هل تشتعل فلسطين قريبا ردا على قرارات الضم والتهويد؟!نواف الزرو

الأحد 24 مايو 2020 08:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل تشتعل فلسطين قريبا ردا على قرارات الضم والتهويد؟!نواف الزرو



يتساءل الكثيرون من السياسيين والاعلاميين والمحللين المتابعين لتطورات المشهد الفلسطيني في ظل هذا التصعيد الصهيوني الشامل الذي يهدد القدس والاغوار بالضم الكامل، بل يهدد الضفة الغربية بكاملها بالضم والتهويد: ما الذي يجري لارض الهبات والانتفاضات والثورات المتصلة منذ اكثر من قرن من الزمن في مواجهة المشاريع الاستعمارية…؟!، لماذ كل هذا الهدوء والصمت الى حد كبير ازاء هذا التصعيد الصهيوني….؟!، القدس تتهود والاغوار قاب قوسين او ادنى من المصادرة والضم والتهويد….؟!، فلماذا يا ترى لا تشتعل فلسطين غضبا وانتفاضة ردا على ذلك….؟!.
وطبعا هناك الكثير الكثير من الاسئلة والتساؤلات المطروحة بقوة في هذا السياق مثل: هل يا ترى نحن بانتظار انفجار فلسطيني واسع في انحاء الضفة يقلب الامور والمعادلات والتوقعات رأسا على عقب…..!؟، أو ما هي السيناريوهات المحتملة في المشهد الفلسطيني…؟!،.
فهل نحن بانتظار انتفاضة حجارة اخرى على طريقة حجر يعبد الذي قتل جنديا صهيونيا في الثاني عشر من الشهر الحالي…؟!.
ولانتفاضة الحجارة في التاريخ الكفاحي الفلسطيني بالغ الأثر على العدو وعلى الوعي العام العالمي، فللحجر في فلسطين قدرة على إشعال حرب أو انتفاضة ثالثة، وإن كان هذا الحجر في أكثر الحالات لا يقتل، إلا أنه ينطوي على دلالات واحتمالات ذات بعد استراتيجي، من حيث قدرته على إشعال الحرب أو الانتفاضة، فالمناخات هناك مهيئة تماماً للانفجار.
فمن وجهة نظر إسرائيلية فإن للحجر قدرة على إلحاق الأذى بالصورة في الأساس، والمقصود هنا صورة الجندي الإسرائيلي، ففي صراع تكون الصورة التي تخرج فيه إلى العالم هي الشأن كله، فلا يمكن الاستخفاف بهرب جنود الجيش الإسرائيلي من رماة حجارة وتداعيات ذلك على الصورة والمعنويات، وتأثيرات الرسالة، وتقول صحيفة يديعوت في هذا الصدد: من جهة عدسة التصوير هي سلاح سلب نشاط الجيش الإسرائيلي شرعيته، والرد العنيف على رماة الحجارة يتم تصويره دائما بصورة سيئة، ومن جهة ثانية عدم الرد أو الهرب في أسوأ الحالات – كما حدث في الآونة الأخيرة في الخليل وقدوم– قد يجعلان واقعة تكتيكية (عديمة الأهمية في ظاهر الأمر) واقعة ذات قدرة على الضرر الاستراتيجي، فبعد 30 سنة من نشوب الانتفاضة الأولى، لا تزال الحجارة والأطفال يثيران المشاعر لدى الطرفين. فالصور قد تدفع الفلسطينيين الذين ينتظرون بلا غاية نتائج الإعلان الاحتفالي في الأمم المتحدة إلى فورات عنف في أماكن أخرى، وقد تدفع صور مشابهة حكومة “إسرائيل” التي هي في فترة انتخابات إلى رد مضاد، يريد الطرفان الهدوء وقد يضر بهما الحجر الاستراتيجي”، في التقديرات العسكرية الاستخبارية الإسرائيلية فإن هذا الحجر الاستراتيجي يعود إلى المشهد الفلسطيني تدريجيا، فبينما تصف صحف إسرائيلية هذا المشهد بالتهديد الاستراتيجي.
ام نحن يا ترى امام انتفاضة مسلحة تتدحرج على الطريق…؟!
وحول احتمالات ان تتطور الانتفاضة الى مرحلة اطلاق النار والعمليات المسلحة، فان الاحداث تتدحرج بطبيعتها في سياق مواجهة يغلب عليها الطابع الدموي الاجرامي من قبل الاحتلال، ولا شك ان ردود الفعل الطبيعية من جهة الفلسطينيين هي ان يطوروا ادواتهم وأسلحتهم، ما قد يقود الى استخدام منظم ومنهجي للاسلحة النارية، وفي مثل هذا السيناريو كتب المحلل العسكري الاسرائيلي الكس فيشمان يقول:”هذه طقوس تنبأ جهاز الامن بالوصول اليها، خاف منها، حاول منعها – ولكنها باتت هنا. تكرر هذه الطقوس نفسها في معظم جولات العنف بين إسرائيل والفلسطينيين. فهذا يبدأ بالمظاهرات، واعمال الاخلال بالنظام والزجاجات الحارقة، يتواصل بالسكاكين والدهس، ينتقل رويداً رويداً الى إطلاق نار من الأفراد من سلاح شخصي، ومن هناك – قفزة درجة سريعة – يصل الى مواجهة مسلحة يقودها «ارهاب» مؤطر. نحن تقريبا في المرحلة الأخيرة من هذه الطقوس”. ويضيف:”في اسبوع واحد فقط وقعت أربع عمليات اطلاق نار. ويردف:”تنضم احداث نهاية الاسبوع الى 32 عملية اطلاق نار وقعت منذ بدء موجة العنف الحالية والى 80 احباطا لعمليات مشابهة قام بها جهاز المخابرات في السنة الماضية، معظمها في الاشهر الاخيرة”.
وفي ذلك ايضا يستخلص الباحث ميخال ميليشتاين، الخبير العسكري الإسرائيلي، في دراسته التي نشرها مركز ديان للدراسات الاستراتيجية”ان الهدوء في الضفة الغربية مخادع- السبت 16 مايو 2020″،
بينما كان الكاتب عاموس هرئيل قد وثق في هآرتس “أن الضفة على شفا موجة عنف جديدة”، في حين اعترف تقرير صادر عن “مركز المعلوامت الاستخبارية والارهاب” بوقوع 10 عمليات فلسطينية منذ بداية العام الجاري في الضفة الغربية، ما بين عمليات طعن ودهس وإطلاق نار وإلقاء حجارة “قاتلة-الجمعة 15 مايو 2020 “.
إذن، الحديث عن انتفاضة فلسطينية كامنة في الافق، ليس حديثا اعلاميا او استهلاكيا او تعبيرا عن امنيات تتفاعل، بل هو حديث مدجج بالاحداث والوقائع وبعوامل التفجير المتراكمة التي انما تنتظر اللحظة التاريخية المناسبة، التي يبدو انها آتية قريبا جدا في الرد على قرارات الاحتلال الاجرامية بالضم والتهويد.
الى كل ذلك، فالذي يجمع عليه الفلسطينيون اليوم، ان عوامل التفجير لأنتفاضة قريبة قائمة قوية متفاعلة متراكمة متزايدة، منذ أن آلت عملية المفاوضات العقيمة إلى ما آلت إليه من”دخول الوضع الفلسطيني في الأزمة الشاملة، وفقدان القيادة الفلسطينية القدرة على ممارسة سياسة الإجبار المتبادل، ونجاح الحكومة الصهيونية في العودة بالاوضاع إلى المربع الأول، وبعد أن انتهت عملياً اتفاقية اوسلو دون أن تنفذ سلطات الاحتلال الاستحقاقات المترتبة عليها، وبعد أن دخلت المشهد السياسي طريقا مغلقا تماما، بعد ذلك كله أصبح المشهد كما يلي:
· استحقاقات استقلالية متأخرة معطلة بصورة منهجية على يد الاحتلال.
· مفاوضات عقيمة استمرت سنوات طويلة بلا نتائج حقيقية، بل كانت اهدرا للزمن وللجهود والمقدرات الفلسطينية…كلها ذهبت هدرا في ظل عملية مفاوضات كان مقروءا منذ بداياتها انها عبثية مع الاحتلال…!
· استباحات احتلالية سافرة لكافة المعايير والمواثيق والقرارات الاممية.
. حروب الاستيطان والتهويد المتحركة في كل المدن والاماكن الفلسطينية.
· اوضاع عربية ليس فغقط مفككة ومهترئة وضعيفة لا تشكل غطاء حقيقياً للفلسطينيين لا في السلم ولا في الحرب .، بل وانتقلت في معظمها-على المستوى الرسمي-الى التواطؤ مع العدو…!
الى كل ذلك نضيف حالة الغضب والغليان الفلسطيني ضد الانقسام والفساد معا، ولذلك نثبت:ان كان هناك بضعة عوامل وراء تفجير الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الاولى 1987-1993، وان كان هناك ضعفها وراء تفجير انتفاضة الاقصى، فان العوامل المحتملة اليوم لتفجير انتفاضة فلسطينية أخرى اوسع واكبر واقوى وهي اضعاف تلك العوامل مجتمعة، بل ان التصريحات والبيانات والخطابات والاجراءات وسياسات التطهير العرقي الصهيونية المنفذة على الارض الفلسطينية، كلها تشكل دعوة واضحة وصريحة للانتفاضات والحروب.
ونعود الى التساؤلات المطروحة اعلاه: ما الذي يجري في فلسطين وكيف ستكون السيناريوهات، وهل نحن بانتظار انتفاضة فلسطينية جديدة….الخ…؟!
في الرد على كل ذلك نوثق: ان لسطين المحتلة حبلى بانفجار بركاني آخر اعتى واشد واوسع غضبا من كل ما سبقه من انفجارات…!
وليس من شك ان ديناميكية الاحداث على الارض الفلسطينية وفي قلب المشهد الفلسطيني هي الاقوى والاشد وطأة وتأثيراً، فهي اقوى من مليون اتفاق اوتفاهم او تهدئة على الورق…!..
كاتب فلسطيني

Nzaro22@hotmail.com