اعتبر مسؤولون سياسيون أنه ليس مستبعدا أن يكون زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد بادر إلى ما يوصف بـ"التمرد" في الليكود وإلى أزمة توزيع الحقائب الوزارية، التي أرجأت تنصيب الحكومة، وذلك بهدف إحباط تشكيل حكومة وحدة مع حزب "كاحول لافان" برئاسة بيني غانتس، في اللحظة الأخيرة والتوجه إلى انتخابات رابعة للكنيست، حسبما ذكر المحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، بِن كسبيت، اليوم الجمعة.
وتم إرجاء جلسة الهيئة العامة للكنيست لتنصيب الحكومة الجديدة، مساء أمس، إلى بعد غد الأحد، لكن هذا الموعد الجديد للتنصيب ليس معقولا، لأن غانتس سحب استقالته من منصب رئاسة الكنيست، التي ينبغي أن يمر عليها 48 ساعة كي تكون سارية المفعول. وليس واضحا متى سيقدمها مجددا، كي يتم تنصيب الحكومة، كما أنه ليس واضحا أيضا متى سينتهي نتنياهو من توزيع الحقائب الوزارية على قياديين في حزبه.
ويسود تخوف في "كاحول لافان" من أن نتنياهو ينفذ خدعة، حاليا، مع الإشارة إلى مهلته لتشكيل حكومة ستنتهي يوم الخميس المقبل، وإلا سيتم حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات. ووفقا لكسبيت، فإن التخوف في "كاحول لافان" هو أن نتنياهو بات يعتقد أن "التهديدين المركزيين اللذان دفعاه إلى الصفقة غير الجيدة بالنسبة له مع غانتس، هما احتمال أن تمنعه المحكمة العليا من تولي رئاسة الحكومة تحت لائحة اتهام، وقد زال هذا التهديد بقرار العليا من الأسبوع الماضي. والأمر الثاني يتعلق بفيروس كورونا، التي تدفع نحو مؤشرات ضعف بارزة، الأمر الذي سيسمح لنتنياهو بخروج سريع من الأزمة الاقتصادية وجنى مكاسب سياسية بسبب عدد الوفيات القليل نسبيا في إسرائيل".
وأضاف كسبيت أنه "إثر ذلك، يتساءل نتنياهو لماذا يتعين عليه أن يخلي منصبه لصالح غانتس بعد سنة ونصف السنة". ونقل عن مصدر سياسي رفيع قوله إنه "ليس صدفة أن نتنياهو دعا تساحي هنغبي وآفي ديختر إلى محادثات، إذ أنه يعرف كيف يخمد حرائق، ويبدو أن الحريق الحالي أشعله بشكل متعمد".
وتابع كسبيت أنه "حسب هذه النظرية، سيطلب نتنياهو من غانتس، مساء غد السبت، أن يتنازل له عن حقيبتين وزاريتين أو ثلاث. وسيرفض غانتس ذلك والصفقة بينهما ستسقط. وستذهب إسرائيل إلى انتخابات رابعة".
غضب في الليكود
يبدو أداء نتنياهو في هذه الأثناء غير واضح. فبالأمس، دفع رئيس حزب "البيت اليهودي"، رافي بيرتس، إلى الانشقاق عن تحالف أحزاب اليمين المتطرف "يمينا"، ووعده بحقيبة شؤون القدس ودائرة الاستيطان، لكن بعد أن انشق عن "يمينا"، أبلغه نتنياهو بأنه لن يمنح حقيبة شؤون القدس لأنه وعد قياديا في الليكود بها. وخلال الليلة الماضية، تم الإعلان عن توقيع اتفاق ائتلافي مع بيرتس، سيتولى بموجبه وزارة شؤون القدس. ويأتي هذا الاتفاق في الوقت الذي يبدو فيه نتنياهو كمن يواجه مصاعب في توزيع الحقائب.
وذكر موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، اليوم، أن توزيع الحقائب في الليكود، الذي تسبب بإرجاء تنصيب الحكومة، أمس، ما زال بعيدا عن نهايته، والسبب هو وجود عدد قليل من الحقائب والمناصب فيما قائمة المطالبين بها طويلة.
وكان هنغبي وديختر، وهما من أبرز قادة الليكود، أول المعبرين عن غضبهم من نتنياهو بشكل علني بسبب عدم منحهما حقائب وزارية حتى الآن، وقالا إن تصرف نتنياهو معهما يمس بإرادة أعضاء الحزب، كما أن ديختر وصف أداء نتنياهو بأنه "بصقة في وجههم". وأعلنا أنهما سيقاطعان تنصيب الحكومة. وتسببت أقوالهما بغضب في الدائرة المحيطة بنتنياهو وإرجاء لقاءات معهما.
وعين نتنياهو اليوم عضو الكنيست دافيد أمساليم وزيرا يشكل حلقة الوصل بين الحكومة والكنيست، إضافة إلى مسؤوليته عن منظومة السايبر، مفوضية خدمات الدولة، وسلطة الشركات.
عادات نتنياهو
وصفت المراسلة السياسية في موقع "واللا" الإلكتروني، طال شاليف، التطورات أمس بأنها "المذاق الأول" لإحدى عادات نتنياهو الكريهة التي ينبغي على "كاحول لافان" الاعتياد عليها، وهي أن "نتنياهو يؤجل دائما كل شيء إلى اللحظة الأخيرة".
وأضافت أن "هذه كانت أيضا مذاقا من الديناميكية المتوقع أن تميز العلاقات بين الجانبين في الحكومة المشتركة، التي ستتشكل الأسبوع المقبل، إن لم تحدث مفاجآت. فبإمكان نتنياهو أن يطالب بأي شيء يريده، ولن يكون أمام غانتس خيارات كثيرة في الرد، أو مثلما صاغ ذلك قيادي في الليكود: ’أكثر شيء مستقر في هذه الحكومة هو أنه ليس لدى كاحول لافان بديلا آخر’".
ولفتت شاليف إلى أن نتنياهو، ومن أجل توفير عدد كاف من المناصب في الحكومة والكنيست لكي يوزعها على أعضاء الليكود، فإن "قسّم المناصب إلى شظايا. ويتوقع أن يرأس لجنة القانون والدستور في الكنيست ثلاثة أعضاء كنيست وسيتولى كل واحد منهم ثُلث ولاية في المنصب. وسيتقاسم كل وزيرين حقائب الأمن والخارجية والمواصلات والطاقة وحماية البيئة، لولاية تمتد لسنة ونصف السنة".
وأضافت أنه "للوهلة الأولى لا أحد لديه القدرة لتهديد نتنياهو، لكن في وضع يكون فيه خصومه الكبار من خارج الحكومة، أفيغدور ليبرمان ويائير لبيد وموشيه يعالون وينضم إليهم الآن نفتالي بينيت وعلى ما يبدو غدعون ساعر أيضا، فإن آخر شيء يحتاج نتنياهو إليه هو معارضة داخلية مدوية".
من جانبه أنهى غانتس توزيع الحقائب على أعضاء حزبه، بحيث سيحصل جميع أعضاء الكنيست من حزبه على مناصب وزارية ورئاسة لجان في الكنيست. وأشارت شاليف إلة أنه "لم يتبق لغانتس سوى أن يأمل بألا تظهر نزوات جديدة من جانب نتنياهو حتى موعد تنصيب الحكومة".
"نتنياهو قرر تاريخ انتهاء صلاحيته"
رأى المحلل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية، ماتي توخفيلد، أنه "لابما يكون توزيع الحقائب الوزارية مجرد مؤشر على خلل أكبر بكثير، والذي في أعقابه تشكلت الحكومة بشكلها الحالي. لم يكن هناك وزير في الليكود تقريبا، الذي لم يتساءل في الأسابيع الأخيرة إلى أين يجري نتنياهو. لماذا هذا السياسي الأكثر دهاء يسارع إلى التوقيع (على اتفاق ائتلافي) مع غانتس، بعد أن نزع الأخير عنه كافة كنوزه وكتلته وشق كتلته الكبرى، لتشكيل حكومة متساوية وفيما كلا جزئيها بعيدان عن كونهما متساويين، والتنازل بالكامل عن الإصلاحات في جهاز القضاء ووسائل الإعلام، ومنح مندوب اليسار الحكم بعد سنة ونصف السنة، وكل هذا فيما بالخلفية تُنشر استطلاعا تتوقع فوزا هائلا لليمين".
وألمح توخفيلد إلى أن نتنياهو وصل إلى نهايته، برأيه. "كان نتنياهو الحصان الفائز لليمين. لكن منذ أن وضع رئيس الحكومة، على ما يبدو، تاريخ انتهاء صلاحية لنفسه، تسبب عمليا بفقدان الذخر الأثمن له. وعندما تبدأ الهالة تعتم، يبدأ الوزراء في الليكود بالتفكير في اليوم التالي. في اليوم الذي سيضطرون في إلى الوقوف بقواهم الذاتية والمنافسة على مكانهم من دون علاقة بمسألة ما إذا أيدوا نتنياهو أم لا".
وأضاف أن "الأمور بدأت تتفتت، وأبكر مما هو متوقع. والسياسيون يشمون ضعفا. وعندما يتم المس بهم شخصيا، فإن الأنا أيضا يبدأ بالعمل ويدمر العلاقات التي كانت سليمة حتى قبل وقت قصير. وبتشكيل هذه الحكومة، اقتنى نتنياهو لنفسه عدة خصوم من داخل حزبه وهو يضرّ بنفسه بالأساس".