أصدت نقابة المحامين اليوم السبت، بياناً "مهماً" بشأن تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي.
وقالت النقابة في بيان لها: إن ما قام به مجلس القضاء الأعلى الانتقالي من إدارة الظهر إلى الشركاء في قطاع العدالة والاستفراد في أداء المهام الانتقالية دون خطة واضحة معلنة للجميع يستوجب إعادة النظر في كل ما تمّ من إجراءات تجاوزت دور نقابة المحامين، واقتصرت على الغرف المغلقة، مما أدى إلى انهيار كامل لمنظومة العدالة.
وشددت النقابة على أن الإحالات للتقاعد التي تمت في عهد "الانتقالي" أدت إلى نقص كبير في عدد القضاة بالمحكمة العليا وهو ما يتناقض مع تصريحات رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي بوجود نقص في عدد القضاة ما أدى بالنتيجة إلى التأثير السلبي على مخرجات العملية القضائية وقدرة المحاكم على الفصل في الدعاوي في أجل معقول.
وأوضحت أن استمرا الاعتقال والتوقيف على خلفية ممارسة الحقوق والحريات العامة انما يهدد مستقبل بناء دولة ديمقراطية تحترم الحقوق والحريات، وتقوم على مبدأ سيادة القانون، وإن التوقيف على خلفية ممارسة الحقوق والحريات العامة وحرية الرأي والتعبير بشكل خاص يدلل على تراجع دور القضاء في حماية هذه الحقوق والحريات في فترة عمل المجلس الانتقالي، الامر الذي ترى معه نقابة المحامين وجوب الافراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية ممارسة حقوقهم الدستورية سواء بالضفة الغربية او في غزة.
وفيما يلي نص بيان نقابة المحاميين الفلسطينيين:
منذ صدور القرار بقانون رقم 17 لسنة 2019 بشأن تشكيل مجلس قضاء اعلى انتقالي وبعد أن أدى رئيس المجلس الانتقالي اليمين القانونية أمام فخامة الرئيس بدأت عملية الاصلاح المنشودة التي كانت نقابة المحامين قد وضعت أسساً للرقابة عليها حتى لا تتحول إلى عملية تصفية حسابات، وأن تؤدي نتائجها المرجوة بعيدا عن الشخصنة والتخبط والفوضى.
وأمام ما تتحمل النقابة من عبء حماية منظومة العدالة على أساس النهج التشاركي بين كافة مكونات قطاع العدالة، راقبت النقابة ما ستؤول اليه عملية الاصلاح من خلال المجلس الانتقالي بصورة محايدة، وحتى لا يقال أنّ نقابة المحامين وقفت في مواجهة جهود الانتقالي الاصلاحية كما أراد البعض أن يقتنص ذلك لتبرير فشله، وانتظرت خطة واضحة تشاركية على أساس منهجي وعلمي سليم، إلا أنّ ما بدى فقط من عمل مجلس القضاء الأعلى الانتقالي مجرد تصريحات إعلامية لرئيسه نالت من كرامة المحامين والقضاة على حدّ سواء، ومست من هيبة قطاع العدالة برمته، وعلى طوال عام كامل من تباشير الاصلاح المزعوم، لم تشهد العملية القضائية سوى مزيد من التردي والانهيار، وما رافق هذا الانهيار من زعزعة ثقة الجمهور الفلسطيني بأهم مؤسسات معمدة بتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى ألا وهي مؤسسة القضاء.
وحيث التزمت النقابة بموقف المراقب للتحولات على المشهد القضائي، إلا أن النقابة ومن منطلق واجبها المهني والاخلاقي والحقوقي بوصفها حارسة الحريات، باتت ترى أنّ الاجراءات والتصريحات التي اتخذها وأطلقها رئيس الانتقالي وما شابها من تناقض، وما تلا هذه الاجراءات والتصريحات من النيل من مكانة القضاة والقضاء والمحامين، ومن مساس بحسن سير العملية القضائية، والتأثير المباشر على قدرة القضاء على التمتع بالاستقلال في الفصل بالمنازعات، فإن النقابة تؤكد على مايلي:
1- إنّ ما قام به مجلس القضاء الأعلى الانتقالي من إدارة الظهر إلى الشركاء في قطاع العدالة والاستفراد في أداء المهام الانتقالية دون خطة واضحة معلنة للجميع يستوجب إعادة النظر في كل ما تمّ من إجراءات تجاوزت دور نقابة المحامين، واقتصرت على الغرف المغلقة، مما أدى إلى انهيار كامل لمنظومة العدالة، بما يثبت على وجه اليقين الفشل الذريع في تحقيق متطلبات الاصلاح، وعجز هذا المجلس عن القيام بأية جهود إصلاحية، بما يستوجب الالتفات عن ادعاءات اعداد خطة الاصلاح التي لا تهدف الا لكسب المزيد من الوقت او لتبرير الاخفاقات المتتالية.
2- إن الإحالات للتقاعد التي تمت في عهد الانتقالي أدت إلى نقص كبير في عدد القضاة بالمحكمة العليا وهو ما يتناقض مع تصريحات رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي بوجود نقص في عدد القضاة ما أدى بالنتيجة إلى التأثير السلبي على مخرجات العملية القضائية وقدرة المحاكم على الفصل في الدعاوي في أجل معقول.
3- إن بدعة انتداب عشرة قضاة إلى العمل في دوائر الدولة انما تشكل في جوهرها ليّ مفضوح لعنق نصوص قانون السلطة القضائية، وتهاتر لا يليق بمكانة القائمين على تطبيق القانون ومن يؤتمنون على حسن تطبيقه، لأنها تشكل عقوبة ، وجاءت كما هو واضح للعيان لتصفية حسابات شخصية بطلب من جهات نافذة من خارج القضاء وتولت ادارة القضاء سابقا، خاصة وان قرار الندب جاء قبل التمديد للمجلس الانتقالي بأيام معدودة، ، الأمر الذي يشكل مثلبة في تاريخ القضاء الفلسطيني يجب محاسبة كل من ساهم في اقترافها بحق نخبة من القضاة، وهو ما قد يتبعه انتداب آخرين من السادة القضاة، سعيا وراء نزوة، أو تحقيقاً لانتقام.
4- إن عمل مجلس القضاء الأعلى الانتقالي جاء خالياً من أية معايير للتقييم السليم للسادة القضاة، ولم يعلن مجلس القضاء عن أي معايير لتقييم القضاة أو معايير للتأهيل والتدريب، ولم يتناول بالنقاش حتى في أدنى مستوياته مع نقابة المحامين الإشكالات التي تعرقل أداء السلطة القضائية، وعلى العكس من ذلك، جنح رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي لاستخدام الاصلاح لمعاقبة القضاة المخالفين الذين انتقدوا أداءه، وهو ما انعكس سلباً على أداء العديد من السادة القضاة وقدرتهم على المساهمة في جهود الاصلاح، وأدى إلى مزيد من التوطين للاختلالات التي تعتري أداء السلطة القضائية، مما ساهم في زيادة إشكالات عمل المحامين أمام الهيئات القضائية.
5- إنّ عملية الاصلاح التي كلّف بها مجلس القضاء الأعلى الانتقالي لم تأت على أية مسائل جوهرية تتصل بعمل القضاء، أو بنيته المؤسساتية والبشرية، بل تم اختزالها من قبله في ملاحقة تدوينات القضاة على وسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي كان ينبغي عليه أن يتشاور مع كافة المؤسسات الحقوقية المعنية وعلى رأسها نقابة المحامين في أولويات الإصلاح القضائي ما أدى حقيقة إلى اختزال عملية الإصلاح القضائي طوال عام كامل بإصدار مدونة سلوك قضائي جديدة أضافت قيوداً على حرية القضاة في إبداء الرأي خلافاً لما قضى به مجلس تأديب القضاة بالخصوص وخلافا للقانون الاساسي والمعايير الدولية، اضافة الى المحاولات المتكررة لتعديل قانون السلطة القضائية بشكل مخالف للقانون الاساسي، والتفرد باقتراح تعديلات على التشريعات القضائية، وهو ما حرم نقابة المحامين من تقديم أولويات العملية الإصلاحية القضائية المنشودة بنهج تشاركي مدروس، وبعيدا عن منطق ترهيب القضاة وتهميش نقابة المحامين، ذلك أن مصلحة قطاع العدالة تتطلب التركيز على بناء شخصية القاضي القادر على إصدار قرارته دون ترهيب وترغيب، وما يعانيه المحامون والمواطنون الآن في مسائل تمديد التوقيف وإخلاء السبيل ما هو إلا نتيجة لغياب ذلك.
٦.ان استمرا الاعتقال والتوقيف على خلفية ممارسة الحقوق والحريات العامة انما يهدد مستقبل بناء دولة ديمقراطية تحترم الحقوق والحريات، وتقوم على مبدأ سيادة القانون، وإن التوقيف على خلفية ممارسة الحقوق والحريات العامة وحرية الرأي والتعبير بشكل خاص يدلل على تراجع دور القضاء في حماية هذه الحقوق والحريات في فترة عمل المجلس الانتقالي، الامر الذي ترى معه نقابة المحامين وجوب الافراج الفوري عن كافة المعتقلين على خلفية ممارسة حقوقهم الدستورية سواء بالضفة الغربية او في غزة.
٧. تجدد نقابة المحامين رفضها تعديل قانون السلطة القضائية باعتباره قانونا نموذجيا يحقق استقلال القضاء الفردي والمؤسسي، كما تجدد رفضها اجراء اية تعديلات على القوانين ذات العلاقة بالشأن القضائي دون اخضاعها لنقاش مجتمعي واسع وبمشاركة نقابة المحامين ووفقا للأسس الدستورية، ونجدد رفض نقابة المحامين لأية تعديلات على رسوم المحاكم النظامية المعمول بها بسبب ما سينتج عن ذلك من آثار سلبية اقتصادية واجتماعية على المتقاضين والمحامين، وما يترتب على ذلك من مساس حقيقي بحق التقاضي كحق دستوري.
إن نقابة المحامين وهي ترى ان في تعزيز ثقة المواطن الفلسطيني بقضائه تشكل مصلحة وطنية عليا للشعب الفلسطيني بشكل عام، ولنقابة المحامين بشكل خاص، ونظراً لما آل إليه حال القضاء الفلسطيني من تردٍ غير مسبوق، ومن تراجع خطير في قدرته على إقامة العدل نتيجة التخبط والفوضى في إدارة مرفق القضاء من قبل المجلس الانتقالي، وحفاظاً على حقوق المواطنين وحرياتهم، ومن أجل وقف هدم أركان منظومة العدالة التي ستحتاج إلى سنوات لإعادة بنائها وترميمها، فإنّ نقابة المحامين تجدد مطالبها السابقة بضرورة الاسراع في حل مجلس القضاء الأعلى الانتقالي والعودة إلى مجلس القضاء الأعلى الطبيعي وفقاً لقانون السلطة القضائية لسنة2002 دون اي تعديل عليه، حتى لا يصار إلى اتخاذ إجراءاتنا النقابية في القريب انتصاراً لمنظومة العدالة وحفاظاً على مكتسبات شعبنا في قضاء مستقل وفاعل ونزيه