رسالة مفتوحة إلى السيد بوريس جونسون..عبد الرحمن البيطار

الإثنين 13 يوليو 2020 10:51 ص / بتوقيت القدس +2GMT
رسالة مفتوحة إلى السيد بوريس جونسون..عبد الرحمن البيطار



السيد بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني المحترم،

١٠ دواننچ ستريت - لندن/ المملكة المتحدة

الموضوع: مقالك المنشور في «يديعوت أحرونوت» بتاريخ ١ تموز ٢٠٢٠

العزيز السيد جونسون،
في رسالتي هذه إلى حضرتكم، أُشير إلى مقالكم الذي نشرتموه في صحيفة «يديعوت أحرونوت» بتاريخ ١ تموز ٢٠٢٠ تَحْتَ عنوان «كمؤيد ومُعجَب بإسرائيل آمل ألا يَتِم الضَّم»، والذي حَثَثْتُم فيه إسرائيل على الإحجام عن المُضِي قُدُماً في خطة الضَّم لأراض في الضِّفة الغربية الفلسطينية المُحتلة، والذي تضمن أيضاً تحذيراً لإسرائيل بأنَّ خطوة من هذا القبيل سَتكون لها عواقب وخيمة عليها، بِما في ذلك احتمال تطبيق عقوبات، وإعمال للقانون الدولي، إن مَضَت إسرائيل بصورة رسمية في الالتزام بخُطّتها تِلكَ، ونقلها الى حيز التطبيق، ولا أُخفيكَ يا سيد جونسون بأن مقالكم هذا قد حَرّك في ذاكرتي ذكريات عن وعود والتزامات أعلنتها حكوماتكم المُتتابعة بخصوص القَضية الفلسطينية لَمْ يحظَ واحد منها بأنْ يَرى النور أبداً.
لاحظتُ يا سيد جونسون بأنَّ مقالكم يتضمن إشارات مُشجعة وتَستحق الثناء فعلاً، وعلى الأخص عِندما تعلنون بأن «الضَّم سيشكل خَرْقا للقانون الدولي»، وأنّه إِنْ حَصَل فإنَّ بريطانيا «لن تَعترف بالتغييرات في خطوط ١٩٦٧، باستثناء تِلكَ التي يَتفق عليها الطّرفان»، ولكن تجربة الفلسطينيين مع الوعود والتطمينات التي كانَتْ تقطعها الحكومات البريطانية المُتعاقبة، والتي لَمْ يتحقق أحدها على الإطلاق، هِيَ بالفعل مَريرة ومُحبِطة، وتجعلني أشك كثيراً بجدية التصريحات والتأكيدات والتحذيرات التي تضمنها مقالكم المُشار إليه أعلاه، وذلك في حال أقدمت إسرائيل على تطبيق خُطّة الضَّم، وتَحملني تِلكَ التجربة مع الوعود والالتزامات التي أعلنت حكومات بلدكم المُتعاقِبة، مُنذُ العام ١٩١٧، الاضطلاع بها تجاه الفلسطينيين والقضية الفلسطينية إلى الشَّك العميق بصدقيتها وجديتها، وأخصُّ بالذِّكر في هذا السياق تحذيركم في مقالكم المَذكور أو تهديدكم لإسرائيل بإعمال وتطبيق القانون الدولي بحقها في حال انتهاكها للحقوق الفلسطينية للفلسطينيين الذين يرزحون تَحْتَ الاحتلال الإسرائيلي منذ عَشرات السنوات.
تَمَظهر إخفاق حكوماتكم في الالتزام بما تُطلقه من تصريحات بحق الفِلسطينيين وقضيتهم على نحو فاضح في الفشل في الالتزام بما وَرَدَ في «تصريح بلفور» ذاته، الذي أسَّسَ لنكبة الفِلسطينيين من جهة، في الوَقت الذي تعتبره يا رئيس الوزراء مَدعاة لافتخاركم، لكونه ساهم في إقامة إسرائيل من جهة أُخرى. وفِي هذا السياق، ليَسمح لي رئيس الوزراء أن أُذَكِّره بتلك الفقرة من التصريح المشؤوم والذي التزمت فيه «حكومة صاحب الجلالة» البريطانية وعلى نحو جَلِيٍ وقاطع بأنّه «لَنْ يُؤتى بعَمَلٍ من شَأنه أنْ يَنتقِص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المُقيمة في فلسطين « – أي بحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون ما يُقارب ٩٠% من سُكّان فِلسطين في الوَقت الذي صَدَرَ فيه تصريح بلفور في العام ١٩١٧! – وذلك في سِياق التزامها في ذلك التصريح بأنها ستبذل أقصى جهودها لـ»إقامة وطن قومي لليهود» في بلدي فلسطين. ألا يتضح لكم يا سيد جونسون أنّه وفِي الوَقت الذي التزمت فيه حكومتكم بتطبيق كل ما وَرَدَ في تصريح بلفور فيما يتعلق باليهود، فقد تنصلت حكومتكم من تطبيق كل ما تعهدت به في التصريح ذاته فيما يتعلق بالفلسطينيين، سُكّان البِلاد الأصليين؟! أليس ذلك وحده، كافيا، السيد رئيس الوزراء، لأن يُثير لديَّ ولدى الفلسطينيين كل الشَّك في مَدى صِدْقِيّة ما تُصرحون به، وعلى الأخص عِندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين وقضيتهم؟!
إنّي أُثير هذه الشكوك، يا رئيس الوزراء، مع التأكيد بأنّي لا أعترف بأنَّ من حق حكومتكم، لا من ناحية سياسية ولا قانونية ولا أخلاقية، أنْ تُصْدِرَ تصريحاً، يُلْزِم بلدكم بإقامة وطن لليهود في بلد آخر، ليس بلدكم، هو بلدي فِلسطين، مع لَفْتي نَظَرَ رئيس الوزراء، مرة أُخرى، إلى أنَّ حكوماتكم المُتعاقبة منذ صدور تصريح بلفور في العام ١٩١٧ لَمْ تلتزم إحداها ولو مَرَّة تجاه الفلسطينيين بما التزمت به في التصريح ذاته لليَهود من التزامات بإقامة وطن قومي لهم في بلدي، دون موافقة شعبي او الاتفاق مَعه على الأقل. لقد التزمتم بأن إقامة وطن قومي لليهود في بلدي فِلسطين لَنْ يُؤدي الى إحداث أي انتقاص من الحُقوق المدنية والدينية للفلسطينيين، سُكّان البِلاد الأصليين؛ مسلمين ومسيحيين، وهذا لَمْ يَحصل أبدا، ولَم تقوموا بالوفاء بهذا الشق الأساسي من تصريح بلفور، على كل ما فيه من جور، على الإطلاق.
إنَّ ما فعلته الحكومات البريطانية في فِلسطين، يا رئيس الوزراء، مُنذُ صُدور تصريح بلفور في العام ١٩١٧، قد سَبَّبَ ولا يزال يَتَسبب في كل تِلكَ المظالم والعذابات التي لَحِقَت بشعب كامل، هو الشّعب الفلسطيني. إنَّ التزام الحكومات البريطانية المُتعاقبة في تَنفيذ الجُزء المتعلق باليهود وحسب، من تصريح بلفور، هو الذي أفضى إلى إقامة دَوْلة إسرائيل في بلدي فِلسطين، وأدى في الوَقت ذاته إلى اقتلاع نحو نِصْف مليون فلسطيني من مدنهم وقُراهم قبل انسحاب قوات بلدكم من فلسطين في ١٥ أيار ١٩٤٨، (ونحو ٣٠٠،٠٠٠ آخرين بعد انسحابها)، وذلك في إطار عَملية تَطهير عِرْقي صهيوني مُمَنْهَجة وبَشِعة، تمت أمام بصر سُلطات الانتداب البريطاني وسمعها في فِلسطين، ونفذتها منظمات صهيونية مسلحة كانت وَسَمتها حكومتكم في ذلك الوَقت بالإرهاب، وبحُضور قوات بلدكم الأمنية والعسكرية. ولا أعرف، لماذا مثل هذه الأفعال الشنيعة، تكون مَدْعاة لفخر شخص مثلكم يا رئيس الوزراء؟!
لقد قامَت دَوْلة إسرائيل، التي تفتخر بها يا رئيس الوزراء، فور طَرْد مِئات الآلاف من الفلسطينيين من مدنهم وقُراهم، بتدمير مئات القُرى الفلسطينية، وأجزاء كبيرة من أحياء المُدُن التي كانوا يسكنون فيها. وقاموا بتنفيذ هذا المخطط بهدف مَحو أي آثار للفلسطينيين، ولتراثها في بلادِهم، ولضمان عَدَم عودة اللاجئين الفِلسطينيين الذين طردتهم مُنظمات الإرهاب الصّهيونية المُسلحة الى دِيارهم في فِلسطين. لقد عَمِلَت إسرائيل، البلد الذي افتخرت في مقالك بارتباطك به، وكذلك فِي مساهمة حكومات بلدكم في إقامته في بلدي فِلسطين، كل ما في استطاعتها لتجعل من عودة اللاجئين الفِلسطينيين الى دِيارهم أمراً مستحيلاً، ولَم تفعل حُكومة بلادكم، ولا حكومات البلدان العُظمى، أي شيء لإعادة هؤلاء اللاجئين الى دِيارهم في فِلسطين، ولإعادة مُمتلكاتهم المسلوبة لهم، وعَطَّلَت في سِياق ذلك، وبمُساندة حكومتكم أو بصمتها، تَنفيذ قرارات الشّرعية الدولية والقانون الدولي المُتعلقة بحق الفلسطينيين المطرودين من بلادِهم، بالعودة إليها، وعطّلتْ كذلك تنفيذ كل القرارات التي تتعلق بقضيتهم. ليس هذا فحسب، يا رئيس الوزراء، بل إن دَوْلة إسرائيل، مَضَت في بناء المستعمرات السُّكانية لليهود فَقَط على أراضي الفِلسطينيين التي صادرتها منهم، أو بَسطتْ سيطرتها عليها بعد تهجيرهم مِنها وتدمير قراهم فيها، وهذا الحال هو حال كيبوتس «كفار هانسي»، والذي استهللت به مقالك في «يديعوت أحرونوت» بقولك:
«كانت تجربتي الحقيقية الأولى في إسرائيل عندما كنت في الـ18 من عمري، حين قضيت بضعة أسابيع كعامل مطبخ في كيبوتس (كفار هانسي). واحتمل رفاقي الكيبوتسيون مساهمتي في تغذيتهم. تركت الكيبوتس بإحساس من الارتباط العميق بدولة إسرائيل».
ولا أدرِي يا رئيس الوزراء إن كان بوريس جونسون، الشاب ذو الثمانية عَشر عاماً، كان سيقبل الإقامة في كيبوتس لو كان يعرف في ذلك الوَقت بأنَّ هذا الكيبوتس قد أُقيم على أنقاض قَرْية فلسطينية عَرَبية اسمها «منصورة الحيط»، والتي تم تدميرها من قِبَل مسلحي منظمات الإرهاب الصهيوني المُسلحة في ٦ و٧ شباط من العام ١٩٤٨، وتهجير سُكّانها الى سُورية ولبنان، عندما كانَتْ قوات بلدكم ما زالت في فِلسطين، ومُوكل لها مُهِمّة حِماية سُكّان فِلسطين، وأرواحهم وممتلكاتهم، وهؤلاء المسلحون الصهيونيون الذين طَرَدوا سُكّان قَرْية «منصورة الحيط»، هُم أنفسهم الذين وَسَمَتهم سُلطات الانتداب البريطاني بالإرهاب قبل انسحابها قواتها من فِلسطين في ١٥ أيار ١٩٤٨.
بَعد هذه المُقدمة يا رئيس الوزراء، هل تلومني إن ساورني الشَّك في صِدْقِيّة ما ذَكَرته والتزمتَ به في مقالك، من تحذير وتهديد لإسرائيل وبدعوتها بألا تَمضي في الضَّم... ثُمَّ ماذا عما قامَت بضَمِّه بالفعل (القُدْس وغيرها) قبل نشر مَقالِك!؟، وماذا عن كل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي ولقرارات الشّرعية الدولية التي تكفل حِماية المدنيين الفلسطينيين وحقوقهم وممتلكاتهم في الأراضي المُحتلة وعدم مصادرة مواردهم الطبيعية؟! ولماذا سُمِحَ وما يزال يُسمح لإسرائيل بأن تَمضي بمخططاتها المُنافية للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، وأمام ناظري بريطانيا ودوّل العالَم الكبرى والصغرى، والأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولا حِراك، لا من بلدكم ولا من باقي دُوَل العالَم تجاه كل ذلك ؟!
يا رئيس الوزراء، إن تحذيركم و/أو تهديدكم لإسرائيل، بإعمال القانون الدولي في حال مُضِيِّها قُدُماً بعملية الضَّم التي أعلنت حكومتها على المَلأ أنها مُلتزمة تجاه الإسرائيليين بتنفيذها، يَجعلني أتساءل: لماذا الاقتصار على التهديد في هذه الحالة فَقَط؟! وماذا عن كل انتهاكات إسرائيل لقرارات الشّرعية الدولية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعهود حُقوق الإنسان ...الخ؟!، لقد صَدَرَ القَرار ١٨١ في ٢٩ تِشرين الثاني ١٩٤٧، بتقسيم بلدي فِلسطين، وإقامة دولتين على أراضيها يَهودية وعربية فلسطينية، مع حُكْم دولي على مدينة القُدْس.
قامَت دَوْلة إسرائيل، يا رئيس الوزراء بالاستناد إلى هذا القَرار (وقد خصص لها القَرار 54% من مساحة فِلسطين)، وأوضحتْ حكومتها المؤقتة في إعلان إقامة دَوْلة إسرائيل بتاريخ ١٤ أيار ١٩٤٨ أنها تُقيمها ضِمن الحُدود وعلى الأراضي التي خَصَّصها لها هذا القَرار، لكنها مَضَت واحتلت في النِّصف الثاني من العام ١٩٤٨ نِصْف الأراضي المُخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية العَرَبية في القَرار ذاته، بالإضافة الى القُدْس الغربية والتي قَضى القَرار بوضعها مع القُدْس الشرقية تَحْتَ الحُكْم الدولي، فلماذا يَتِم تعطيل القانون الدولي، ويتوقف تطبيقه عندما يتعلق الأمر بدولة إسرائيل؟! لماذا على الفلسطينيين اللاجئين أن يتأبد وجودهم في مُخيمات اللاجئين (وهي مُخيمات بُؤس وشقاء أشبه بالغيتوات) التي أُقيمت لهم في الضِّفة الغربية وقِطاع غَزّة والأُردن وسورية ولبنان، ويُمنعون من العَوْدة الى دِيارهم في فِلسطين وهُم على بعد كيلومترات قَليلة مِنها، في حين يُسمَح لليهود من كل مكان في العالَم بالهجرة إليها وفق قانون العَوْدة اليَهودي؟!
لماذا يَتِم تفعيل قانون العَوْدة الإسرائيلي ويتعطل القَرار الأُممي ١٩٤ القاضي بعودة اللاجئين الفِلسطينيين، والذي صَدَرَ في كانون الأول من العام ١٩٤٨؟! لماذا ؟!
لقد قُبِلَت عُضوية إسرائيل في الأُمم المتحدة بموجب القَرار ٢٧٣ المتخذ في ١١ أيار ١٩٤٩، باشتراط تَنفيذ إسرائيل للقرارين ١٨١ و١٩٤، وقبول حُكومة إسرائيل هذا الشّرط، أي ضِمن حُدودها وعلى الأراضي التي خَصَّصها لها القَرار ١٨١!
إن حُكومة دولتكم، وجميع الدُّوَل التي اعترفت بإسرائيل في أيار من العام ١٩٤٩، قَبله وبعده، اعترفت بها في الحُدود التي أقرتها لها الشّرعية الدولية، أي على حدود القَرار الأُممي ١٨١، وعليه فإن كل الأراضي خارج حُدود هذا القَرار تعود للدولة الفلسطينية العَرَبية التي قَضى قَرار التّقسيم بإقامتها في فِلسطين، وتُعتَبر حسب القانون الدولي أراضي مُحتلة تعود للدولة العَرَبية الفلسطينية حسب قَرار التّقسيم!
فلماذا لا يَتِم إلزام دَوْلة إسرائيل باحترام القانون الدولي والشرعية الدولية؟!
إنَّ مجرد إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشّرعية الدولية والقانون الدولي المَذكورة كفيل بحل المُشكلة الفلسطينية، وما يُسمى مُشكلة الشرق الأوسط.
لاحظتُ يا رئيس الوزراء، أنَّ المملكة المتحدة وحكوماتها المُتعاقبة، تلتزم الصّمت والكتمان عِندما يتعلق الأمر بإلزام إسرائيل تطبيق قرارات الشّرعية الدولية والقانون الدولي، وأنها في الوَقت الذي لا تتردد فيه في تطبيق أحكام القانون الدولي، وفصول ميثاق الأُمم المتحدة على الدُّوَل الأُخرى التي تعتبرها بريطانيا في حُكْم المُنتَهِكة للقانون ولقرارات الشّرعية الدولية بما في ذلك فرض العقوبات والحِصار فإنَّ بريطانيا تُمسِك عن الإقدام على إعمال القانون الدولي عِندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وبحقوق الشّعب الفلسطيني الذي ائتُمِنَت بريطانيا على حقوقه مُنذُ إصدارها تصريح بلفور في العام ١٩١٧، ومنذ وضع فلسطين تَحْتَ سُلطة انتدابها من قِبَل عُصْبة الأمم المتحدة في العام ١٩٢٢.
وأخيراً، يا رئيس الوزراء بوريس جونسون، وفِي الوَقت الذي أُعيد فيه تكرار تقديري لمّا وَرَدَ في مقالكم في «يديعوت أحرونوت» فيما يتعلق بتحذير إسرائيل من المُضِي في خُطّة الضَّم، وبتهديدها في حال تنفيذها الضَّم بإعمال القانون الدولي، فإنّي آمل أن أكون صحيحاً في استنتاجي، بأنّك إذا أخضعت فلسطين وقضيتها، وما حَل بشعبها، للتّفَكُّر وإمعان النظر، وذلك في ضوء المسؤوليات التي اضطلعت حكومات بلدكم المُتعاقبة تجاه سُكّان فِلسطين منذ صُدور تصريح بلفور ١٩١٧، فإنكم ستتوصلون الى نتيجة بأنكم مدينون للشّعب الفلسطيني، باسم المملكة المتحدة، باعتذار واضح صريح وعلني، لأنَّ ما لحق بالشعب الفلسطيني من نكبات جاء نتيجة تلقائية للسياسات التي انتهجتها حكومات بلدكم تجاهه مُنذُ العام ١٩١٧، مع العلم بأن الشّعب الفلسطيني هو شعبٌ «ساميّ»، مسالم، جُلّه من الفلاحين الطيبين، والناس البُسَطاء، ولا يَضمر لكم ولا لليهود ولا لأي شعب من شُعوب العالَم إلا المحبة والعيش بسلم وسلام.
وعليه، والى أن يأتي الاعتذار، سأبقى أعيش مع الأمل. أما شعبنا، يا رئيس الوزراء، فهو مُتَمَسِّك بحقوقه كلها، وليس له خيار إلا الاستمرار بالنضال من أجل إحقاق حُقوقه، وعلى رأسها حق تقرير مَصير شعبه في فلسطين وفِي الشّتات على أرضه، وتخليص شعبه وبلاده وشعوب العالَم، وكل مواطني بلدان العالَم اليَهود من كل أشكال العُنصرية، بما فيها الصّهيونية العُنصرية.


* ناشط سياسي - حُقوق إنسان.
عَمّان - الأردن.