. بلادنا محتلة وسيادتنا منتهكة ونحن نعاني من اثار الانقسام المدمر، يعني باختصار حالنا لا يسر عدو ولا حبيب.
فلا تضيعوا وقتكم في خلافات ، لها تأثير مدمر على قضية ومستقبل شعب ولا تهرب من حل مشاكلك بالشعارات السياسية ، التي لا تستند الى منطق ولا رأي سياسي ، فالرأي السياسي إذا لم يكن محصلة قراءة تاريخية واعية ، وفهم للنظريات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والأدبية ..وعمل مقارنات ذهنية دائمة للواقع بناء على وعي بالتاريخ ، فسيكون الأمر مجرد انطباعات سياسية محكومة بالهوى الحزبي والانفعال والعاطفة مهما كانت درجة الإنسان العلمية ومكانته الاجتماعية او الحزبية. أيها السادة لا داعى لتسليتنا أكثر من ذلك.