تتساءل الأمهات -خصوصا الحديثات منهن- عما إذا كان هناك زر سحري يمكن الضغط عليه فيجعل أطفالهن مثاليين يلتزمون بحدود الأدب، ويستخدمون الكلمات اللائقة ولا يصرخون ولا يتعاركون ولا يكذبون، وينجزون فروضهم بسهولة، ويشاركون في أعمال المنزل دون جدل.
وبدلا من الزر السحري تتميز بعض الأمهات باستخدام ذكائهن العاطفي والاجتماعي والأمومي لجعل الأبناء أكثر حبا وتفهما والتزاما.
الثقة والاحترام
تقول وسيلة -وهي معلمة في إحدى مدارس الدوحة- "أحيانا أعرف أن ابني لا يقول الحقيقة، أو أنه يخفي عني أمرا ما، ولكنني أحافظ على صورته أمامي -شخصا أثق به- فلا أواجهه بالأمر، واتركه حتى يعترف وحده، فلا أكسر له عزة نفسه ورصيد الصدق بيننا".
وتشرح نظريتها في التربية قائلة إنه "عندما تكسرين الثقة بينك وبين الأبناء وتواجهينهم بعدم وضوحهم أو كذبهم، مرة بعد مرة لن يخشوا القيام بأفعالهم المشينة علنا، ضاربين برأيك عرض الحائط، ولكنني أفضل مع أبنائي فكرة تعزيز ثقتي بهم واحترامي لهم، وهذا يجعلهم يتصرفون على قدر هذه الثقة وهذا الاحترام".
أما شيماء -وهي معلمة أيضا هاجرت إلى أستراليا- فتقول "حينما تأتيني صغيرتي وأكون وحدي وتتعمد سؤالي بكل عشم: من تحبين أكثر، أنا أم أخوتي؟ أقول لها: أنت طبعا، فهي صغيرة جدا وتحتاج أن تشعر أن لها مخزونا كافيا ومميزا من الحب لدي، فلا أحبطها بقولي إن الجميع سواسية، فهي إن لم تكن بحاجة إلى الشعور بالحب لم تكن لتسأل هذا السؤال".
وتضيف شيماء أنه "من المهم قراءة الموقف جيدا قبل الرد على أسئلة الأطفال، فنعرف احتياجاتهم في هذه اللحظة ونحاول إشباعها لهم، وبالطبع أقوم بذلك مع كل واحد من أبنائي، فإن جاء أخوها في موقف مماثل وسألني: هل أعددت هذا الطعام لأنه المفضل لدي؟ فسأجيبه: بالطبع، فعلت ذلك كوني أحبك كثيرا"، وتابعت "لا أتوانى عن تأكيدي لهم أن هناك حبا خاصا مميزا لكل واحد منهم، هدفي الأول هو إسعادهم".
بعض الأمهات يتميزن باستخدام ذكائهن العاطفي والأمومي لجعل الأبناء أكثر حبا (غيتي)
أهمية الوقت
ويقدم كل من الكاتب ديفد سبارو وماريون وينيك على موقع "بيرنتس" بعض النصائح للأمهات فيما يتعلق بهذا الشأن:
- أهم شيء في اليوم بالنسبة للأبناء هو وقت الاستيقاظ من النوم ووقت الذهاب إليه، إذا بدأ اليوم وانتهى بالتعبير عن بعض كلمات الحب والعناق الخفيف وكثير من الضحك فإنه ربما سيمر باقي اليوم بسلام، لأنك قد منحتيهم الطاقة الإيجابية والعاطفية التي تجعلهم قادرين على الانتهاء من التزاماتهم.
- تخصيص وقت لاستقبال الأبناء عند عودتهم من المدرسة أو من أي نشاط خارجي، لأنهم يكونون بحاجة لمن يستمع إلى إنجازاتهم أو من يدعمهم بسبب موقف مزعج تعرضوا له، كتنمر من زميل أو شعور بالعجز لعدم معرفة كيفية الدفاع عن أنفسهم، أو لأنهم خسروا صديقهم الوحيد، أيا كان الموقف يجب أن تكوني منتبهة وأن تعرضي المساعدة في الوقت المناسب.
- الاهتمام بالاحتياجات المختلفة للأبناء، كل ابن له شخصيته المميزة ونقاط ضعفه التي يعاني منها، اكتبي في دفتر الملاحظات الخاص بك الهدف الذي تودين تحقيقه مع كل ابن مصحوبا بالخطوات العملية، أحدهم يحتاج تعزيز ثقته في نفسه، والآخر لديه مشكلة في تكوين الصداقات، وثالثهم يحتاج إلى تعلم التواضع، ويمكنك تجديد هذه الأهداف مع كل مرحلة وكلما استدعت الحاجة.
العراك المتواصل بين الأخوة من أصعب الأمور التي تواجهها الأمهات حينما يصبح هدفا في حد ذاته، لذا استثمري أفضل الأفكار للتقريب بينهم منذ البداية، اجعليهم يحبون بعضهم البعض كثيرا، ويعتمدون على طلب المساعدة من بعضهم البعض، وإنجاز المشروعات الجماعية كفريق عمل.
ربما يمكنك اختلاق بعض التكتيكات لفعل ذلك عندما تختلفين في وجهة النظر مع أحد أطفالك وتجدينه لا يستمع إليك، اطلبي خلسه من الأخ أو الأخت الكبرى أن يتدخل بالنصح، وأن يرشد الابن الغاضب إلى كيفية تبني موقفك بأفضل طريقه، كأن يقول له مثلا "أفضل طريقة للخروج من هذا الموقف وتجنب العقاب هو أن تعتذر مباشرة"، أو "اكتب رسالة جيدة اشرح فيها مشاعرك وأرسلها إلى والدتك، وسترى أن الأمور ستتحسن".
من المهم جدا أن يكون هناك بروتوكول للمنزل، ضعي القواعد وحدديها مع أطفالك منذ الصغر، أن يكبروا على وجود قواعد وثواب وعقاب أفضل من البدء متأخرا، كذلك حافظي على اتساقك مع قواعدك، وتأكدي من أنها عادلة، وأنك ملتزمة بتطبيقها على الجميع.
كوني موجودة للإجابة عن جميع الأسئلة، خصوصا أسئلة "لماذا" اللانهائية، صحيح أن قول هذا أسهل من فعله، لكن الأطفال الصغار لديهم فضول لمعرفة كل شيء في عالمهم، إذا توقفت عن الرد على استفساراتهم فقد يتوقفون عن السؤال.
احتفظي بعدد من الهدايا البسيطة والقيمة التي تعرفين أنها تسعد أبناءك بشدة بداية من الشوكولاتة وليس انتهاء بساعة يد جميلة يتمنى أحدهم الحصول عليها، وليس هناك أجمل من الاحتفاظ بنسخة مطبوعة من صور كل طفل في ألبوم خاص به، منحه هذا الألبوم سيتسبب له في سعادة غامرة، ولا تنسي أن تقدميه مع ملاحظة "كم أعشق مشاهدتك تكبر"، ولا تتجاهلي الضحك في حياتكم، فالضحك الشديد مع الأطفال هو أحد أفضل أسرار الأم السعيدة جدا.