اعتبر تقرير إسرائيلي اليوم، الثلاثاء، أن ثلاثة تحديات متصاعدة ماثلة أمام حزب الله. وحسب "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، فإن هذه التحديات الثلاثة هي: داخلية، على خلفية الأزمة الاقتصادية؛ وخارجية، على خلفية الضغوط التي تمارس على حزب الله وشركائه في "المحور الشيعي"؛ وإسرائيلية، على خلفية استمرار الغارات في سورية واستغلال الأجواء اللبنانية.
وفيما يتعلق بالأزمة اللبنانية الداخلية، أشار التقرير إلى أن قادة الدولة يواجهون مصاعب في إنقاذ الاقتصاد اللبناني المنهار، وأن الليرة اللبنانية فقدت قرابة 80% من قيمتها مقابل الدولار، وتطول فترات انقطاع التيار الكهربائي، فيما نسبة البطالة تجاوزت 40% ونصف السكان يعيشون بمستوى أدنى من خط الفقر. وفي المقابل، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 200%، وطرأ ارتفاع على حالات الانتحار على خلفية اقتصادية.
وحسب التقرير الإسرائيلي، فإن هذه الأزمة الاقتصادية أعادت المتظاهرين اللبنانيين إلى الشوارع، منذ بداية حزيران/يونيو الماضي، متجاهلين القيود المفروض بسبب أزمة فيروس كورونا. كما أن هذه المظاهرات الحالية تتميز بعنف متزايد قياسا بموجة المظاهرات السابقة، واتجه غضب المتظاهرين ضد البنوك وشبكات التسويق الكبرى. واعتبر التقرير أنه في المظاهرات الحالية "برز أيضا توجيه اصبع اتهام مباشر إلى حزب الله. فخلال مظاهرة، في 6 حزيران/يونيو الماضي، تعالت هتافات فظة ضد الحزب، وشملت مطالب بنزع سلاحه. وأدت هذه الهتافات إلى تصاعد مستوى العنف من جانب جهات شيعية وحتى استخدام السلاح الناري ضد المتظاهرين".
وينطلق التقرير من اعتبار حزب الله أنه الجهة المهيمنة على لبنان والحكومة اللبنانية، وأنه "يفشل دفع الإصلاحات المطلوبة. ومن جانبه، يحاول حزب الله استغلال استياء الجمهور من البنوك من أجل السيطرة على قطاع قوي، ولكن من دون نجاح حتى الآن".
وبما يتعلق بـ"التحدي الدولي"، أشار التقرير إلى حوار متواصل بين لبنان وصندوق النقد الدولي، الذي تطلب الحكومة المالية الحصول على قرض منه بمبلغ 10 مليارات دولار، بينما يشترط الصندوق تقديم مساعدات كهذه بإقرار إصلاحات وشفافية وإشراف خارجي، "وفي حال تنفيذها، سيواجه حزب الله مصاعب في الحفاظ على كنوزه وتأثيره".
وحول "التحدي الإسرائيلي"، اعتبر التقرير أن الغارات الإسرائيلية، التي يطلق عليها إسرائيليا تسمية "المعركة بين حربين"، هدفها "منع تعاظم القوة العسكرية للحزب، وخاصة تسلحه بصواريخ دقيقة". ويشمل هذا التحدي بالنسبة لحزب الله استخدام الطيران الحربي الإسرائيلي الأجواء اللبنانية لشن هجمات في سورية، الأمر الذي "يزيد المصاعب أمام حزب الله". وأضاف التقرير أن "حزب الله يتخوف من استغلال إسرائيل لضائقته وتصعيد نشاطها العسكري ضده، فيما هو يسعى إلى الحفاظ على ردعه مقابلها، وبضمن ذلك من خلال معركة على الوعي". فقد أعلن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أن بحوزة الحزب صواريخ دقيقة قادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، وشدد على أن الحزب لن يتنازل عن سلاحه.
وبدا التقرير مطمئنا إلى أنه رغم هذه التحديات الشديدة، إلا أن احتمال لجوء حزب الله إلى اتجاهي عمل محتملين ضئيل، "ويفضل الامتناع عن تنفيذهما". الاتجاه الأول "داخل لبنان، ويتعلق بقرار استخدام القوة العسكرية من أجل منع خطر داهم على مكانته المهيمنة في لبنان". والاتجاه الثاني "مقابل إسرائيل، من أجل صرف الأنظار عن الأوضاع الداخلية باتجاه الصراع مع إسرائيل بواسطة المبادرة إلى خطوة عسكرية تقود إلى مواجهة مع إسرائيل".
وأضاف التقرير أن التقديرات تشير إلى أن "حزب الله سيختار، في الفترة القريبة على الأقل، الاستمرار باستراتيجيته الحالية، التي في مركزها مواصلة مجهود تحسين سيطرته وتأثيره السياسي والاقتصادي على المؤسسة اللبنانية من خلف الكواليس، إلى جانب الحفاظ على استقلاليته العسكرية. وفي غضون ذلك، يركز جهدا من أجل تحسين تأثيره على قطاع البنوك -من خلال تحييد محافظ البنك المركزي أيضا - وعلى جهاز الجهاز القضائي والإعلام من أجل تغيير وجه لبنان".
وخلص التقرير إلى دعوة الحكومة الإسرائيلية إلى "مواصلة تشويش نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله وتموضعه في سورية، ولكن الامتناع عن تجاوز كبير لـ’قواعد اللعبة’ من جانبها أيضا، من أجل ألا تدفع حزب الله إلى الرد، وبذلك تكون قد أنقذته بشكل غير مباشر من ضائقته من خلال تحويل الأنظار وحشد تأييده للحزب كمن يعتبر ’حامي لبنان’".