ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أن الخلافات الداخلية التي تشهدها الحكومة الإسرائيلية والطريقة التي تدير فيها الدولة خلال الأشهر الأخيرة، تنتقص من قوة الجيش الإسرائيلي وتُلحق الضرر مباشرة بالأمن الشخصي لكل مستوطن.
وقال المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" أليكس فيشمان، في تقرير له حول تقليص الميزانية وتأثيرها على كفاءة الجيش الإسرائيلي: إن "معظم اهتمام الجمهور الإسرائيلي بات يُركز على إخفاقات الحكومة في إدارة أزمة كورونا التي تُلحق ضررًا بالغًا ومميتًا بالأمن الاقتصادي والأمن الوظيفي، ولا أحد يتصور أن الإدارة الفاشلة تمس أيضًا بالجيش وتُلحق به ضررًا كبيرًا، والذي بالمناسبة هو مؤسسة قوية وتحظى بإجماع كامل".
وأضاف فيشمان، أن أزمة القيادة هذه لم تعد أضرارها بسيطة، بل أصبحت أضرارًا حقيقية.
وجاء في التقرير، أنه في حال لم يتم اتخاذ قرار يساعد الجيش أو يسمح له بإدارة نفسه بشكل منتظم وعقلاني، فإنه ببساطة سيتوقف، وهذا حدث في عام 2014 قبل شهر من الحرب الأخيرة على غزة، فعشية الحرب أوقف الجيش تدريب سلاح الجو لمدة شهر، لأن المال نفذ لديه.
"من المرجح الافتراض بأن كل تحقيق حقيقي أو جدي أجراه الجيش بعد الحرب أظهر بأن جزءًا من المشاكل المهنية التي ظهرت وبالذات في العمليات البرية كانت نتيجة توقف التدريبات والتزود بالعتاد في ذلك العام، نتيجة قرارات سياسية اقتصادية لحكومة عملت بطريقة: "لا تخف، الجيش سيدبر نفسه بنفسه"، وفق التقرير.
وأوضح فيشمان في تقريره، أن "المنظومة الأمنية أصبح واضح لديها بأن أزمة كورونا خلقت واقعًا اقتصاديًا يجب على الجيش أخذه في الحسبان، ولكن من هنا وحتى تجاهل احتياجات الأمن المُلحة فإن المسافة بعيدة، وهذا أصبح متكررًا ومعلومًا وصف المطالب الميزانياتية للجيش الإسرائيلي كمُبالغ فيها وأنها تستند إلى تهديدات من الصعب فحص وزنها الحقيقي".
وقال: إن "قيادة الجيش تدرك بأن المنظومة الأمنية لا تشغل بال المواطن وثلاجته فارغة ولكنها تقلقه عندما يجلس في الغرفة المُحصنة ويسأم الإيرانيون والفلسطينيون من ألعابنا".
وأشار إلى أنه "طوال سنوات النقاش حول بناء القوة العسكرية كانت تُدار في ملعب الندب والبكاء الذي بين وزارة المالية والجيش، وفي النهاية دائمًا كان ذلك ينتهي بعناوين عن أجور معاشات التقاعد لمنتسبي الخدمة الدائمة وأن الحكومة تجاوزت موظفي الدولة واتخذت قرارًا حول حجم ميزانية الجيش، ومسؤولو المالية والجيش أداروا ظهورهم وقرروا والجيش لائم خططه حسب الميزانية، سواء أحبوا ذلك أم لم يحبوا هذا ما يوجد".
وبحسب التقرير، "ليس هناك صراع بين مسؤولي وزارة المالية والجيش في عام 2020، وجميعهم في نفس القارب، وهذا هو العام الثاني الذي تُدار فيه الدولة بدون قانون ميزانية، ومعظم الوقت تحت حكومة انتقالية، وفي الأشهر الأخيرة تحت حكومة مُنقسمة ومتنازعة، والجيش مثل بقية الوزارات الحكومية، يُدير نفسه من شهر إلى شهر على أساس 12/1 من الميزانية التي تم المصادقة عليها له في عام 2018".
"الجيش وفي كل شهر يقف على باب وزارة المالية لطلب المصادقة على انفاقات استثنائية طارئة، وأيضًا في العامين الماضيين ونتيجة للتقليصات الواسعة وتجميد ميزانية الدولة، فَقدَ الجيش بأسوأ التقديرات ما يقارب الـ 3 مليارات شيكل من ميزانيته السنوية، فإذا كان حتى اليوم بنى ونفذ خطط مشترياته المصادق عليها والتدريبات والتجهيزات على أساس ميزانية سنوية من 32 مليار شيكل فإنه في عام 2020 لديه فقط 29 مليار شيكل للقيام بكل ذلك"، وفق التقرير.
وتابع فيشمان، قائلًا: "لقد بدأ الجيش من اليوم بتمديد مشاريع لمدة سنوات أطول، ويؤجلون مشتريات وبعد ذلك سيقللون من تدريبات قوات الاحتياط وسيلحقون أضرارًا بشروط الخدمة النظامية، فعلى سبيل المثال إذا أوقف الجيش عملية الانتقال إلى النقب بسبب نقص الأموال سيضطر إلى دفع مئات ملايين الشواكل ودفع تعويضات لإخلاله بالعقود وكذلك سيدفع أموالًا لترميم القواعد الموجودة التي تنتظر الانتقال إلى الجنوب والتي بعضها متهالك تمامًا".
وختم المحلل العسكري أليكس فيشمان تقريره، بالقول: إنه "عندما يكون هذا كله مُلقى في حجر وزراء الحكومة والكابينت يتجادل رئيس الحكومة ووزير الجيش حول إذا ما كان قانون الميزانية سيكون لخمسة أرباع أو لربع واحد، وهذا الجدال يُعطل القرار حول ميزانية الدولة التي من المفترض أن تحرك المنظومة العسكرية وتخرجها من عدم اليقين والضبابية وهكذا، هذا هو العام الثاني الذي يعمل فيه الجيش بدون خطة عمل متعددة السنوات مصادق عليها وممولة، ولأن الكابينت ليس لديه الرغبة في التعامل مع ذلك فإنهم لا يوقعون على عقود شراء طائرات جديدة من الولايات المتحدة واللجنة الوزارية للتزود لم تجتمع بعد".