-أعلنت مجموعة متنوعة تضم أكثر من 100 منظمة تدعم الحقوق الفلسطينية أعلنت هذا الأسبوع أنها بعثت رسالة إلى المرشح الرئاسي الديمقراطي المفترض، جو بايدن، تحثه على تبني سياسات تجاه إسرائيل والفلسطينيين "على أساس مبادئ المساواة والعدالة للجميع".
وتدعو الرسالة، التي بدأتها منظمة "كود بينك" الناشطة، إلى إتباع نهج سياسي قائم على "احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي، وتعزيز الحل السلمي للنزاعات، وإعلاء الدبلوماسية فوق التدخل العسكري، واستخدام التعددية والمؤسسات المتعددة الأطراف لتسوية النزاعات".
وتدعو المجموعة بايدن ليس فقط لاعتماد هذه المبادئ في فلسطين، ولكن كأساس للسياسة الخارجية الأميركية بشكل عام.
وتنتظر هذا المسعى معركة شاقة، بالنظر إلى أن بايدن مؤيد قوي لإسرائيل منذ فترة طويلة، وكلف كنائب للرئيس باراك أوباما في كثير من الأحيان بتهدئة العلاقة المتوترة بين إدارة أوباما والمجموعات المؤيدة لإسرائيل، بسبب سمعته المُستحقة لدعم وجهات نظر الحكومة الإسرائيلية.
يذكر أن الزعيم السياسي اليهودي الأميركي السناتور تشاك شومر، رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ ، والمقرب من "اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة –إيباك" ، اللوبي الإسرائيلي القوي ذات مرة بأنه "أفضل صديق لإسرائيل في إدارة (أوباما)"، وقد تباهى بايدن مراراً بتأييده لإسرائيل في مسار الحملة. إذ قال بايدن بشكل مشهور لمحاور على قناة شالوم الإسرائيلية في عام 2007: "أنا صهيوني... لا يجب أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً".
وحتى عندما كان ديمقراطيون آخرون يتعهدون أو على الأقل ينظرون في فكرة استغلال المساعدات السنوية الأميركية البالغة 3.8 مليارات دولار سنويا كمساعدات عسكرية للضغط على إسرائيل للتعاون بشأن هدف حل الدولتين، رفض بايدن بشكل قاطع أي تهديد لتلك المساعدة السنوية.
وقد أشار بايدن إلى أنه، خلافاً لرئيسه السابق أوباما، سيُبقي أي خلافات بين إدارته وإسرائيل بعيدة عن الرأي العام. ولكن في سعيه للفوز بالبيت الأبيض، تعهد بايدن أيضاً بالانفتاح على الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، وحصل في المقابل على الكثير من الدعم ليس فقط من المنافسين التقدميين السابقين مثل السناتور بيرني ساندرز والسناتورة إليزابيث وارن، ولكن أيضاً من موظفيهم والمتطوعين معهما. كما أن بايدن يأمل أيضا في كسب دعم الناخبين التقدميين الذين كانوا فاترين تجاهه في بداية عام 2020، والذين يُعتبر بُغضهم لهيلاري كلينتون في عام 2016 سبباً لهزيمتها.
ويُعد هؤلاء الناخبون أكثر دعماً لحقوق الفلسطينيين من الديمقراطيين الوسطيين. حيث وجد استطلاع أجرته منظمة غالوب عام 2019 أنه في حين أن 58% من الديمقراطيين الليبراليين يملكون وجهات نظر إيجابية تجاه إسرائيل، من بين هؤلاء الديمقراطيين الأكثر ليبرالية، لا يفضل إسرائيل على الفلسطينيين إلا 3% فقط، وهذا هو توجه مستمر ومسؤول عن النظرة السلبية المتزايدة تجاه الاحتلال الإسرائيلي بين الديمقراطيين.
وقد دفع معظم المتنافسين الرئيسيين على ترشيح الحزب الديمقراطي لمقاطعة مؤتمر"إيباك" لعام 2020 .
وتتضمن الرسالة الموجهة إلى بايدن قائمة طويلة من المطالب التي تصف كيف يجب أن تكون سياسة الولايات المتحدة أكثر إيجابية تجاه الفلسطينيين. وتغطي المطالب مجموعة واسعة من القضايا الداعمة لحقوق الفلسطينيين، والتي تتراوح من الأهداف التي يؤيدها الطيف السياسي الحالي - مثل دعم مشروع قانون في مجلس النواب لمنع الأموال الأميركية من دعم سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلية- إلى بنود تتطلب تحولا كبيرا في سياسة الولايات المتحدة، مثل الاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وتُعتبر المجموعة المتنوعة للمنظمات الممثلة في رسالة "كود بينك" ملفتة للنظر، وتشمل منظمة "الفوز دون حرب" ومنظمة "إن لم يكن الآن" اليهودية، ومجلس التنسيق الأميركي-الإسلامي ولجنة خدمة الأصدقاء الأميركيين "فرينديز" ومنظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" ومنظمة "طالبوا بالتقدم" ومنظمة "تحرك السلام"، وغيرها الكثير. وتتخذ كل هذه المنظمات العلمانية والدينية واليهودية والمسيحية والمسلمة جميعها موقفا موحدا داعيا إلى سياسة أميركية جديدة ومختلفة، ويمكن أن يمثل هذا التحالف المتنوع مستقبل الحزب الديمقراطي.
ولعل أهم دليل على ذلك هزيمة عضو الكونغرس الديمقراطي إليوت إنغلز ، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي ، وهو صهيوني عتيد، وربيب "إيباك" المعروف بعد 32 عاما في الكونغرس، أمام منافس تقدمي أسود أسمه جمال بومان، خاض معركته ضد إليوت على أرضية تقدمية تتصدرها المطالبة بالعدل والمساواة للفلسطينيين وضرورة إنهاء الآحتلال وقطع المساعدات عن إسرائيل.
ويعتقد التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي أنه إذا كان جو بايدن ينوي الوفاء بوعده بالانفتاح على الديمقراطيين التقدميين، فيجب أن يستمع إلى شخصيات مثل الدكتور كورنيل ويست، من جامعة برينستون المرموقة ، وهو أحد أنصار بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية الأخيرة ومدافع قديم عن تضامن الأميركيين الأفارقة مع الفلسطينيين.
وقد صرح ويست مؤخراً أن "ما يتعين علينا القيام به هو الاعتراف بأن جنازة جورج فلويد (الرجل الأسود الذي قتله شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس الشهر الماضي مطلقا المظاهرات الصاخبة الحالية) ، حيث تدفقت الدموع... لديهم (الفلسطينيون) جنازات [مماثلة] في الضفة الغربية بسبب السياسة الأميركية [و]القنابل الأميركية التي يستخدمها [جيش الدفاع الإسرائيلي]".
ورغم أن القائمة الكاملة للمطالب في خطاب ائتلاف المنظمات لن تُلبى من قبل إدارة بايدن، من المرجح أن تستمر السياسات حول فلسطين في التحول تحت إيجابيا تحت إدارة بايدن، ولا سيما مع تزايد الدعوات الحزبية وعبر الطيف الإيديولوجي بانسحاب الولايات المتحدة عسكرياً من الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنه من المؤكد أنه سيحصل على دعم تقدمي في انتخابات شهر تشرين الثاني المقبل على الرغم من سياساته المحافظة المؤيدة لإسرائيل، سيجد أن الكثير من هذا الدعم التقدمي سيتحول بسرعة إلى معارضة داخلية إذا هزم ترامب.