قال المعلق في صحيفة “الغارديان” سايمون تيسدال، إن الجميع خاسر من طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التوسعية.
وقال في مقالته إن النزاع ظل على الأرض حيث امتلكها العرب وزعم اليهود أنها لهم، وكلاهما آمن بحقه بها. ومنذ الثلاثينات من القرن الماضي عندما زادت الفاشية الأوروبية أعداد اليهود في فلسطين، تكثف النزاع بشكل لا رجعة عنه، حيث كان اليهود في كل جولة يكسبون. واليوم يريد نتنياهو مع الزعيم المشارك له في الدولة التي تبلغ فيها نسبة اليهود 74% إنهاء المهمة. وفق ما اوردته صحيفة القدس العربي.
وتقوم خطة نتنياهو على ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ووادي الأردن، لكن اليوم المقرر لبدء الضم قد يؤجل بسبب الخلافات مع الولايات المتحدة حول مداه ووتيرته. وفي الأسبوع الماضي قال الملك عبد الله الثاني إن عملية الضم “غير مقبولة” وهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، فيما اعتبرت حماس في غزة الخطة بأنها إعلان للحرب.
ورغم تصميم نتنياهو على المضي في عملية الضم، إلا أنه من الصعب رؤية منطق للخطة التي تعتبر غير قانونية ضمن القانون الدولي. وستضر بشكل دائم بالفلسطينيين ولكنها ستؤثر على إسرائيل والاستقرار الإقليمي والمجتمع الدولي الذي يكافح لغز إسرائيل- فلسطين منذ دعم بريطانيا إقامة “وطن قومي لليهود” عام 1917.
إلا أن “التوسع السيادي” الذي يتحدث عنه نتنياهو سيجعل من الوطن القومي أمرا صعبا. ورغم أنه يعاند في هذا، إلا أنه يحاول استغلال خطة سلام متحيزة لصالحه. وبالنسبة للفلسطينيين فالضم هو بمثابة حكم إعدام على العملية السلمية التي تقوم على حل الدولتين، وستكون المأساة الأخيرة في ملحمة الأماني المقتولة والوعود المكسورة.
وكل هذا يستدعي التخلي عن الخطة. وفي هذا النزاع لا مكان للعقل أو الحس العام، وسيواجه الفلسطينيون مرة ثانية مصيرا يتخلى به العالم عنهم. وهناك الكثير من الإسرائيليين يعارضون الضم، أما حلفاء نتنياهو في الائتلاف فهم غير متأكدين. وتسيطر إسرائيل على هذه المنطقة المحتلة منذ عام 1967 والسؤال هو لماذا تريد مضاعفة التداعيات السلبية؟ وبالنسبة للبعض يرى أن هذه الخطة هي جزء من الإرث المتغطرس لنتنياهو وداعمه الرئيسي دونالد ترامب اللذان سيخرجان من السياسة قريبا. وبناء على الدور الذي يلعبه الجيش في تطبيق الخطة فرأيه مع الأجهزة الأمنية- الموساد وشين بيت له وزن.
وطلبت هذه الأجهزة معا استمرار الاحتكام لخط الأمم المتحدة لحل النزاع الذي تراه ضروريا لأمن إسرائيل ومستقبلها الديمقراطي. ويرى الكاتب أن الخلاف الحاد في داخل إسرائيل بشأن الضم ينعكس في الخلافات الخارجية حيث يعارض اليهود البريطانيون- الأمريكيون والبرلمانات والحكومات الأوروبية الخطة. وهناك حديث وإن لم يكن مقنعا، لفرض عقوبات على إسرائيل والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ومثل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين، فأوروبا منقسمة، حيث تتعاطف النمسا وبولندا وهنغاريا مع خطة نتنياهو أكثر من دول أوروبا الغربية التي لا تزال تدعم ترتيبات ما بعد أوسلو، خاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع معرفتها أنها ميتة.
ويعبر القادة الأوروبيون عن مخاوفهم من زعزعة الضم استقرار المنطقة ومن زيادة المشاعر المعادية للسامية ويستخدم كذريعة لكي تبرر روسيا ضمها لشبه جزيرة القرم عام 2014. وتخشى أوروبا أيضا الخلاف مع إدارة ترامب التي تدعم خطة السلام التي قدمها الضم. وقد لا نكون مبالغين بالقول إن الضم يمثل تهديدا وجوديا للأمم المتحدة التي طالما دعمت حل الدولتين. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن عملية الضم تعتبر “أكبر خرق للقانون الدولي”، وما لم يقله غوتيريش أنها ستكون خرقا لمصداقية المنظمة الدولية الهشة.
وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه غوتيريش كان وزير الخارجية مايك بومبيو يؤكد أن القرار هو إسرائيلي بالضرورة. ويؤكد موقفه على ما تقوم به الولايات المتحدة من تقويض مواقف الإجماع للمنظمة الدولية سواء من إيران، التغيرات المناخية ومواجهة فيروس كورونا. وكذا تصميم الولايات المتحدة على اتخاذ قرارات مدمرة ومن طرف واحد. وهي صورة عن دعم لنتنياهو مهما اتخذ من قرار. وتجد الدول العربية نفسها امام معضلة، فالأردن ومصر ترتبطان بمعاهدات سلام مع إسرائيل وعلى ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. والسؤال هل تلغيان التعاون في مواجهة الإرهاب المشترك، وهذا هو مطلب الشارع العام. إلا أن عبد الفتاح السيسي يعتمد على دعم أمريكا له ماليا وعسكريا ولا يعرف عنه احترامه لإرادة الرأي العام.
ويشير الكاتب إلى أن المنطقة منقسمة بناء على الخطوط المعروفة، إيران وتركيا وقطر تدعم حماس وترفع لواء القضية الفلسطينية. أما ما يطلق عليها الدول المعتدلةـ وهي الإمارات والسعودية فتنتظر الإشارة من أمريكا.
ويجد لبنان والعراق نفسيهما في الوسط. وتأمل إيران أن تدمر خطة الضم التحالف العربي ضدها. وماذا عن الفلسطينيين المنقسمين أكثر من ذي قبل، وماذا عليهم فعله؟ انتفاضة ثالثة، وهذا أمر غير متوقع، فلا يوجد هناك غضب واضح في الشارع العربي. وستؤدي التحركات مثل إلغاء التعاون الامن مع إسرائيل لتداعيات سلبية. وربما انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية، وهذا أمر سيفرح المتشددين، خاصة أنهم يتهمون محمد عباس بالعمالة الفعلية مع المشروع الصهيوني. لو مضى نتنياهو بخطة ضم جزئية فستستغل الجهاد الإسلامي وتنظيم الدولة الغضب. وربما طلب من الجيش الإسرائيلي إعادة احتلال الضفة وغزة بالكامل وفرض نظام تمييز عنصري على شعب محروم غير معترف به وأسير.